Share
  • Link copied

أخطاء دبلوماسية دمرت المستقبل السياسي لرئيس فريق “البام” بمجلس النواب

سخريته من بلده ومطالبة رئيس الحكومة بتلقي دروس الدعم من الفرنسيين.. أخطاء أبو درار الدبلوماسية القاتلة التي عجلت بإزاحته من على رئاسة فريق البام بمجلس النواب.

تفاعلا من جريدة “بناصا” مع تداعيات إقالة محمد أبودرار من منصب رئيس فريق البام بمجلس النواب، من قبل الأمين العام للحزب عبد اللطيف وهبي، بمبرر ارتكابه لـ”مجموعة من التصرفات الفردية غير المقبولة..والتي تهم التدبير اليومي والسياسي للفريق”؛ ولأجل تسليط مزيد من الضوء، فإن هناك أخطاء دبلوماسية قاتلة لا يرتكبها مبتدئ في السياسة بله رئيس فريق برلماني للقوة السياسية الثانية في البلاد.

وهذه التدوينات كان قد كتبها أبو درار بعد مشاركته في وفد برلماني دبلوماسي إلى البرلمان الفرنسي  “الجمعية الوطنية الفرنسية”، وهي تدوينات عبارة عن رصاصات أطلقها أبو درار على رجليه وهي من أفقدته رئاسة الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة.

في تدوينة له على صفحته الفيسبوكية، تحت عنوان: “شاي المساء.. خواطر من باريس”، تجرأ رئيس فريق البام محمد بودرار على الكلام، بعد أن صدق نفسه كونه أصبح رئيسا لثاني فريق نيابي، وشرع في الخبط والضرب ذات اليمين وذات الشمال من دون أن يدرك ما يفعله، ربما مستفيدا من هواء الحرية بباريس التي وطأ تربتها في إطار زيارة دبلوماسية برلمانية، متجاهلا (بل جاهلا) ما تقتضيه الأعراف والتقاليد في مثل هذه المناسبات واللقاءات من تكتم ولياقة وآداب، حيث عمد إلى كشف كواليس ما دار من دردشة بين أعضاء الوفد الرسمي، غافلا عن كون حديث المجالس أسرار… وخالصا إلى توجيه دروس “باريسية” لبلده وللعديد من الوزراء المغاربة وعلى رأسهم رئيس الحكومة.

  لا نريد أن نركز هنا على الأخطاء اللغوية النحوية والإملائية لهذه التدوينة التي لا تتجاوز بضعة أسطر (أحصينا 32  خطأ لغويا من دون احتساب التعبيرات الدارجة، علما أننا لا ندعي إتقان اللغة العربية)، ولا على الأخطاء التعبيرية الدالة على هزالة بيّنة في تملك ناصية اللغة وركاكة مخجلة في الأسلوب… بقدر ما نرغب في كشف النقاب عن ضحالة التكوين المعرفي والسياسي لهذا الرئيس الذي كان قد نزل على نائبات ونواب البام من فوق، حتى أنهم  لم ينتخبوه ولو بالتصفيق.

وعوض أن يعمد هذا الرئيس إلى تنوير الرأي العام بخلاصات الحوار الذي جمع “وفده الرفيع المستوى” بالبرلمانيين الفرنسيين، وينقل الأفكار التي عرفها هذا اللقاء ويقارنها بما يجري ببرلماننا من تنابز عقيم، اكتفى بودرار بنقل القشور التي لا تسمن ولا تغني من جوع، من قبيل التركيز على كيفية نقل الوفد من المطار إلى مقر إقامته، وانتقاد الفرنسيين الذين لم يولوا العناية الكافية لهذا “الوفد الرفيع المستوى” الذي تم حشره في “سطافيط.. عوض سيارات الليموزين أسوة بما نقوم به تجاه ضيوفنا” على حد تعبيره. إضافة إلى تبخيس جواز السفر البرلماني المغربي، الذي “أصبح حمله يشكل عبئا إضافيا”،  ومطالبته وزارة الخارجية بتغييره والانكباب فورا على توفير جواز سفر دبلوماسي للبرلمانيين المغاربة “أسوة بجميع البلدان”. ومعرجا على إضرابات ذوي السترات الصفراء بفرنسا الذين تعوضهم النقابات… ساخرا من كون بلده المغرب يقوم بذات الشيء.

