شارك المقال
  • تم النسخ

رسالة إلى صديقي القديم

يا نسيم الروض خبر للرشا .//. لا يزدني الورد الا عطشا

لي حبيب حبه حشو الحشا .//. ان يشا يمشي على خدي مشا

قوله قولي وقولي قوله ..//  ان يشا شئت وان شئت يشاء

روحه روحي وروحي روحه .//. ان عاش عشت وان عشت عاش

جمع الحسن جميعا وجهه .// . فإذا المرء رآه دهشا.

                                                   ( الحسين بن منصور الحلاج )

صديقي العزيز اذكر انني اعرفكم مذ كنت طفلا صغيرا في عمر خمس سنوات أو ست ،عندما جاء ابي الى داركم يحملني بين يديه. وانا لم اتعرف علىى العالم ،بعد  ولم اركم  حينها أو أنني لم انتبه لوجودكم فقد كنا اترابا في سن واحدة ، ولا ادري لماذا ينتابني شعور أنه قد  تناهى إلى سمع اذني الصغيرتين حينذاك صوت لأغنية عبد الحليم حافظ ، قد يكون ذلك حقيقة وقد يكون توهما ،

وقد كان أبي صديقا لوالدكم العالم الفقيه الخطيب المفوه ، صاحب الهيئة والهيبة  والوقار اذكر انه  دائما  ما كان يلبس جلبابا  وقبعة و طربوشا  فاسيا،يشبه طربوش الملك الراحل محمد الخامس رحمه الله،

وسبب علاقة ابي بابيكم  كما تعلمون انهما كانا ينتيميان الى منطقتين متماستين ،فنحن ننتمي إلى آخر منطقة في الغرب على الحدود مع منطقة قبائل جبالة ، وكانت زيارة عائلتكم الشتوية والصيفية  ورحلتكم من فاس الى بلدكم تستدعي بالضرورة المرور  عبر قريتنا ، وكم كنت افرح عندما اراكم قادمين ، ضيوفا عندنا ، فيكون بمثابة العيد لحما مشوبا   ولحما، مفروما  (كفتة) بعطور  وبهارات رائعة ،

ومن جهة ثانية كان ابي يعمل مقاولا  صغيرا   أشغال البناء أي أنه كان طاشرون بالمصطلح الدراجي   ، وانه هو من تكلف ببناء منزلكم الذي لا زلتم تقطنون فيه ،

 واقد انتقلت اسرتي بعد ذلك من الإقامة بفاس الى قريتنا بالغرب خلال سبعينات هذا. القرن وقد كنت خلالها في سن العاشرة ، ادرس في الصف الثالث الابتدائي ،  واذكر  حدثا عربيا  تنتهي الى راسي الصغيرة  وهو اغتيال انور السادات  في حادثة المنصة ، ومنذ ذلك الحين انقطعت عني اخبارك ، ومرت سنوات الطفولة بين لعب ولهو وجري في الحقول الخضراء الشاسعة على مد البصر  وتتلمذت، ودرست كما ينبغي لطفل ينتمي لأسرة بسيطة ،

وبعد حصولي على الشهادة الابتدائية ،لم تكن ببلدتنا إعدادية او ثانوية اواصل فيها الدراسة,  احتار ابي في ايجاد وسيلة لاستمراري  في التمدرس،  وقد كانت عندي رغبة ملحة في ذلك وخفت حينها  كثيرا  من احتمال التوقف عن تلقي المعرفة والعلم ،

 وانا كنت كسولا   لا احب الاعمال اليدوية الشاقة ، حيث انني لم أتعلم من حرفة ابي شيئا ، على خلاف اخوتي وكان أبي  في العطل ياخذني معه إلى الورش  من أجل الملاحظة والتجربة غير انه ما إن يغادر   حتى أهرب لا  الوي على شيء   وبالتالي لم  أتعلم  من أشغال البناء شيئا  على خلاف باقي إخوتي  ،

ومن اجل اكمال الدراسة سافر ابي في كل الاتجاهات قاصدا. اصدقاءه ، وبعض معارفه من العائلة ،بمكناس  لكن احدا لم يقبل انتقالي  للعيش معه في داره وكل كانت  له اسبابه ، فعاد ابي ادراجه والقلق والحزن باد عليه ، وفجأة الهمه الله فتذكر  صديقه القديم ، والدكم المغفور له ، وطار في اليوم الموالي ، الى داركم العامرة وقد لقي الترحيب والقبول ، وكيف لا ، ووالدكم. أهل الكرم والضيافة الحاتمية ،

وبدأت الاستعداد. للانتقال والعودة  الى فاس الحبيبة وقد نسيت معالمها ، ولم اعد  اتذكر شوارعها وطرقاتها ، وكنت خائفا من كبرها وشساعتها ، وجاء اليوم الموعود حيث سافرنا انا وابي وأمي ودخلت منزلكم ووقعت عيناي عليكم وقد كنتم حينها طفلا جميلا وسيما معتدا بنفسه ، ذو شعر سبط  ناعم ولين وانسيابي ليس اجعدا  ملتويا كشعر رأسي.أنا البدوي الصغير.

