واهم من يعتقد أن إسرائيل فرحة بسقوط نظام بشار الأسد، وغبي من يصدق تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التي قال فيها بأن نهاية حكم بشار الأسد حدث تاريخي، لأن تحركات إسرائيل التي أعقبت سقوط دمشق في يد الثوار، وعدوانها على سوريا من خلال احتلالها للمنطقة العازلة وأجزاء مهمة من مدينة القنيطرة الحدودية، وقصفها لعدد من المنشآت الأمنية والعسكرية بدون أي وجه حق، حجج دامغة على أن الاسرائيلي غير مطمئن لما يحدث في سورية، وغير مطمئن لمخرجات صفقة تحرير سوريا من الحكم الأسدي، وخائف من المجهول، لاسيما، بعد أن باركت حركة حماس التغيير الحاصل في سوريا وهنأت الشعب السوري باستعادة حريته!
لو كان بشار الأسد ونظامه يشكلان تهديدا لأمن إسرائيل القومي، لكانت هذه الأخيرة قد تخلصت من حكم البعث السوري قبل ميلاد بشار الأسد، ولما بقي والده حافظ الأسد في الحكم لمدة ثلاثة عقود من الزمن!
إسرائيل فقدت في سوريا نظاما جبانا اختبرت مناعته العسكرية مند احتلالها لهضبة الجولان دون أن يستطيع هذا النظام الفاشي إطلاق رصاصة واحدة على الكيان الصهيوني من قبل جيشه المجرم الذي نكل بالسوريين في أقبية السجون وترك الاسرائيلي يتبول على الجولان السوري بكل أريحية لعقود من الزمن!
لماذا قصفت إسرائيل مواقع عسكرية وأمنية في غمرة انشغال الشعب السوري وفرحه بسقوط نظام الطاغية بشار الأسد ولم تقصفها عندما كان هذا الجبان يحكم سوريا بالحديد والنار؟ ما الذي يفسر تحرك قوات سورية الديمقراطية في شرق سوريا بالتزامن مع تحرك جيش الكيان الصهيوني في اتجاه المنطقة الحدودية؟
الأحداث المتوالية تؤكد على أن ما حدث في سوريا فرض على إسرائيل وقد تم باتفاق أمريكي وتركي مع إعطاء ضمانات لروسيا وإيران وفق ترتيبات ستتضح لاحقا بدون شك والدليل على ذلك أن دخول الفصائل المسلحة الى جل المحافظات كان سلسا ولم يواجه بأي أعمال عسكرية من قبل الجيش السوري وحلفائه من الروس والايرانيين باستثناء بعض المناورات العسكرية المحدودة في الجو والبر!
لو لم يكن هناك اتفاق مسبق على تحييد الرئيس بشار الأسد من طرف القوى الدولية والاقليمية الوازنة في المنطقة لتطلب تحرير محافظة حلب لوحدها شهورا من الاقتتال الدموي الطاحن فبالأحرى السيطرة على المحافظات ذات الحساسية الكبرى بالنسبة لإيران والعراق وإسرائيل نفسها!
خيرا فعل الروس والايرانيين، وخيرا فعل الأمريكان والترك، بعد أن ضمنوا خروجا آمنا للطاغوت، مقابل التنحي الذي فرضته صفقة اللاعبين الكبار في رقعة الشرق الأوسط ، وإلا فإن هذا النظام كان سيدمر كل شيء في سوريا، وكانت ستسيل انهار ووديان من الدم في سوريا، وكان الشعب السوري سيكون هو الضحية الأكبر مرة أخرى!
الموقف المبدئي يقتضي دعم حرية الشعب السوري الذي عانى الويلات، ورفض الاستبداد، ومنع استعمال القوة في العلاقات الدولية، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ومحاكمة المجرمين في إطار ما تسمح به قواعد القانون الدولي لكي لا يكون هناك إفلات من العقاب، ومعالجة الوضع الحقوقي داخليا وفق مبادئ العدالة الانتقالية كما فعلت العديد من الدول في إطار المصالحات الوطنية!
وعليه، فإن الاولوية اليوم في سوريا، هي تسريع عملية تسليم الملفات والسلط، وتجميع الأسلحة ومصادرتها، وحل البنية الفوقية للاجهزة الأمنية والاستخباراتية دون المساس بالبنية التحتية أو السفلى، وعدم التفريط في الجيش السوري مع حصر لائحة المسؤولين الكبار الذين تلطخت اياديهم بالدماء حتى لا تسقط الدولة، وإلغاء قوانين الارهاب، وضمان استمرارية المرافق العامة من خلال إدارة سياسية أو حكومة لتصريف الأعمال.
تعليقات الزوار ( 0 )