قال رئيس المركز الإفريقي الكندي للبحوث الإستراتيجية، الموريتاني الشيخ أحمد أمين، إن توابع الزلزال السياسي الكبير الذي ضرب لأول مرة القارة الأفريقية استمر بعد أن أصدرت السلطات الحاكمة فى دولة مالي يوم الإثنين 31 يناير 2022 قرارا نافذا يقضى بطرد سفير فرنسا جويل ميير، وأمرته بمغادرة البلاد، خلال فترة لا تتجاوز 72 ساعة.
وأوضح الشيخ أحمد أمين في مقال تحليلي له، نشره موقع “أنباء أنفو” الموريتاني، يوم أمس (الجمعة)، أن قرارات إغلاق المصالح الفرنسية توالت في عموم البلاد وتم حظر الطيران الفرنسي من التحليق فوق سماء مالي.
ولم تمض سوى أسابيع قليلة على القرارات الكبيرة غير المسبوقة ضد الوجود الفرنسي في مالي، حتى أعلنت انقلابات متوالية مماثلة كلها ترفع شعار “لا للتواجد الفرنسي” في كل من بوركينافاسو والنيجر.
وفي النيجر كانت المواجهة بين انيمي وباريس أكثر حدة لما تجاهل السفير الفرنسي، قرار الطرد الصادر من سلطات النيجر في 26 أغشت 2023 ورفض الإنصياع للسيادة الوطنية لدى الدولة الافريقية المستضيفة.
ورغم أنفه، أجبر السفير الفرنسي على مغادرة انيمي، بعد أن قطعت السلطات هناك، عن مقر إقامته، الماء والكهرباء وشبكة الإتصالات، وأشعل مواطنون النار داخل المقر.
ومضى قائلا: “إنها السيادة الوطنية أيها الفرنسيون – قالها رئيس المجلس العسكري في النيجر، الجنرال عبد الرحمن تياني، وهو يعانق مظاهرات الشارع المحتفل برحيل السفير الفرنسي.
وتواصلت توابع الزلزال السياسي ضد التواجد الفرنسي في أفريقيا وتمددت من حدود مالي وبوركينافاسو والنيجر، إلى أن وصلت السنغال، أكبر مرتبط بالمصالح الفرنسية حيث الشركات الفرنسية فوق أراضيها تدفع المستحقات الضريبية للحكومة الفرنسية وليس للحكومة السنغالية!.
وفي مساء يوم 27 مارس 2024، اهتزت الأرض تحت أقدام السنغاليين .. إنه التابع الزلزالي الأكبر، مرشح حزب “باسيف” المعادي للفرنسيين، يحصل على 54,28 بالمئة من الأصوات في الجولة الأولى من الإنتخابات الرئاسية.
وشكل انتخاب باسيرو ديوماي فاي، في الجولة الأولى من الإنتخابات الرئاسية بالسنغال، تحولا سياسيا سيكون له ما بعده على مستوى العلاقات مع فرنسا خصوصا إذا علمنا أنها الدولة المركزية للسياسة الفرنسية في أفريقيا.
وأدركت فرنسا، خطورة الوضع، وأن لاعبين جٌدداً سيحلون محلها في أفريقيا وأن مصالحها أصبحت مهددة أكثر من أي وقت مضى، وأن عليها الإسراع في مراجعة جميع طرق تعاملاتها السابقة مع إفريقيا وشعوبها حتى لا تشمل ارتدادات الزلزال جميع القارة الأفريقية ويضيع منها كل شيئ.
واعتبر المصدر ذاته، أن خوف فرنسا من العملاقين الروسي والصيني لا يقل عنه أهمية خوفها من عملاق آخر طور التشكل هو العملاق المغربي، صاحب الدابلوماسية القوية ومصالح اقتصادية تتوسع بشكل ناجح و سريع، داخل القارة الأفريقة من خلال وجود شركات متعددة في مختلف القطاعات من البنوك والطيران والتعليم، إضافة إلى الإستمار فى المجال الثقافي والروحي المشترك مع بلدان القارة.
وانتبهت باريس، وهي تخسر بيادقها فى أفريقيا، واحدا تلو الآخر، إلى قوة الدبلوماسية المغربية داخل القارة والعلاقة القوية المتميزة التي تربط معظم القادة والشخصيات السياسية والدينية المؤثرة في أفريقيا بالمملكة المغربية، لذلك رأيناها فى الآونة الأخيرة تسعى إلى كسب ودالمغرب.
وأشار رئيس المركز الإفريقي الكندي للبحوث الإستراتيجية، إلى أن تصريحات بعض المسؤولين فى الخارجية الفرنسية الصادرة هذه الايام، لا تخفي اهتمامهم الكبير بالمغرب وأن تعميق العلاقات مع المملكة الشريفة، وحده الوسيلة الأقرب للإنطلاق نحو سياسة جديدة تعود بهم إلى إفريقيا.
وخلص المتحدث عينه، إلى أن هذه المرة ستكون على أسس جديدة، وعلاقة أكثر أفقية تقوم على شراكات اقتصادية “مربحة للجانبين”، والإبتعاد عن أسلوب التدخل فى الشؤون الداخلية واحترام سيادة بلدانها كما يفعل المغرب.
تعليقات الزوار ( 0 )