 ،واستقبلتنا والدتكم الرائعة بكل حفاوة , فقد بين عائلتينا عيش وملح سابق ،وكانت والدتكم جبلية قحة أصيلة اذكر لكنتها الجميلة وقد كانت تنطق حرف الراء بشكل لم  أسمعه في حياتي من احد ، وكان اسمها يواطئ الياقوت والجوهر ، رحمها  الله من امرأة فاضلة كانت بمثابة امي لعدة أشهر ، وبعد ذهاب اسرتي الى حال سبيلها

بقيت خائفا منكمشا ،وذلك كان طبيعيا فلكل داخل دهشة ، ولكنني انبسطت تدريجيا بعد انقباض ،  بعد ان  ألفتكم والفت المكان ، والتحقت  حينها في ثانوية القرويين للتعليم الأصيل  رفقة والدكم  المرحوم الذي ظن الجميع انه والدي ، و ثانوية  القرويين ثانوية حديثة شأنها شأن  باقي الثانويات ، ولكنها كانت تدرس مواد  أسلاميات إضافية ، كالفقه والتوحيد والتنجيم والتفسير ، وكانت الثانوية بعيدة كثيرا عن حيكم ، فكنت وانا ابن اثني عشر سنة استقل  كل صباح على  الساعة السابعة ، الحافلة الأولى التي كانت تنقلني الى ساحة فلورنسا ، ثم اركب حافلة أخرى توصلني الى الثانوية

، وقد استمر الحال على هذا المنوال وفي يوم من الايام تذكرت تلميذة كانت تدرس معي كنت قد اهديتها كتاب  تنبيه  الغافلين للسمرقندي وكتاب الرحمة في الطب والحكمة ،  تصور  صديقي مدى النكتة و السخرية   اريد الحب فاهدي كتابا  حول الموت والغفلة  وهذين الكاتبين  كنت قد  اقتنيتهما من با  الجيلالي وهو كتبي شيخ عجوز كان يبيع الكتب بالأسواق الأسبوعية بقريتنا وكنت من  زبنائه وإنا طفل واحكي لكم صديقي طريفة من الطرائف المضحكة فقد كان ابي يمنحني بعد الدريهمات كل سوق أسبوعي وكان يصادف يوم الاثنين ، وفي احد  هذه الايام دخلت السوق متوجها إلى خيمة الكتبي العجوز  فوقع بصري على كتاب  كتاب الروض العاطر في نزهة الخاطر  وهو كتاب تعليمي جنسي من تأليف أبو عبد الله محمد بن محمد النفزاوي فيما بين عامي 1410 و1434 كتبه بناء على طلب من السلطان عبد العزيز الحفصي سلطان تونس، وذلك لإثراء الكتاب الصغير “تنوير الوقاع في أسرار الجماع”  وهو كتاب إيروتيكي بامتياز ، ولم أكن أعلم ما يعني علم النكاح ، وقد اختليت  بنفسي واخدت اقرا  في اندهاش  ففوجئت من هول الصدمة ، والاستغراب ، وكنت اقراه خلسة. فاستثار خيالي واثرى لغتي  ومن مكتبة با الجيلالي المتنقلة كالرحالة الجوالين ، اشتريت منه النظرات والعبرات وماجدولين  والفضيلة للمنفلوطي الذي شكل مني طفلا رومانسيا حالما،   ولهذا التاثير  ولشغب الاطفال ، تصورت أنني أحب ، وبقي معي ذلك الشعور ، الذي حملته معي إلى فاس وفي غفلةمن الجميع اشتريت بطاقة ورود. وكتبت عليها إهداء وكلمات حب وكتبت رسالة إلى تلك التلميذة هي اول رسالة حب اكتبها ، قلت فيها قصائد واعترافات ، ولعل الاغتراب ، والوحدة والاحلام  والخيال كان سببا لذلك والحال انه في الحقيقة لم تكن لي معها أية علاقة وكيف ذلك وإنا طفل صغير

و كل. ما  في الامر  أن قريتنا كانت ذكورية بامتياز ، ولم نكن حينها نرى بناتا أو إناثا الا لماما ، وكل ما كان في الحقيقة صداقة عابرة بريئة ، لكن ماذا تفعل مع خيال الاطفال والافلام المصرية الكلاسيكية وكنت من المدمنين عليها ايام السينما والفن الجميل ايام فاتن حمامة ونور الشريف ، وفيلم رجل في بيتنا ، وميرفت امين وحسين فهمي وغيرها من الأعمال الكبرى التي أثرت في شخصيتي كفيلم الرسالة ، وعمر المختار ، وافلام الويسترن ورعاة البقر ، ولا يفوتني أن اذكرك بالتحفة السينمائية  الأمريكية تحفة سينمائية بطعم الدماء والجشع “الطيب والقبيح والشرير”؛ وهي سلسلة أفلام شهيرة صنعها المخرج الإيطالي سرجيو ليوني، ساعدت في نشر أفلام الويسترن  وفيلم “الطيب والقبيح والشرير” تم إنتاجه سنة 1966 م  ويقدم ثلاث شخصيات جشعة: الأشقر (كلينت إيستوود، “الطيب”)، توكو (إيلي والاش، “القبيح”) وسينتنسيا (لي فان كليف، “الشرير”).

.ولا انسى  فيلم لورنس العرب والدكتور زيفاكو ، من بطولة الممثل العالمي نور الشريف وافلام سلفستر  ستالون  والرجل الأمريكي المتفوق دائما  اذكر له فيلم روكي وكثيرا ما إستمعت في ذلك الزمن الجميل بأفلام الكراطي لبريسلي  والكونغ  لجاكي شان  وافلام الرومانسية والحب الهندية لسينما بوليود  والممثلين العالمين كاشاروخان، وكاجول ، واميتاب شأن ولا انسى،

 تلك الليلة التي اكلنا فيها  الذرة في دار اختكم المرحومة واستمتعنا بالفيلم الكلاسيكي  الرائع امنا الارض .

