قرّر مهنيو بريد المغرب الدخول في إضرابٍ مفتوحٍ عن العمل، منذ 9 أيامٍ، بسبب ما أسموه بتعنت الإدارة المركزية في الاستجابة للمطالب المرفوعة من قبل الموظفين، وعلى رأسها الزيادة في الأجور، وإخراج النظام الأساسي للقطاع إلى الوجود، إضافة إلى الحلّ النهائي لمشكل الخصاص في الموارد البشرية.
وتسبب الإضراب في وضع الإدارة المركزية لمؤسسة بريد المغرب في صدامٍ مباشرٍ مع المواطنين، الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على الانتظار لفترة غير محدّدة بغية قضاء أغراضهم، سواء تلك المتعلق بسحب أو وضع الأموال، أو الخدمات المرتبطة بالإرساليات، ما دفع فئة منهم للاحتجاج أمام الوكالات في عددٍ من مدن المملكة.
وردّاً على ما أسموه تخاذلاً من مؤسسة البريد، وإضراراً بالمصالح العامّة للمغاربة، قررت شريحة واسعة من المواطنين البحث عن بدائل لإرسال الطرود، وهو ما استغلته شركات الإرساليات الخاصّة، التي كثفت من جهودها وحملاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة في مجموعة “أمانة” التابعة لبريد المغرب، وذلك بغية لستقطاب زبناءٍ جددٍ من الغاضبين على “Poste Maroc”.
ودعا مجموعة من المواطنين في تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مقاطعة “أمانة”، بسبب الشلل التامِّ الذي مسّها عقب إضراب الشغيلة، وهو ما استغلته عدد من الشركات الخاصّة، التي تعمل في توصيل الطرود والإرساليات، عبر منشورات إشهارية، تهدف لإقناع الزبناء المحتملين بإرسال الطرود عبرها.
واستهدفت حملات شركات الإرساليات الخاصة، المشتغلين في التجارة الإلكترونية، بدرجة أولى، باعتبارهم الأكثر حاجة للتوصيل الطرود، كما أنهم الفئة الأكثر استعمالاً لهذه الخدمة، وهو ما ساهم في كسب بعض الأشخاص، على حد ما كشفه مصدرٌ مطّلع لـ”بناصا”، حيث قال إن الزبناء الجدد لشركات التوصيل الخاصة، ارتفع منذ الـ 6 من يناير الجاري.
وفي تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي، أوضح إبراهيم حسون، بأن شركة أمانة، لديها العديد من العيوب، حتى قبل الـ 6 من يناير، مشيراً إلى أنه سبق وأن اشتغل معها، غير أنه انضم لاحقاً للشركات الناشئة في خدمات التوصيل، والتي، حسبه، تتوفر على موزعين في أغلب مدن المغرب، باستثناء بعض البوادي البعيدة.
وتابع الشخص نفسه، بأن الشركات الناشئة، لديها خدمات جيدة وأثمنة مناسبة، ويوصلون الإرساليات إلى غاية منزل الشخص المعنيّ، عكس أمانة التي لابد من التوجه إلى الوكالة لسحب الطرد، في حال كان المُرسل إليه لا يتوفر على عنوان، مع نسبة ضئيلة لإعادة الطرد، مع إمكانية الدفع عند التسليم.
واسترسل حسون، بأن المواطنين لا يعلمون هذه الأمور، بالرغم من تأكدهم بأن هناك العديد من المشاكل في أمانة، التي تتأخر إرسالياتها بشكل كبير، وتصل لأكثر من أسبوعٍ، بالرغم من أن المسافة بين المدن المرسل إليها في بعض الأحيان، لا تتجاوز الـ 70 كيلومتراً، إلا أن اسم المؤسسة يظلّ الأشهر، وهو ما يدفع الأشخاص للتعامل معها بدرجة أولى، حسبه.
ودعا الشخص نفسه، في التدوينة ذاتها، إلى تجريب شركات إرسال خاصّة، من أجل معرفة الخدمات والفرق بينها وبين أمانة، لأنها جاءت، حسبه، لتحلّ مشاكل الزبناء التي يعانونها مع الإرسال العمومي التابع لبريد المغرب، في الوقت الذي ظلّت أمانة تعاني من نفس المشاكل منذ فترة طويلة، دون أن تقوم بتحسينها، وعلى رأسها تأخر وصول الإرساليات.
وفي الجانب المقابل، حاول عدد من البريديين تهدئة غضب المواطنين، وما وصفه البعض بالهجرة الجماعية لهم من أمانة إلى شركات الإرسال الخاصّة، عبر نشر تدوينات تؤكد بأن خطوة الإضراب جاءت لخدمة مصالح المغاربة، حيث كتب إدريس أبو هيثم رشيد، في تدوينة عنونها بـ”رسالة للشعب المغربي”، بأن “جزءاً كبيراً من الملف المطلبي للشغيلة البريدية هو من أجلكم، بل لصون كرامتكم”.
وأبرز الشخص نفسه، بأنه “لا يشرفنا نحن مستخدمي بريد المغرب، أن يقف مواطن مغربي شريف أمام وكالة بريدية لساعات دون قضاء حاجاتكم بسبب الخصاص المهول في الموارد البشرية”، مردفاً: “لا يشرفنا كبريديين أن تتأخر طرودكم لا لشيء فقط لأن الموزع يغطي مساحة أكبر من اللازم كي يضمن حقه في العطلة باقتسام جولاتٍ أو التناوب عليها”.
وأكد بأن المهنيين لا يشرفعهم “تعطيل مشاريع الشباب لإرسال طرود التجارة الإلكترونية بسبب النقص المهول بالموارد البشرية”، كما، يتابع الشخص نفسه: “لا يشرفنا كبريديين أن يستقبلكم أحد موظفينا بوجه لامتكدر بسبب اقتطاع مسؤول لحقه في منحة المردودية بسبب ممارسة حقه في الإضراب عن العمل من أجل نلف مطلبي مشروع”.
واختتم إدريس تدوينته التي نشرها في مجموعة أمانة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، بغيةَ تهدئة غضب المواطنين من توقف الوكالة عن الاشتغال بالقول: “إخواننا المغاربة الشرفاء، إن جلّ مطالبنا تصب في مصلحة صون كرامتكم، وتحقيق خدمة تليق باسم الشعب المغربي العظيم”، على حد قول المصدر.
ونبه الشخص نفسه، في تدوينة أخرى، إلى ضرورة علمِ المواطنين بأنهم زبناء لدى مؤسسة بريد المغرب، وليس لدى موظفي بريد المغرب، لذا فإن المشكلة الناجمة عن إضراب الشغيلة، مرتبطة بالإدارة المركزية، التي تجني أرباحاً طائلة من معاملاتها، ومن حق المتضررين الاحتجاج عليها بشتى الطّرق، أما الموظفون، فيخوضون إضراباً لوجود مشكلة بينهم وبين الإدارة، وكلّ يوم إضرابٍ، يعني اقتطاعاً من أجرهم، وفقه.
يشار إلى أن الشغيلة البريدية، دخلت في احتجاجات منذ عدة شهور، من أجل تحقيق نقاط الملفّ المطلبي، الذي يأتي على رأسها، الرفع من الأجور بناء على اتفاق الـ 24 من شهر أبريل 2019، وحلّ مشكل الخصاص المهول في الموارد البشرية، إضافة إلى إخراج القانون الأساسي المنظم للقطاع، إلى الوجود.
تعليقات الزوار ( 0 )