تحية وتقديرا، وبعد
من المعلوم أن بلادنا هي العضو الستين الذي انضم إلى اتفاقية بودابيست حول الجريمة الالكترونية التي صادق عليها مجلس أوروبا وفتح باب التوقيعات عليها منذ2001.وقد صادق المغرب بدوره على الاتفاقية بإيداع ملفه لدى مجلس أوروبا في يونيو 2018 حيث أصبحت هذه الاتفاقية مكونا من مكونات المنظومة القانونية الوطنية .
ومن المعلوم أيضا أن هذه الاتفاقية تضع الإطار القانوني للتدابير التشريعية التي ينبغي اتخاذها لمواجهة الجرائم الالكترونية عند انضمام أي دولة لهذه الاتفاقية التي تحدد وتصنف أنواع الجرائم المعلوماتية، وكذا سبل التعاون الدولي المرتبط بها.
وبالعودة للتقديم الذي وقعتموه ،السيد الوزير، تأطيرا للقانون المذكور أشرتم بأن هذا القانون يأتي “تتميما لجهود بلادنا الرامية إلى ملاءمة قوانينها الوطنية مع باقي القوانين المقارنة والمعايير المعتمدة في مجال محاربة الجريمة الالكترونية خاصة بعد المصادقة على اتفاقية بودابيست المتعلقة بالجريمة المعلوماتية بتاريخ 29يونيو 2018..”‘.
غير أنه بالعودة لاتفاقية بودابيست نفسها لا نعثر على أي مقتضى يتعلق بتجريم الدعوة إلى ” مقاطعة بعض المنتوجات أو البضائع أو الخدمات..” كما هو وارد مثلا في المادة 14 من القانون الذي أخرجتموه.
والحال أن الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقية تتعلق بشكل حصري بتجريم كل الأنشطة المحكومة ب ” قصد جنائي” والتي تتعلق بالدخول غير القانوني والمتعمد إلى أي نظام معلومياتي بدون حق،أوالعرقلة المتعمدة للبيانات والمعلومات المرسلة من أي نظام كمبيوتر،أوالتدخل المتعمد في الأنظمة المعلومياتية بتعطيلها، أوتدميرها، وحذفها، وتشويهها، وتبديلها..، أواستعمال الأجهزة الالكترونية بشكل غير قانوني في عمليات البيع، والشراء، والاستيراد، والاستخدام بهدف ارتكاب فعل اجرامي..،أو التزوير المتعمد بتعديل، أو إدخال ، أو حذف بيانات أصلية وتقديمها كأنها أصلية،أوالاحتيال المتعمد باستخدام الكمبيوتر على نحو يسبب خسارة الغير لممتلكاته بنية الحصول على منفعة اقتصادية.بالإضافة إلى الجرائم المرتبطة بدعارة الأطفال ( تجريم كل عرض وتوزيع ونقل وإنتاج كل المواد الإباحية المتعلقة بدعارة الاطفال..)أو الجرائم المرتبطة بحقوق المؤلفين لحماية المصنفات الأدبية والفنية.
وعليه، فان الاتفاقية المذكورة ، والتي تؤطر الجرائم الالكترونية وتحدد التدابير التشريعية الاجرائية المتعين اتخاذها قصد مواجهتها لا تشير نهائيا لتجريم الدعوة إلى مقاطعة مواد أو منتوجات معينة. وبالتالي، فان حشرها في هذا القانون لا يتطابق مع اتفاقية بودابيست.
واذا كان القانون20.22 قد أفرد فصولا تجرم نشرالأخبار الزائفة، أو الماسة بالشرف والاعتبار الشخصي،أو الجرائم الواقعة على القاصرين، وهو ما سيعزز من دون شك الترسانة القانونية للتصدي للجرائم الالكترونية، فبالمقابل، فإن المواد المتعلقة بما سمي ب” الجرائم الماسة بالأمن والنظام العام الاقتصادي” لا تنطبق في تقديرنا مع المقتضيات التشريعية ذات الصلة بالجرائم الالكترونية.وهو ما يتطلب سحبها من هذا القانون.
*فاعل حقوقي
تعليقات الزوار ( 0 )