كانت للافلام تأثيرها علي ولذلك وقعت في ذلك الخطأ الطفولي البريء وارسلت تلك الرسالة ولكن من عجبي أنني ارسلتها لنفسي ولعنوان داركم ، فرجعت الرسالة إلى  منزلكم ووقعت في يد  الوالدة  رحمها الله ففوجئوا بما قراو ا  وخجلت من نفسي واضطربت وخفت خوفا شديدا من ارجع من حيث اتيت ، وفعلا تم الاتصال بأهلي، وحق لهم  ذلك ، فكيف يعيش طفل سيء الأخلاق مثلي وسطكم  ، ولكنني اقسم انها كانت مجرد فلتة ، وحلم ،

وعلى العموم جاء ابي  ومعه أمي وتم إخبارهما بالواقعة، فاستنكرا  الأمر  واذكر لك دفاعك عني فإنني لم انسه في تلك الظروف التي كنت اتصبب فيها عرقا ،  وجمعت حوائجي وودعتكم ، وأنا حزين ، وغادرنا المكان , وساعدتني أمي على تفهم ابي للمشكل  وانه مجرد لعب اطفال .

ثم بدأت مرحلة أخرى وتجربة أخرى، لقد جاءت أمي المعنوية المقدسة  والتحقتةبي في فاس  وهي  التي ربتني وانا صغير ، أنها خالة ابي امي يامنة توفي زوجها منذ زمان قبل ولادتي ولم يكن لها  اطفال ، فمنحتني كل الحب  دفعة واحدة  ،  وكانت تعيش معنا منذ وعيت ، وكانت اقرب الي من امي ،

اخيرا  أحسست بالاطمئنان فقد جاء  الحضن الدافئ والقلب الكبير ، وكان لخالتي يامنة معارف من أهل  زوجها المرحوم ، ومنهم سيدة   تسمى اني زهور ، كانت تسكن بفاس الجديد قرب باب السمارين  تسكن ، في ديور الباشا البغدادي ، وقد انتقلت إلى تلك الدار التي بها بهو كبير  ونافورة  ماء  في بهو  الدار وفناء مفتوح على السماء إنها على شكل رياض قديم ،

 وكانت امي زهور تمتهن صناعة الزرابي ، وحياكتها ، وبيعها في البازارات وكان تلك الدار تعج بالحركة  ليلا ونهارا  وتضم فتيات فاسيات واخريات كانت تستقدمهن من قريتنا ،وكنوكخلية النحل

 وكنت انا وامي يامنة  ننام  بقربهموكنت  اسمع حكاياتهن مع الشباب وغرامياتهن ، فكانت ذاكرتتي تتسع لمدارك وحكاياتهن  وقد  كنا نقتسم في بداية الأمر ذلك البيت الكبير ، أنا وخالتي في زاوية وهن في الزاوية الأخرى وكان البيت في السطح  مفتوح على الفضاء الرحب الواسع ،

وكان بالزنقة المؤدية المنزل بائع بخور. بباب السمارين كانت روائح الابخرة الجميلة تدوخ رأسي الصغير كل صباح ، وكان بالقرب مني بزنقة مولاي علي الشريف مكتبة صغيرة للسيد احمد ابن عطية وكان رجلا سلفيا معتدلا في التلاثينيات من عمره واذكر. أنني جلست معه في جلسة تدارسية تعليمية اخذت فيها درسا من متن العقيدة الطحاوية المسماة بـ “بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة” أحد أهم الكتب في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة كما وردت في منبعيها الكتاب والسنة بعيداً عن الآراء والمذاهب. كتبها أبو جعفر الطحاوي الحنفي  بشرح بن ابي العز  الدمشقي ،

وخلال هذه الفترة كنت اقتني بعض الكتب من البائعين على الرصيف وقد اقتنيت منهم السيرة الذاتية  لطه حسين الايام ،وقد  قراتها بشغف  وشاهدت على التلفاز  المسلسل الرائع الذي شخص  فيه الممثل الكبير احمد زكي شخصية الاديب المصري طه حسين

ثم صادفت كتاب ألف ليلة وليلة من حجم الجيب في أربعة أجزاء ، كم تمتعت بها وانا اقراها في بيت امي زهور وانا استمع قهقهات، وجلبة الفتيات وتهامسهن فيما بينهن مع دقات  المقص والمنسج ، وخلالها  كنت أطير  وأسبح في الخيال مع السندباد البحري ، وشهريار  وقصة الخيانة والقتل اليومي والدماء والجنس وحيل العجائز ، وشهرزاد  التي قبلت التضحية  من أجل النساء والتحدي بواسطة الكلمة والسرد والحكاية ،  وقد اوقعت شهريار في كمينها  فسقط  في غواية، الكلمة  وفي الحب الى ان مرت الايام والليالي ،

واذكر أنني كنت مغرما بشراء مجلة العربي في أحسن ايامها مع رؤساء تحريرها احمد بهاء الدين والرميحي ، وكذا مجلة الدعوة ، واذكر كذلك أنني اشتريت من فاس الجديد  اول كتاب اسلامي كان هو سيرة ابن هشام في جزأين ، وهو سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

