يعلق سكان الجهة الشرقية بالمغرب، آمالهم على الحراك الشعبي الذي تعرفه الجزائري منذ الـ 22 من فبراير سنة 2019، والذي توقف في مارس الماضي، بشكل مؤقت، بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، من أجل أن يكون سببا في لم شمل العائلات التي افترقت مكرهة، لسنوات طويلة.
وتعيش العشرات من الأسر في الشرق المغربي والغربي الجزائري، منفصلة عن عائلاتها المتواجدة في الجهة المقابلة، بسبب قرار إغلاق الحدود، الذي جاء على خلفية تفجيرات فندق إسني بمراكش، والذي أعقبه فرض المملكة للتأشيرة على الجيران الشرقيين، لترد الأخيرة بإغلاق الحدود من جانب واحد.
وبالرغم من إلغاء التأشيرة بين البلدين فيما بعد، إلا أن الجزائر ترفض لحد اليوم، فتح الحدود مع المغرب، حيث سبق للرئيس الحالي للجارة الشرقية، عبد المجيد تبون، أن صرح قبل شهور، بأن على المملكة الاعتذار على اتهام الجزائريين بالإرهاب، وبعدها يمكننا الحديث عن فتح المعابر الحدود، إلى جانب اتهامه في نفس التصريح، للمغرب بتلقي أوامر من بلدان أوروبية.
وعقب إغلاق الحدود، ظلت العديد من الأسر المغربية الجزائرية بعيدة عن بعضها، حيث يتعين على الراغبين في التوجه لرؤية عائلاتهم السفر عبر الطائرة، من مطار وجدة – أنجاد، صوب إحدى مدن الجارة الشرقية، وهو ما يصعب على الأشخاص تحمل تكاليفه، في ظل أثمنة التذاكر الباهظة، والتي تصل في بعض الأحيان لحوالي 6000 درهم.
وفي هذا السايق، قال أحمد، القاطن بضواحي مدينة الناظور، في تصريح لجريدة “بناصا”، إن “خالته، تزوجت من جزائري في خمسينيات القرن الماضي، واستقرت في الجارة الشرقية، وخلال المرحلة التي كانت فيها الحدود مفتوحةً، كانت عائلاتنا تلتقي في كل مناسبة”، موضحاً:”خالتي كانت تأتي إلينا رفقة أبنائها وبعض جيرانهم الجزائريين، في عربة كبيرة ويبقون معنا لأيام طويلة قبل المغادرة”.
وأضاف، بأن “علاقتنا بالجزائر أكبر بكثير من مجرد بلد جار، بل هي تشبه بروابطنا بأفراد العائلة، لأنه فعلا نحن عائلة”، مستطرداً:”بعد إغلاق الحدود، كانت هناك نقاط مفتوحة وتسمح بمرور الأشخاص، وكانت خالتي تأتي إلى حدود منتصف العقد الأول من الألفية الحالية، غابت الخالة قبل أن تتوفى أمي، وبعدها نسمع عن وفاة خالتي في الهاتف فقط، لتنقطع العلاقة بين العائلة المغربية ونصفها الجزائري”.
واسترسل المتحدث نفسه، بأنه “لم يسبق لي أن رأيت أبناء خالتي منذ كنا صغارا، الآن وعمري جاوز الـ 50، وعلى الأرجح حاليا سيكون ابن خالتي الأكبر في السبعين، والأصغر أقل مني بحوالي أربع سنوات، ولكني قطعا يستحيل أن أعرفهم إن صادفتهم، لأن علاقتنا انقطعت قبل وسائل التواصل الاجتماعي والتراسل الفوري التي سهلت المأمورية بين الكثير من العائلات البعيدة عن بعضها”.
وأعرب المتحدث نفسه عن أمله في أن يؤتي الحراك الجزائري أكله، وتسقط الدولة العسكرية، التي “أغلقت الحدود، وعذبت الأسر المكلومة بالابتعاد عن عائلاتها الكبيرة، من أجل أن تعود العلاقة كما كانت، ويلتقي الأحباب من جديد، ويتم لمّ شمل المئات ممن غيبتهم الأقدار عن بعضهم البعض”، وفق تعبيره.
الشعور الذي عبر عنه أحمد يشاركه فيه المئات من سكان الشرق المغربي، الذين لا تفصل بعضهم عن عائلته في الجهة المقابلة سوى 200 متر، غير أنه يضطر للسفر لمئات الكيلومترات مع تكاليف قد تصل في أحيان كثير لحوالي مليون سنتيم، من أجل رؤية أقربائهم، والأمر نفسه ينطبق على سكان الغرب الجزائري، الراغبين في زيارة عائلتهم في المملكة.
ويطالب الشعب الجزائري، الذي خرج في حراك “22 فيفيري”، بدولة مدنية، بدل العسكرية، القائمة في البلاد منذ الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي سنة 1962، والتي يمسك بزمام الحكم فيها جنرالات الجيش؛ محمد مدين الملقب بالجنرال توفيق، والسعيد شنقريحة قائد الأركان، وبن علي بن علي، بالإضافة إلى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
ومن شأن إنهاء الحكم العسكري في الجزائر، تحسين علاقتها بالمغرب، في ظل أن النظام الحالي، يواصل عداءه للوحدة الترابية للمملكة، ودعمه الصريح واللامشروط لجماعة الرابوني الانفصالية، وهو ما استشعره الشارع الجزائري، الذي باتت تروج في أوساطه أحاديث عن اعتزام النشاط رفع مطلب طرد البوليساريو وإيقاف دعمها، لأنها حسبهم تستزف البلاد دون أن تقدم أي شيء للشعب.
تعليقات الزوار ( 0 )