وعقب ذلك، سيلجأ عضو “الوفد الرفيع المستوى” إلى تسليط الضوء على ولوجه الفندق الذي لم يخبرنا عن نوع تصنيفه وعدد نجومه، بل اكتفى بالحديث عن أمر شخصي جدا كي يكشف لنا عن تقواه وورعه المكينين، وهنا سنكتفي بإيراد كلامه حرفيا: “أخدنا قسطا من الراحة بالفندق، كانت مناسبة لجمع صلوات النهار والليل بسبب السفر … حينها تذكرت نصيحة الوالد … الخدمة اللي تخليك تجمع الصلاة ما فيها بركة ) … لا أدري هل دبلوماسيتنا الموازية فيها البركة ام لا؟”.. وللقارئ أن يتأمل حجم هذا الإسفاف الذي بلغه من غدوا ممثلين لأمتنا بل ومسؤولين تبعث بهم الدولة للحديث والتفاوض باسمنا في اللقاءات الدولية. وبالنسبة للمأكل والمشرب، فقد أخبرنا هذا الرئيس بأن “العشاء كان لوحات فنية مقدمة في أطباق نابليون … دكشي غير تشوفو، تحشم تاكلو… عكسنا تماما … المحمر أو المشوي … أو دكشي…”، محقرا بذلك ثقافة بلده، مرة أخرى ومن غير أن يدري، في تناقض صارخ بين ما يحياه وما يدعيه.

أما وقد انتقل صاحبنا إلى الخوض في الفكر والسياسة، فقد عرى بالملموس عن “سنطيحته” وجهله المطبق بما دار في ذلك النقاش، وإلا بم سنفسر قوله هذا “حيث كانت مداخلات الوفد المغربي (كتحمر الوجه)، ربما لأنها انسلخت من تجاذباتنا السياسية …رئيس مجلس الشيوخ كان متميزا…”، السؤال هو: ما الذي قاله وفدك الرفيع المستوى؟ ودع عنك ممارسة لعبة التزلف المقيتة… وكي يثبت لنا امتلاكه لعين ناقدة ومتفحصة أخبرنا بأنه تتبع عن كثب حركات المتدخلين الصادرة عن المسؤولين الفرنسيين (انتبهوا معنا فهو كان يتتبع الحركات فقط أما منطوق الكلام فلا يقدر على فك شفراته)، ليخلص إلى أن رئيس حكومة بلده السي العثماني بحاجة ماسة إلى دروس الدعم في “البرتوكول والإتيكيت الدبلوماسي”.. ويبدو هنا أنه قد نسي أن يبعث لرئيس الحكومة المغربية بعنوانه لتلقي دروس الدعم هذه.

 وفي الأخير، عبر مدوننا الرئيس عن استغرابه وشجبه للذين تدخلوا بلغة موليير، قائلا  “لا أستطيع فهم سبب إصرار البعض على إلقاء التصريحات والمداخلات باللغات الأجنبية وخاصة الفرنسية .. ضاربين عرض الحائط لغة بلدهم .. اللغة العربية…..أعتقد أن هذا الموضوع يحتاج لاجتهاد وقانون خاص يفرض على الجميع التقيد بلغة البلد، عربية كانت أو أمازيغية..”. الله أكبر .. فقد ظهر الحق وزهق الباطل .. ولعله الآن فقط سيدرك القارئ أن صاحبنا كان بمثابة “أطرش في الزفة”.

وهذا دليل قاطع على تركيزه على القشور كما سبقت الإشارة إلى ذلك قبلا، فعن أي دبلوماسية برلمانية نتحدث عندما تسند الأمور لغير أهلها..؟ لو كان الأمر يتعلق ببلدنا كنا سنتفهم استغرابه واقتراحه الغريب لأن اللغتين العربية والأمازيغية هما المنصوص عليهما دستوريا بالنسبة للمغاربة.. أما وأن الأمر يتعلق بزيارة دبلوماسية لبلد أجنبي (فرنسا)  فهذا هو العماء بعينه.. بقي أن نسألك أيها الرئيس الجهبيذ: ما معنى الدبلوماسية…؟ !! 

Share
  • Link copied
المقال التالي