واستمر ذلك الطفل  الذي هو انا في المغامرة ،  وانقطعت عني اخبارك ومرت سنوات بعدها كانت فيها تفاصيل وجزئيات صغيرة فقد انتقلنا من منزل امي زهور ، واكترينا بيتا في بن ذباب وبعده بيتا. في حي بن زاكور ، في دار امي العلوية وكانت امرأة قوية ، لها ابناء صناديد ، وقد اجتزت سنوات دراستي بالثانوية بامتياز وخلال هذه الفترة كانت لي صداقات أخرى منها وصديقي الغالي والذي لم يفتأ يتصل بي كل صباح خلال مرضي بكوفيد  19  كل صباح والدموع تنهمر من عينيه رغم مسؤوليته الكبيرة في القضاء ومهماته الصعبة ، والذي اعلن له  محبتي  واقبله واحضنه، وأشد على يديه  وكيف لا وقد استمرت صداقتي معه. بالقرويين. طيلة سبع سنوات وبعدها اربع سنوات بكلية القانون بجامعة محمد بن عبد الله ، وكان من الاوائل المبرزين وكنا انا وإياه في تنافسية شديدة وغالبا ما كان يتفوق علي ، وكان معنا حفظة القرآن واالمتون الشرعية. التحقوا بالثانوية واكملوا دراستهم بها ومنهم صديق قديم السيد عبد السلام بومدين وقد عاد اخيرا بعد ثلاثين سنة   كان خلالها لإيطاليا ثم بفرنسا  وقد زارني بعد غياب طويل ، ولا انسى صديقي واخي العلوي الشريف المراني سيدي محمد والذي انقطعت عني اخباره ، وصديقنا العبودي والذي اتصل بي  من ساحل العاج مرات متعددة في مرضي.

، وأعلن هنا ألكم جميعا  انني احبكم  ، فانتم أنا وانا  أنتم فصوركم  وحكاياتكم،  هي ما يشكل ذاتي وذاكرتي .

وخلال تلك السنوات فجأة  بعد  غياب تظهر امامي فجأة  اراك تسلم علي مبتسما  بالثانوية  وقد أصبحت شابا بلحية خفيفة.

 كان لقاءنا خفيفا للحظات تذكرنا خلالها ما مضى ، واخبرتني بتجاربك ،  وخلال نفس تلك السنة انتمينا لجماعة العدل والاحسان بزعامة شيخنا عبد السلام ياسين لانها كانت ذات نزوعات صوفية روحية  وانا وإياك لنا منوع صوفي  فعبد السلام  ياسين تتلمذ في الزاوية البوتشيشية على يد شيخها  العباس وفارق الزاوية بعد وفاة شيخها  وتولي الشيخ حمزة تدبير شؤونها  وقد جلست خلالها جلسات تربوية ، مع السي منير الركراكي ذلك الرجل الهادئ الروحاني الشاعر الذي يتسم بالسمت والتوءدة، ،لكن لم  يكتب لي ابدا ان التقي مع الشيخ ياسين ، ولم تستمر تجربتي بالجماعة، كثيرا  غادرتها ، وكذلك فعلت انت فنحن. لا يمكن ان تحتوينا، حركة ، وقد كنا مجدفين متمردين ، لقد كانت تجربة قصيرة وإطلالة على ذلك العالم ، وكان سبب مغادرتي أن أحد. المعتدين المزهوين، بتدينهم الكرنفالي الزائف ،علق تعليقا ألمني  واحزنني . حين قال لي اين كان غيابك ،هل انت من. عباد رمضان ، وسكت ، وخرجت ولم اعد ، وما آخذته على الجماعة انهم كانوا يحتفلون كثيرا بالمنامات ، والاحلام ، بحيث انه بعد القيام وجلسة  الذكر ، والنوم ، والاستيقاظ  لصلاة الفجر  يبدا الاعضاء في سرد احلامهم وكلها كانت  تدور  حول  نفس الموضوع. ،وكانهم متفقين ويحلمون حلما جماعيا حول البشرات ونصر الجماعة ،

ولم اسمع يوما احد يحكي حلما  عن رحلة صيد أو استجمام ، وعلاقة حب  فعلمت أن الأمر مجرد تصنع عند الأكثرية ، فأنا خلال تلك الايام لم استطع ، رؤية أحلام الجماعة رغم محاولتي استحضار  الأحداث عند النوم .

لكنني مع ذلك احببت تلك التجربة واثرت في كتب الشيخ  الاسلام غدا  وكتاب المنهاج النبوي وكتاب العدل ، وغيرها ،

وقد فتحتني هذه التجربة على تجربة أخرى هي التجربة الصوفية وروادها الكبار فقرأت الرسالة القشيرية وطبقات الاولياء  وسلوى الانفاس ، فيمن أقبل من الاولياء بفاس وكتاب إحياء علوم الدين للغزالي ومنازل الصديقين الربانيين للشيخ سعيد حوى ، والرعاية لحقوق الله والتوهم للحارث المحاسبي ، وتجارب العافين الكبار الحلاج وابي يزيد البسطامي وسهيدةةالعشق الإلهي رابعةةالعدوية والتي لا انسى قولها

أحبّك حُبين؛ حبّ الهوى *** وحبّا لأنك أهلٌ لذاكا

فأما الذي هو حُبّ الهوى *** فشُغلي بذكرِك عمّن سواكا.

يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي: (هذه اللحظة في حياة رابعة يجب أن تُعدّ نقطة التطور الحاسمة في حياتها الروحية، شأنها شأن تلك الأحوال التي أتينا على ذكرها عند أضرابها من كبار الشخصيات الروحية في العالم، لكنها لا تزال في الأسر المادي لدى ذلك السيد القاسي الذي أرهقها فكان لهذا الإرهاق والإعنات فضل انفجار روحها الباطنة النبيلة) عن كتابه شهيدة العشق الالهي .

