قال رئيس منظمة “مراسلون بلا حدود”، ومدير البرنامج الإذاعي “جيوبوليتيك” براديو “فرانس إنتر”، بيار حسكي، إنه في خضم التعديل العالمي الناجم عن الاضطرابات البيئية والجيوسياسية، يبدو أن هناك دولة واحدة تتقدم إلى الأمام وهي المملكة المغربية.
وأضاف بيار في مقال تحليلي، نشرته مجلة “WorldCrunch” يوم أمس (الخميس) أنه ومع تغير تكنولوجيات العالم، تتغير أيضاً البلدان التي لا تتمتع بمزايا الإنتاج فحسب، بل وأيضاً جغرافيتها ودبلوماسيتها، والصين تدرك ذلك، وترى أن الاستثمار في الموارد المغربية يشكل رهاناً ذكياً بشكل خاص على المدى الطويل.
وبحسبه، فقد تم بالفعل الإعلان عن العديد من الاستثمارات الكبرى، بما في ذلك استثمار الأسبوع الماضي بقيمة 2 مليار دولار من قبل مجموعة صينية تهدف إلى إنتاج مكونات البطاريات الكهربائية. ومن التفاصيل المهمة، وفقًا لصحيفة فايننشال تايمز، أن مجموعة المدى، المملوكة للعائلة المالكة المغربية، تستثمر في المشروع المشترك مع المجموعة الصينية CNGR.
وأعلنت استثمارات كورية جنوبية وصينية أخرى، لا تزال مرتبطة بالمعادن الانتقالية البيئية أو صناعة البطاريات، أنها ستفتتح متجرا في المغرب في الأشهر الأخيرة. إنهم يسجلون رقما قياسيا لحوض البحر الأبيض المتوسط.
لماذا المغرب؟
وأوضح المصدر ذاته، أن هذا الاختيار له أهمية مضاعفة بالنسبة للصينيين، أولاً، لم يعد المستثمرون الصينيون يشعرون بالترحيب في الغرب ويختارون دولاً ثالثة، والمغرب هو أحد هذه البلدان – فقد انضم بالفعل إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية ولا يشعر بأي مخاوف بشأن التعامل مع بكين.
كما أن المغرب ملتزم أيضًا باتفاقيات تجارية مع أوروبا والولايات المتحدة، وهذا يسمح لمنتجات “صنع في المغرب” بتجاوز العقبات التي يبدو أنها تنشأ أمام “صنع في الصين” في صناعة السيارات، وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، لن يتم استبعاد المنتجات المغربية من الدعم بفضل اتفاقية التجارة الحرة، وهو أمر بالغ الأهمية.
وأضاف، “ولقياس المدى الذي وصلت إليه الأمور، اسمحوا لي أن أشارككم ذكرى شخصية: قبل عشرين عاماً على وجه التحديد، عندما كنت مراسلاً في بكين، اتصلت بي إحدى الصحف المغربية، وطلبوا تقديم المشورة لرجال الأعمال المغاربة الذين كانوا على وشك استقبال أول وفد تجاري صيني في البلاد، لقد كانت صفحة بيضاء، ولم يكن المغاربة يعرفون ما ينتظرهم”.
وأشار رئيس منظمة مراسلون بلا حدود، ومدير البرنامج الإذاعي “جيوبوليتيك” براديو “فرانس إنتر”، بيار حسكي، إلى “أنه وبعد عشرين عاما، تتضاعف الاستثمارات، والمغرب الوجهة الثالثة لرأس المال الصيني في أفريقيا”.
إعادة ترتيب عالمية
ووفقا لبيار حسكي، فإن ما نشهده الآن هو إعادة خلط حقيقية للسطح على نطاق عالمي بسبب التغيرات التكنولوجية والجيوسياسية، وعلى سبيل المثال، صعدت الصين، التي كانت غائبة تماما عن صناعة السيارات، إلى المركز الأول في العالم للسيارات الكهربائية التي تمثل شريحة المستقبل.
وبالمثل، فإن هذا التحول التكنولوجي يجعل دولًا مثل إندونيسيا وتشيلي وجمهورية الكونغو الديمقراطية أكثر بروزًا بسبب احتياطياتها من المعادن الرئيسية، وتحاول هذه البلدان الارتقاء في سلسلة القيمة، إلى ما هو أبعد من مجرد تصدير المواد الخام، بل إن إندونيسيا ذهبت إلى حد حظر تصدير النيكل، بهدف بناء صناعتها الكاملة.
وخلص المتحدث نفسه، إلى أن الدول الغربية في موقف صعب: فهي تحاول إعادة أو خلق فرص العمل في الداخل التي كانت تستعين بها في الخارج لمدة عشرين عاما، لكنهم يرون ظهور منافسين جدد يتمتعون بمزايا تكلفة أقوى ومواقع جيوسياسية مرنة، والمغرب واحد منهم، وهو صديق لكل من واشنطن وبكين وقريب من السوق الأوروبية، وهي حقيقة واضحة لم يغفلها الصينيون.
تعليقات الزوار ( 0 )