تحاول الجزائر، التفاعل بشكل إيجابيّ، مع المتغيرات الجيوسياسية التي تعرفها منطقة الشرق الأوسط، من خلال إيجاد موضع قدم، وسط النظام الإقليمي الجديد الذي يتشكّل، بقيادة السعودية وإيران.
وفي هذا السياق، كشف موقع “مغرب إنتلجنس”، أن السلطات الجزائرية، قررت لعبة ورقة “إخوان تونس”، من أجل إرضاء السعودية، بغية تحقيق المصالحة التامة بينهما، وتجاوز التوتّرات التي عرفتها الشهور الماضية.
يأتي هذا، على الرغم من الإهانة التي قامت بها السعودية، ضد الجزائر، من خلال “تغييبها”، وعدم التشاور معها في الاستعدادات للقمة العربية التي ستحتضنها الرياض، شهر ماي المقبل، رغم أن “قصر المرادية”، هو من يترأس المنظمة، باعتباره آخر من استضاف اجتماعها الرفيع.
وأضاف المصدرن أن التزام الجزائر، التي تحرص على تتبع كل صغيرة وكبيرة داخل الطبقة السياسية في تونس، الصمت، على خلفية اعتقال راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة الإسلامية، يوم أمس الاثنين، يؤكد تخلي “قصر المرادية”، عن “الإخوان المسلمين” في الجارة الشرقية.
واعتبرت مصادر وصفها الموقع الفرنسي بـ”المطلعة”، أن السهولة التي صاحبت القبض على الغنوشي من قبل وحدة أمنية صغيرة، أثناء وقت الإفطار في منزله، تعني أن النظام الجزائري، اللاعب الرئيسي في تونس، رفع بشكل غير رسمي الحماية التي كان يوفرها للزعيم الإسلامي منذ 2021.
وذكر المصدر، أن الرئيس الجزائري والمؤسسة العسكرية، إلى جانب التضحية بالغنوشي، “تسولاً” التقرب من السعودية أكثر، بعد توتر العلاقات بينهما مؤخرا. وأوضح أن الصفقة التي تربط قيس سعيد، بالجزائر، والقاضية بدعمه مقابل التزامه بخطوط حمراء رسمها قصر المراديون، (هذه الصفقة) لم تعد سرّا.
وكان، حسب الموقع، ضمان السلامة الجسدية والمعنوية لزعيم حركة النهضة، أحد تلك الخطوط الحمراء التي رسمتها الجزائر، والذي يندرج ضمن ما أسماه المصدر بـ”استراتيجية إقليمية تهدف إلى تدجين جماعة الإخوان المسلمين في تونس”، وذلك بغية منهم من الترويج لأفكارهم المعادية للقوة الأمنية والعسكرية في الجزائر.
وتابع “مغرب إنتلجنس”، أن راشيد الغنوشي، حافظ على علاقات جيدة مع النظام الجزائري، قبل فترة طويلة من وصول قيس سعيد إلى السلطة، مقابل دعم “قصر المرادية”، للحكومات المتعاقبة في تونس، التي عرفت حضورا لأعضاء بارزين في حركة النهضة.
مقابل هذا الدعم الجزائري، يوضح المصدر، حرس الإسلاميون في تونس، على ألا تصبح بلادهم مرتعا لانتشار أفكار الإسلام الراديكالي المعادي لعسكر الجزائر.
وأبرز الموقع الفرنسي، أنه منذ انقلاب قيس سعيد على الدستور، في 25 يوليوز 2021، أبرم النظام الجزائري صفقة مع “سيد قرطاج”، تقتضي توفير بعض الحماية لراشد الغنوشي بهدف ضمان توازن معين للقوى، يكون مفيداً لمصالح الجزائر في تونس.
ونبه المصدر، إلى أن هذه الصفقة، تم فسخها كما يبدو، بسبب ميول الجزائر إلى المصالحة بسرعة مع السعودية، التي أدى تطبيعها مع إيران، إلى خلط أوراق كل المعطيات الجيواستراتيجية في المنطقة.
وأفاد “مغرب إنتلجنس”، أنه في ظل هذا النظام الإقليمي الجديد الذي ترسمه الرياض مع شريكها الإيراني، تشعر الجزائر بأنها مهددة بشكل كبير، خاصة وأن الرياض، تبذل قصارى جهدها لإثبات أن النظام الجزائري، لا مكان له في دائرة حلفائه الجديدة، وفق المصدر.
واسترسل أن هذا الأمر، بدا واضحا من خلال دعوة السعودية للجزائر، لحضور الاجتماع التشاوري حول إعادة سوريا إلى حظيرة جامعة الدول العربية، علماً أن “قصر المرادية”، هو من يرأس، حاليا، هذه المنظمة الإقليمية.
ووجد النظام الجزائري، وفق “مغرب إنتلجنس”، نفسه مضطرا لتبني استراتيجية جديدة لاستمالة الرياض، والتقدم بخطوة نحو إعادة إطلاق التعاون مع السعودية، من خلال استعمال تونس، الورقة الوحيدة التي يتوفر عليها في المنطقة، خصوصا من خلال التضحية بجماعة “الإخوان المسلمين في تونس”.
وأشار المصدر، إلى أن السعودية، تحارب الإخوان، وتعتبرهم العدو اللدود لها، في الوقت الذي يحظى فيه هذا التنظيم بدعم قطري وتركي، البلدان اللذان تدور في فلكهما الجزائر. متابعاً أن رأس الغوشي، أصبح هدية على طبق من ذهب، من النظام الجزائري، إلى ولي عهد السعودية.
وأردف: “لكن علينا انتظار مدى تفاعل محمد بن سلمان مع هذه اليد الجزائرية المتسولة، في الوقت الذي تعمل فيه الرياض على إغلاق الملف السوري نهائيًا، وهو الاختبار الأخير للخلاف الرئيسي مع طهران، لتأسيس نظام جديد الذي سيُدير الشؤون المعقدة في العالمين العربي والإسلامي”، وفق المصدر نفسه.
تعليقات الزوار ( 0 )