وتدرجت في المعرفة الصوفية مع نفس الكبار. ، الشيخ الاكبر والكبريت الاحمر سلطان العارفين وختم الاولياء محيي الدين بن عربي ، وكتابه الموسوعي الضخم. الفتوحات المكية وقد اختلف فيه. الفقهاء والعلماء فمنهم من كفره ومن هؤلاء العلماء: ولي الدين العراقي، وزين الدين العراقي، والعز بن عبد السلام، وأبو حيان الأندلسي، وابن تيمية، وتقي الدين السبكي، وابن حجر العسقلاني، والذهبي، والسكوتي، ونور الدين البكري، وابن هشام الأنصاري، وابن خلدون، والبلقيني، وعلاء الدين البخاري

ومنهم من  جعله في مقام الاولياء الصالحين ومنهم الفيروز آبادي

صاحب “القاموس” كان من أشدّ المُعجبين به، حتى إنّه طرّز شَرْحَهُ على البُخاريّ بكثير من أقواله. وجلال الدين السيوطي

كان يُجلّه ويوقّره حتى إنه صنّف في الدفاع عنه كتاباً، سمّاه: تنبيه الغبيّ في تبرئة ابن عربيّ و قال فيه: (والقول الفصل في ابن العربي إعتقاد ولايته ، وترك النظر في كتبه ، فقد نقل عنه هو انه قال : نحن قوم لايجوز النظر في كتبنا . ويقصد من هم على غير علمٍ كاف)

وكذلك الشيخ عبد الوهّاب الشعراني كان من أشدّ المنتصرين له وأكثر المنصفين، إذ ألّف كتاباً عنوانه: اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر، كما ألّف كتاباً آخر دعاه: تنبيه الأغبياء على قطرةٍ من بحر علوم الأولياء. وفيهما دفاع شديد عن ابن عربي وغيره من المتصوّفة وبلغ به الأمر أن لخّص كتاب الفتوحات المكّية في كتابه الموسوم بـ الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

 ومن المدافعين عنه كذلك الشيخ أحمد السرهندي مجدد الف الثانية          قال :(فماذا نفعل لا أحد في هذه العرصة غير الشيخ قدس سره فأحيانا نحاربه و أحيانا نصالحه و هو الذي اسس كلام المعرفة و العرفان و شرحه و بسطه وهو الذي تكلم في التوحيد و الاتحاد بالتفصيل و بين منشأ التعدد و التكثر و هو الذي اثبت للوجود التنزلات و ميز احكام كل منها عن احكام الآخر و هو الذي اعتقد العالم عين الحق و قال كله هو مع ذلك وجد مرتبتة تنزية الحق سبحانه وراء العالم و اعتقد الحق سبحانه منزها و مبرأ من الرؤية والادراك و المشايخ المتقدمون عليه  تكلموا في هذا الباب  بالاشارات و الرموز و لم يشتغلوا بالشرح و التفصيل والذي جاؤا من بعد الشيخ من هذه الطائفة اختار أكثرهم تقليد الشيخ و ساق الكلام على طبق اصطلاحه و نحن المتأخرون العاجزون ايضا استفضنا من بركاته و نلنا حظا وافرا من علومه و معارفه جزاه الله سبحانه عنا خيرا الجزاء غاية ما في الباب انه لما كان كل من مظان الخطأ و مجال الصواب مختلطا بالآخر بحكم البشرية والانسان احيانا مخطئ و احيانا مصيب فلا جرم كان اللازم جعل الموافقة لاحكام السواد الأعظم الذين هم اهل الحق علامة للصواب و مخالفتهم دليلا للخطأ ايا من كان القائل و ايا ما كان المقول قال المخبر الصادق عليه و آله الصلاة و السلام عليكم بالسواد الاعظم

وعلى العموم. فهو بحر لا شطآن له وعمق. لا حد له ، وقد عرض عقيدته.

وقال ابن عربي في بيان عقيدته  :(من قال بالحلول فدينه معلول، وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد )

وقال ايضا (فيا إخوتي وإحبائي رضي الله عنكم، أشهدكم عبد ضعيف مسكين فقير إلي الله في كل لحظة وطرفة، أشهدكم علي نفسه بعد أن أشهد الله وملائكته، ومن حضره من المؤمنين وسمعه أنه يشهد قولا وعقدا، أن الله إله واحد، لا ثاني له وألوهيته منزهة عن الصاحبة والولد، مالك لا شريك له في الملك ولا وزير له، صانع لا مدبر معه، موجود بذاته من غير افتقار إلى موجد يوجده، بل كل موجود سواه مفتقر إليه تعالى في وجوده فالعالم كله موجود به، وهو وحده متصف بالوجود لنفسه، ليس بجوهر متحيز فيقدر له مكان ولا بعرض فيستحيل اليه البقاء ولا بجسم فتكون له الجهة والتلقاء، مقدس عن الجهات والأقطار، مرئي بالقلوب والأبصار)انتهى

وفي هذا المقام لا يمكن المرور. دون الوقوف على تجربة روحية كبيرة لصوفي عارف. كبير هو مولانا جلال الدين الرومي وكتابه المثنوي وتحربة الحب الكبير مع شمس التبريزي والتي ابهرت العالم الاوروبي والاسلامي .

وبعد ذلك ولجت كلية القانون بفاس وأنتم صديقي الغالي كنتم قد انقطعتم عن الدراسة ، في تمرد كبير على المدرسة العمومية ونظامها , واستمررتم في النهل من المعرفة وكتب الفلسفة. تثقفون انفسكم حتى امتلأتم  حكمة لم يبلغها أساتذة كبار ، واذكر أنكم ولجتم المركز الثقافي الفرنسي وكانت فترة خصبة اضفتم فيها لانفسكم  ثقافة ولغات أخرى. فعمقتم  فيها  معارفكم فقراتم فلسفات الشرق الآسيوية من البوذية وكتبها المقدسة  الڤيدات ،

والديانة الكونفوشيوسية  والطاوية ،  واذكر مدى تأثير. شوبنهاور. عليكم. ، وكتابه. الاساسي العالم كإرادة وتمثل ،

وقد رفضت اجتياز الباكلوريا  ، في تحدي لذاتك وللأسرة والعالم ، لكنني اصررت عليك ، وقد كنت  اهل لاجتيازها بسهولة لما  كنت أملكه  من علم ومعرفة ومواهب عقلية تفوق الكثير .

 وفعلا سهرنا الليالي معا في غرفتك العلوية ، التي كثيرا ما سهرنا  فيها. ، واستمتعنا فيها بالموسيقى الكلاسيكية لموزارت ، وبتهوفن. في رائعته ضربات القدر  وتشايكوفسكي. ورائعته سمفونية بحيرة البجع ونقارة الخشب والجمال النائم ، وفاجنر ، وڤيڤالدي الإيطالي   وسنمفونية الفصول الأربعة  وموسيقى باخ ، وفيردي ، وبيانو شوبان .

وكثيرا ما استمعنا. لأم  كلثوم. ، والليلة الكبيرة والارض بتتكلم عربي للموسيقار. سيد مكاوي ، وبالاخص الرائعة فيروز وسنرجع يوما الى حينا…. وزهرة المدائن  … وصار لي شي مية، سنة وانا مسلوخ بهاد الدكان ،

ولا انسى كم استمتعت أنا وإياك ،لمارسيل خليفة ورائعة الشاعر الفلسطيني محمد درويش ، أحن إلى خبز امي وقهوة أمي وتكبر الطفولة يوما على ظهر يوم  …..وفي كفي قصفة زيتون  وعلى كافي نعشي ….وريتا  وعيوني بندقية

، ولا انسى كذلك. كم إثر في كلينا جاك بريل. ورائعته  – لا تتركيني Ne Me Quitte Pas واغنيته  Les Bourgeois.

واذكر كذلك كم. كنت تستمتع بشارل ازنافور ،رغم  أن لغتي الفرنسية ضعيفة  ،

وكم كانت جولاتنا جميلة رائعة. ونحن نسمع في آخر الليل في دروب وازقة وشوارع فاس لساعات وساعات  اغني لك  قصيدة الحلاج ،القى عذاره من له عذار. فكيف من لا له عذار ،

وانا ومن اهوى  انا// نحن روحان حللنا بدنا ،

وحصلت على شهادة الباكلوريا وولجت كلية الفلسفة وما لبتث ، أن سافرت الى روسيا بموسكو ، وقضيت هناك  زمنا افتقدتك بالمغرب

ولا زلت اذكر رسالة ارسلتها لك كان مطلعها أني منك بمثابة هارون  من موسى ، واستمر كل واحد  في سلوك طريقه ،

وما  لبتث ان عدت ، واكملت دراستك الجامعية بفاس وحصلت على الإجازة وبعد ذلك على شهادة الدراسات العليا ، وكنت انا حينها قد حصلت على شهادة الإجازة في القانون الخاص وغادرت فاس راجعا الى  قريتنا ،  ودخلت في دوامة البحث عن عمل ، وانتم كنتم قد  اجتزتم ، امتحان الالتحاق بالاساتدة ، والتحقت بمدرسة تكوين  الأساتذة. بمكناس بتولال ، وقد زرتكم  هناك مرة او مرتين،

 وتخرجتم  أستاذا للفلسفة في مناطق تاونات اظن انها كانت قرية بني وليد ، وبقيتم ما شاء الله هناك ،

وانا كنت في هذه الفترة اعاني البطالة ، فعملت ، نادلا بالمقهى ، وتاجر. ملابس داخلية بالاسواق الأسبوعية ، وكانت أيام صعبة جدا فيها القهر والذل ، والذي دام معي مدة  سنوات حاولت فيها محاولات عدة واجتزت فيها مباريات كثيرة منها مبارة ضباط الامن الخارجية والتي اجتزتها  بنجاح في كل مراحلها  بالمعهد الملكي للشرطة ، لكن عيبا طفيفا برجلي اليسرى لا يكاد يبين اعتقد انه كان  مانعا  من الولوج لسلك الشرطة  واجتزت مباراة مفتشي المالية ونجحت في امتحاناتها، الكتابية ولم اوفق في الامتحان الشفوي ،

وبدأت نضالات مستميتا في إطار الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين ، كنت خلالها رئيس الفرع المحلي ،وعضو المجلس الوطني وقد كان ذلك خلال فترة يونس ، وخالد اورحو

وقد  انتميت خلال هذه الفترة لحزب التقدم والاشتراكية  وحضرت مؤتمراته الوطنية  أواخر  حياة المرحوم  الرفيق علي يعتة،  وانتخاب مولاي اسماعيل العلوي امينا عاما الحزب وقد كنت عضو اللجنة المركزية لتلاث  فترات وانتميت الشبيبة الإشتراكية ، وحضرتةمؤتمراتها ايام  كان  الرفيق نبيل بنعبد الله هو. الكاتب العام الشبيبة وقد انتخبت عضوا في المكتب الوطني الشبيبة الإشتراكية عندما انتخب سعيد فكاك كاتبا  وقد  تأسست الشبيبة الاشتراكية بتاريخ 18 يناير 1976 بالدار البيضاء تحت اسم الشبيبة الاشتراكية للتقدم والاشتراكية (J.M.P.S) ، وغيرت اسمها في المؤتمر الوطني الثالث سنة 1994، وهي منظمة مستقلة تعني بقضايا الشباب وتهدف إلى تنظيمه وتعبئته من أجل الدفاع عن حقوقه.

 وقد  خضت في قريتي  شكلا نضاليا محليا كان رائعا مع قرابة خمسين طالبا معطلا ،  حضرت خلالها لأول مرة ببلدتنا قوات التدخل السريع بخوذاتها ، وكان شيئا جديدا على الناس هناك وقد صادف ذلك السوق الاسبوعي ، وكان لذلك الأثر الكبير وتعاطف الناس معنا ، واعتصمنا  لمدة خمسة عشر يوما في الخلاء اقمنا خلالها خيمة كبيرة  وأسمينا ساحة الاعتصام. ساحة 7سبتمبر ، امام البلدية ، كنا خلالها محتنعا صغيرا  منظما ، وكثيرا ماعقدنا بالليل والنهار حلقيات توعوية للناس ،

وقد خضت كذلك محطات نضالية وطنية كان لها التأثير الكبير على في تكويني ونفسيتي وقد استفدت ياصديقي ايما استفادة ، من كل ذلك

 واستمر  الجرح ، والألم ، واذكر يوم زرتني، وانا بالمقهى التي اشتغل فيها ، كم تخاورنا وتحادثنا  والألم يعتصرني وأنت تهدا من روعي وتشجعني .

وبعد ذلك  فينا عن  بعضنا البعض زمنا ليس بالقصير ، ولم تمض مدة طويلة حتى  استطعت ولوج مهنة المحاماة اخيرا  ، بعد عناء طويل ، والتحقت بالقنيطرة حيث قضيت فترة التمرين ،

وقد حصلت صديقي خلال هذه الفترة على الدكتوراة ، والتحقتم بالجامعة حيث اصبحتم ، أستاذا جامعيا للفلسفة كرسي الفلسفة القديمة والشرقية والتصوف ، وقد علا نجمكم ، في المنتديات الثقافية وصرتم نارا على علم  وكتبتكم في المجلات العلمية الرصينة مقالات رائعة في مجلة يتفكرون. واصدرتم  كتابين مهمين

والان كل منا يسلك طريقه في الحياة .

وعند مرضي الاخير بكوفيد 19 كانت اتصالاتكم بي وتدويناتكم بلسما لي وكنت كما قلت لي ضاحكا منكتا  انك كنت تحكي لي  احد القصص الخليعة من قصص  ليالي الامتاع والمؤانسة ولا  تلقنني الشهادة حتى أتماسك ولا انهار  ، وقد ضحكت  حتى ظهرت نواجدي وانا  على فراش المرض ،  واجبتك بأن  نكتك كانت ، بلسما، ودواءا فاقت وعظ الواعظين ، لكنه وهو الله العلي القدير  كان   يملؤني من  رأسي حتى اخمص قدمي  ،ويغمرني في كل ذرات جسمي  لأنني ظله ، فلا احتاج الى تذكره عند الاحتضار ، فهو  معي  حتى أنه لا يعود  لذاتي وجود معه ،

 أنه لا يحتاج الى التلقين إلا من ينساه ، ويباينه ، وما  أنا إلا  كدمية الملح عندما تدخل البحر فإنها تذوب في أصلها ولا تتذكر عنذئذ من ماضيها شيئا ،ولذلك فهي تصمت للأبد.

لقد  كان تاثيركم  الثقافي والمعرفي علي كبيرا  فقد عرفت احمد أمين وفحرع وظهر وعصره بفضلك  وعرفت احمد بدوي بفضلك  وكذلك المعري  شوبنهاور  وواصلت المسير  بعد ذلك  مسترشدا بتلك العناوين لقد كان  فكرك  راقيا وثقافتك  عالية وعقلك كبير   ولسانك   وفصاحتك ولغتك بليغة كما هي عادتك ،لقد كنت  اذوب عشقا وصبابة في لغتك منذ ايام روايتك الأولى التي لم تر  النور  سعيد وجنات ….،وربما كانت أحسن مكتوباتك  …. وقصيدة  السامري ولا مساس……، لا مساس ، والفراشات التي تطير بين  البدايات والنهايات ……، كنت اغرق في خيالك الخصب ،وكيف لا وقد فقت أقرانك  بعمق وأصالة فكرك وعبقريتك ، وجمالك الشكلي والجوهري، كيف لا وقد تتلمذت على يد  ابي تمام وحماسته والمعري ولزومياته وسقط زنده  والجاحظ وبيانه وتبيينه  والدميري وحيوانه  ، وشوبنهاور   لقد تعلمت منكم الشيء الكثير اللغة والإحساس ، والخيال

