قضى المغرب وإسبانيا الأسبوعين الماضيين في مواجهة قرار مدريد بالسماح لزعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، بالعلاج من “كوفيد -19” في مستشفى إسباني تحت مسمى “دواعي إنسانية”، ورغم مغادرته البلاد كما دخلها، إلا أنّ الفجوة الدبلوماسية تتسع، وتداعياتها ستؤثر على جميع المستويات والقطاعات.
صحيفة “إل كونفيدنشال” ، في افتتاحية لها يومه (الأحد) حدّدت مفاتيح الأزمة الإسبانية المغربية، واستفسرت ، عن “سر” اهتمام المغرب الكبير بهذه المنطقة الصحراوية ذات الكثافة السكانية المنخفضة، ولماذا يدافع الآن بقوة على قضية الصّحراء؟.
وقالت الصحيفة الإسبانية، الواسعة الإنتشار، إنه في الواقع ، كان رد المغرب الأولي هو فتح أبوابه للسماح لآلاف المهاجرين بعبور الحدود عبر جيب سبتة، الواقع على الساحل المغاربي، لافتة إلى أنه على الرغم من انتهاء الأزمة في غضون أيام قليلة، إلا أن سببها في المقام الأول لا يزال دون حل.
وأوضحت القصاصة الإخبارية، أنّ هذه القطعة الصغيرة من الصّحراء مهمة للغاية للمغاربة لأنها الطريق الرئيسي للتجارة مع بقية دول إفريقيا عبر تراب موريتانيا، حيث تم إغلاق حدود المغرب الأطول بكثير مع الخصم الجزائري الإقليمي، الذي يدعم جبهة البوليساريو، منذ ما يقرب من 30 عامًا.
ولفت المصدر ذاته، إلى أنّ المغرب يحتاج إلى معادن القابعة في الأراضي الصحراوية، لا سيما ثرواتها من الفوسفات الصخري، بما في ذلك الودائع المقدرة من الأراضي المتنازع عليها، والتي يقوم المغاربة بالفعل بالتنقيب عنها في المناطق التي يسيطرون عليها، علما أن المغرب يمثل ثلاثة أرباع احتياطيات العالم من هذا المعدن النادر المستخدم في صناعة الأسمدة الاصطناعية للزراعة.
ينضاف إلى ذلك، الثروة السمكية، حيث أنّ المغرب، حسب الصحيفة، حريص على مشاركة الخيرات السمكية مع قوارب الصيد التابعة للاتحاد الأوروبي مقابل رسوم مجزية.
وأضافت، أنّ الاتفاقية التجارية الواسعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي تأجلت منذ 2018 بسبب الخلاف على الوصول إلى مياه الصحراء، علاوة على ذلك، يردف المصدر ذاته، إذا كانت هناك أسماك، فربما يكون هناك أيضًا نفط وغاز في البحر لا يزالان غير مستغلين.
وخلال الأسابيع الأخيرة من إدارة ترامب، أصبحت الولايات المتحدة أول دولة عضو في الأمم المتحدة تعترف بمطالبة المغرب بالصحراء ، مقابل إستئناف العلاقات مع إسرائيل، حيث كان اعتراف أقوى دولة في العالم انتصارًا عظيمًا للرباط.
وترى الصحيفة الإسبانية، أنّ هذا الاعتراف منح المغرب الثقة والقوة لإثبات مدى قدرته على الضغط على الدول الأخرى لفعل الشيء نفسه، لا سيما إسبانيا والاتحاد الأوروبي بشكل عام، لافتة إلى أنّ للمغرب الآن اليد العليا، كما فعلت تركيا في كثير من الأحيان عندما قامت بـ”تسليح” المهاجرين للحصول على ما تريده من الأوروبيين.
وأكدت الصحيفة، على أنّ مشكلة إسبانيا والاتحاد الأوروبي هي أنهم بحاجة إلى المغرب أكثر مما يحتاجه المغرب، وبالنسبة لإسبانيا، فإن التعاون المغربي ضروري للحد من تدفق المهاجرين الأفارقة إلى حدودها، ومن جانبه، يشعر الاتحاد الأوروبي بقلق عميق بشأن المهاجرين الذين يستخدمون إسبانيا كنقطة انطلاق لدخول دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.
كما ترغب بروكسل، تضيف الصحيفة الإسبانية، توقيع اتفاقية تجارية مع الرباط تشمل مناطق صيد في الصحراء للتعويض عن حقوق الصيد التي فقدها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وأشارت، إلى أنه من المفترض أنّ المغرب يوافق عن طيب خاطر على المساعدة في حماية الحدود الإسبانية والسماح لسفن الاتحاد الأوروبي بالصيد في مياهه، مقابل دعم الاتحاد، لكن هذا الدعم لم يعد كافيا، بالنسبة للرباط، فإن السيادة الكاملة على الصحراء هي قضية وجودية مثلها مثل الهجرة غير الشرعية إلى مدريد وبروكسل.
وخلصت الصحيفة، إلى أنّ الحكومة اليسارية الحالية في إسبانيا لا تستطيع تحمل أزمة هجرة أخرى تمنح المزيد من الذخيرة لحزب “فوكس” اليميني المتطرف المناهض للهجرة، وأن الاتحاد الأوروبي تعلم الدرس بعد التعامل مع تركيا في أزمة الهجرة، موضحة أن تأثير المغرب في كلتا القضيتين يعني أنه بالنسبة للبلدان الأوروبية، فإن سعي الصحراويين لتقرير المصير سوف يتراجع بشكل شبه مؤكد.
تعليقات الزوار ( 0 )