يحتفل المغاربة، على غرار العديد من الشعوب الإسلامية، اليوم، بذكرى المولد النبوي الشريف، تمسكا منهم بدينهم وتشبثا وتعلقا بالرسول صلى الله عليه وسلم وتفانيهم في حبه وحب آل بيته.
ويجمع العديد من الباحثين بأن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف في المغرب، كانت مع أمير سبتة أبي العباس العزفي السبتي، الذي ألف كتاب ” الدر المنظم في مولد النبي المعظم” وأكمله من بعده ابنه أبو القاسم العزفي، وفي هذا الكتاب إشارة واضحة إلى أن العزفيين أول من احتفل بهذه الذكرى.
وكان من دواعي تأليف هذا الكتاب، ظهور الحاجة إلى الاحتفال بالمولد النبوي بعد أن شاع لدى بعض المغاربة والأندلسيين مشاركتهم جيرانهم المسيحيين الاحتفال بأعيادهم، كعيد النيروز يوم فاتح يناير، والمهرجان أو العنصرة يوم 24 يونيو، وميلاد المسيح يوم 25 دجنبر.
ولقد أقر العزفي ببدعية هذا الاحتفال، لأنه لا عهد للسلف الصالح رضوان الله عليهم به، لكنه أدخله في البدع المستحسنة، مستندا إلى تعليق الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على تراويح رمضان بقوله:” نعمت البدعة هذه” وقد استطاعت حملة أبي العباس العزفي” أن تؤتي ثمارها، فتحقق له هدفه من إقلاع مسلمي الأندلس والمغرب عن الاحتفال بعيد الميلاد المسيحي، وإن لم تقض تماما على بعض الأعياد الأخرى التي لم يكن لها طابع ديني واضحا.
وتجمع المصادر على أن أول ملك مغربي احتفل بالمولد النبوي هو السلطان الموحدي عمر المرتضى المتوفى عام 665 هـ، وقد كان لهذا السلطان اهتمام زائد وحرص شديد على إقامة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، حيث أمر بتوقيف العمل فيه، لتمكين الناس من المشاركة في تظاهرات هذا العيد، وليعبروا عن مدى حبهم وتفانيهم في النبي صلى الله عليه وسلم.
وسيتكرس الاحتفال بالمولد النبوي بشكل رسمي مع المرينيين، الذين أولوا هذه المحطة السنوية اهتماما بالغا سيتوج بصدور مرسوم ملكي سنة 691هـ يقضي بجعل المولد النبوي من الأعياد الرسمية.
ويقول العلامة ابن مرزوق، الذي خص أبا الحسن المريني بمؤلف جمع فيه شمائله وأخلاقه ومناقبه سماه “المسند الصحيح الحسن في مآثر ومحاسن مولانا أبي الحسن” بأن أبا الحسن المريني دأب على إقامة ليلة المولد حضرا وسفرا، ولا يشغله عن إقامته شاغل، لدرجة أنه كان يعاقب كل من يتخلف عن الاحتفال، في أي مكان كان به.
وفي عهد السعديين، حظي الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بصور جليلة من التعظيم الكبير والاهتمام البالغ اللذين بلغا أوجهما مع أحمد المنصور الذهبي الذي حرص على الإشراف على الاحتفال بهذا اليوم في قصره البديع.
ولقد دأب أمير المؤمنين سيدي محمد بن الحسن العلوي،محمد السادس، على الاحتفال بذكرى ليلة المولد النبوي الشريف. حيث يسير على نهج أسلافه من أمراء المؤمنين العلويين ومن سبقهم من الموحدين والمرينيين والسعديين.
تعليقات الزوار ( 0 )