،لكنني تلميذ كسول  يريد سلوك طريق واضح سهل مضيء  ، لا استطيع  السير  في الليل الحالك  والمطبات  ومخاطر المجهول العظيم والشك والتخمين  كنت أريد سلوك مسلم الاطمئنان اللذيذ  الهادئ  فأنا  لا  أستطيع مجاراتكم في افكاركم الثورية وتمردكم اعلى المعتقدات والاعراف والتقاليد ،والذي يحتاج الى صلابة وقوة ، فأنتم تمخرون عباب البحر  بسفينة، ضخمة  وبعتاد،  صلب وقوي

 وانا الضعيف المتواري خلف الابواب  الرجل الدرويش كنت أحاول  الإبحار  بقارب خشبي مهترئ وأشرعة ممزقة ،

ولكن ورغم هذه التجربة الحياتية البسيطة كنت سعيدا ولا زلت، لأنه كما تقول النظرية الكينزية الاقتصادية الفقير يتعود على فقره ، والغني  يتعود على غناه ،

أنا مؤمن بالله كثيرا وزاد إيماني في هذا المرض بعد ان وقفت امام الموت ولم اجزع او اخف منه  ،  وكلي ثبات  على هذه العقيدة مهما حصل  وقد اعلنتها  أنني مؤمن بالله ومؤمن بنبيه محمد ص وما جاء به من رسالة الإسلام  إلى حين وفاته قبل وقوع الفتن وانني أومن بالجزاء والعقاب  والملائكة والجنة والنار  ليس بشكل حسب مادي ولكن بتاويلية وقد آمنت بالله  لأنني احسست انه كان معي حين لم يكن معي أحد  واحسست به قريبا مني  ولم اخف من اللقاء به ،لأنع يحبني وأحبه .

 قد اكون  في نظرك. وإهما  فيما يتعلق باعتقادي ، وانه لاشئ هناك ،لكنني اكره هذه الفكرة وإن كانت حقيقة مطلقة وهي ليست كذلك  ، لأنني اكره العدم والظلام السديمي والغيبوبة وانعدام الوعي ككره الاطفال الكوابيس ، قد يضيع بسبب وهمي الجميل هذا  فرص ومتع الحياة ولذائذها وشهواتها ، ولكن انت سيد العارفين إن هذه اللذائذ تتسرب هاربة الى الوراء مخلفة الألآم والاحزان بعد اختفاء ايام العمر في الضباب والنسيان ، وحينها لن نجد   الا السراب الذي يحسبه الضمآن  ماء ،  من تمتع منا بشهوات  الدنيا ومن لم يتمتع ، لأن ما يقع الآن في الحاضر يهرب تباعا منا فكل ثانية وكل رمشة عين تنزلق الوقائع  الى الهوة  السحيقة  حيث مقبرة الأيام ، فعلى ماذا نحصل وكل شيء يمضي بلا توقف ولو لثانية ،

 العجلة ياصاحبي لا تتوقف فلا حاضر نمسكه ولا حاضر بأيدينا ولا مستقبل هو آت حتما ، فقد يأتي وقد لا يأتي وما ثمة في الحقيقة إلا الله .

   وانت سيد العارفين عن علاقة اللذة بالالم ، في الديانة البودية وعلاقة الامتلاك بالفقدان ، عند الصوفية .وما تخافه من آلام

اخيرا اقول من يمتلك السلاح والعدة من طائرات ومدافع ،من امثالك ليس كمن يمتلك سيفا خشبية دون كيخوتيا مثلي ، انتم كجلجامش تصرعون خامبابا ، في غابة الموت انتقاما لأنكيدو  كما تحكي الميثولوجيا  الأكادية  .

وإنا أحارب طواحين الهواء واشباح الفرسان ،  راضيا بقدري  مؤمنا بربي .سعيدا بحالي .

أنا ادرك تماما أنكم تخبئون  في قلبكم إيمانا لكنكم تعاندون وتكابرون  ومحاضراتكم حول التصوف بمدارج  الجامعة حول الحسن البصري ورابعة العدوية  وعبادة الله بالخوف أو بالحب والرجاء إلا دليل على ذلك .

أتمنى من خالص قلبي ان تكشف عن هذا الايمان وتؤبوا  الى كنف الرحمان  حتى نجتمع هناك جميعا  في الفردوس ، وجنة المأوى .وقد تذكرت في هذا المقام رسالة الغفران وحوار أبي العلاء

الشعراء في الجنان .

انا لا اخاف  فهو رحيم  يقبلنا جميعا حتى عندما  نجدف به ونشكك ، والحال ان الله يعرف المقاصد والمآلات ، ويغفر لمن اجتهد  بصدق ودون عبادة للشهوة والهوى  او اتباع للمصلحة والمنفعة وأنه يعذر. من  اوصله اجتهاده  الصادق  للانكار  غير أنه لابد ان يكشف له الحجاب حتى يراه  لأنه لا يدع الصادقين في الحيرة  والتيه

، ولأن  الله لا يكلف بمستحيل وهو من منحنا هذا العقل العظيم  والذي قد يضل   ويهوى ،  هذا العقل الذي قد تأخذه   العزة  بالنفس فيؤله نفسه  ويغوى.ويتبع خطوات الشيطان فيتردى

وعلى العموم والتفصيل  تبقى لكم المحبة الصادقة.

 دمتم صديقي متألقين ،والمحب ةلكم في أي ضفة كنتم ، وضعي الصحي بخير وقريبا اخرج بعد إجراء الفحوصات وبعد التفاصيل الصغيرة ، أسعدت صباحا ،ودامت لكم الأفراح والمسرات.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي