شارك المقال
  • تم النسخ

رسالة باريس: محاكمات كبار المسؤولين بتهم الرشوة والفساد واختلاس المال العام

قد يبدو أن الموضوع يتعلق بظواهر مشينة، في إحدى جمهوريات الموز أو في بلد من بلدان الظلم والتخلف والاستبداد ،لكن الامر يتعلق “بمهد الحرية والديمقراطية والثورات وحقوق الإنسان”.

الامر يتعلق بفرنسا التي يتخذ شعارها ورمز دولته الأكبر، الحرية،المساواة،الإخاء، فرنسا التي استعمرت جزء كبيرا من العالم تحت ذريعة جعل شعوبها، شعوبا متحضرة ومتمدنة وتحترم حقوق الإنسان وتبني دولها على أسس الديمقراطية الحديثة.

و في هذا الصدد، انطلقت اليوم، بالعاصمة الفرنسية باريس بالغرفة 32 بالمحكمة الجنائية، محاكمة مسؤول سياسي وحكومي بارز، بتهمة الفساد واختلاس المال العام، ويتعلق الأمر بالسيد فرانسوا فيون وزوجته بينيلوب ونائبه في الجمعية العامة (البرلمان الفرنسي)مارك جولو.

ويتابع فرانسوا فيون ونائبه في البرلمان، بتهمة اختلاس المال العام لصالح زوجته بينلوب Penelope، التي تتابع بدورها بتهمة المشاركة في الجريمة، وكانت قد استفادت من عقد تعاون مع الوزير الأول (زوجها) بدون تقديم أي عمل يذكر في المهمة حسب الادعاء العام، واسفادتها من دفوعات مالية تجاوزت مليون أورو على مدى خمس سنوات.

وحضرا الزوجان فيون الجلسة الاولى، الأمس الاثنين،الى جانب المتهم الثالث، مارك جولو ونائبه السابق في البرلمان، ولم يدليا بأي تصريح للضحافة.

وطلب دفاعهما تأجيل الجلسة الى يوم غد، الأربعاء، نظرا للإضراب الذي يخوضه المحامون، فقبلت المحكمة التأجيل، وستستأنف المحاكمة غدا.

فبعد ما أجهزت ما عرفت بـ (Penelopegate) بينلوب غايت،على أحلام الوزير الأول السابق في الظفر بأعلى سلطة في الدولة، أي رئاسة الجمهورية لإحدى أقوى دول العالم، فإنها تأخد اليوم منعرجا أكثر خطورة بالنسبة للسيد فرانسوا فيون البالغ من العمر 65 سنة وزوجته التي تقله بسنة.

وإذا ثبتت هذه التهم في حق الوزير الأول السابق وزوجته بينلوب ونائبه في الجمعية العامة (البرلمان)، فقد يتم إدانتهم بأحكام قد تصل إلى عشر سنوات سجنا نافذا غرامات باهظة.

فبعد إدانة عمدة لوفالوا بيري Levallois Perret (ضواحي باريس)، باطريك بالكاني بأربع سنوات نافذة بسبب الهروب الضريبي وغسل الأموال وإخلاء سبيله بعد خمسة أشهر لظروف صحية، بعد أن قررت المحكمة الجنائية بباريس محاكمة رئيس الجمهورية الأسبق نيكولا ساركوزي في أكتوبر المقبل، وهي سابقة في تاريخ فرنسا، تهمة المتابعة في قضية فساد.

وهكذا يبدو أن اليمين الفرنسي مورط بشكل كبير في قضايا جرائم قد تضعفه أكثر وتقضي على كل حظوظه في الاستحقاقات المقبلة، وتترك المجال مفتوحا أمام اليمين المتطرف الذي يتزايد نفوذه يوما بعد يوم.

وهكذا يبدو أن الجمهورية الخامسة تعيش أعقد أيامها، وذلك بسبب الاحتقان الاجتماعي والأزمة المالية والاحتجاجات المطالبة بالتغيير وخاصة منها “السترات الصفراء “وإضرابات المواصلات.

كل هذا يشرعن التساؤل حول مستقبل فرنسا في ظل اتحاد أوروبي مترهل، خاصة بعد خروج بريطانيا منه وتلويح دول أخرى بذلك.

فهل ستقاوم فرنسا كل هذه الوقائع الذاتية والموضوعية المحلية والدولية،المتمثلة في تحلل سلوكات بعض رجال السياسة الكبار، وتصدع الديمقراطية ومطالب الشارع بالتخليق والتغيير، أم أنها ذاهبة لا محالة،نحو التأسيس للشروط الموضوعية للجمهورية السادسة؟

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي