في لقاء لافت، استقبل رئيس أركان الجيش الجزائري السعيد شنقريحة، بمقر وزارة الدفاع، مديرَ إدارة الاستخبارات العسكرية بقوات “الجيش” التابعة لحكومة “الوحدة الوطنية” الليبية العميد محمود حمزة، للتباحث حول إشكالات تأمين الحدود المشتركة بين البلدين وقضايا أخرى.
ووفق بيان المكتب الإعلامي لـ”اللواء 444″ الليبي، فقد التقى العميد حمزة، رئيسَ أركان الجيش الجزائري الفريق أول السعيد شنقريحة، ومدير إدارة الاستخبارات الجزائرية، ومدير جهاز مكافحة الإرهاب، وهم كبار القادة العسكريين في البلاد.
وأضاف البيان أن اللقاء ناقش وضع آلية لتبادل المعلومات حول مكافحة الإرهاب والمخدرات، ووضع خطط استراتيجية لمحاربة التهريب بأنواعه كافة وتأمين الحدود، بالإضافة إلى الاتفاق على آليات التدريب بين البلدين وتبادل الخبرات.
ويعد ملف أمن الحدود ومكافحة التهريب، أكثر ما يؤرق المسؤولين الجزائريين، وهو ما تعكسه أجندة اللقاءات التي جمعتهم بنظرائهم من حكومة “الوحدة الوطنية” التي تعترف بها الجزائر. وكان وزير الداخلية الجزائري إبراهيم مراد، قد ناقش مع نظيره الليبي عماد الطرابلسي على هامش قمة روما الأخيرة، آفاق التعاون الأمني المشترك بين البلدين، خاصة في مجالات مكافحة المخدرات، وتأمين الحدود، ومكافحة الهجرة غير النظامية، وتعزيز التعاون في مواجهة التحديات الأمنية التي تشهدها المنطقة.
وفي تدخل له قبل أشهر خلال فعاليات المؤتمر 11 للأمن الدولي بالعاصمة الروسية موسكو، أكد رئيس الأركان الجزائري أن الانسداد السياسي في الجارة الشرقية للجزائر، يشكل مصدر قلق لشعوب المنطقة التي تأمل وصول الإخوة في ليبيا لحل سياسي توافقي على طريقة المصالحة الوطنية الجامعة وانتخابات ديمقراطية. وذكر أن “الجزائر تسعى على الدوام للمساهمة في حل النزاعات بالطرق السلمية واحترام قواعد القانون الدولي كما تساهم بمقاربة واقعية واستشرافية تقوم على ثلاثية الأمن والسلم والتنمية”.
وعلى مستوى الموقف السياسي والدبلوماسي، كانت الجزائر قد جددت في 20 غشت الماضي، عبر كلمة ألقاها ممثلها بمجلس الأمن خلال جلسة نقاش حول الوضع في ليبيا، تمسكها بضوابط وثوابت، تتمثل في البحث عن حل سلمي وسياسي للأزمة، على أن يأتي الحل عبر مسار ليبي- ليبي، تحت رعاية الأمم المتحدة. وأبرز ممثل الجزائر أن “حل الأزمة يجب أن يفضي إلى تنظيم انتخابات حرّة ونزيهة وشفافة، تعيد لمّ شمل جميع أطياف الشعب الليبي، وتكفل توحيد مؤسساته، وتلبية طموحاته وتطلعاته داخلياً وخارجياً”.
والمعروف أن الجزائر التي تتعامل بانسجام كبير مع حكومة الوحدة الوطنية، ومع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، تبدي قلقا كبيرا من نشاط اللواء المتقاعد خليفة حفتر منذ سنوات، وازداد التوتر في الفترة الأخيرة بعد وصول قواته إلى حدودها الشرقية، حيث توجد منشآت نفطية وغازية هامة، وهو ما تنظر إليه الجزائر على أنه تهديد لأمنها القومي.
وعبّرت الجزائر عن ذلك صراحة في 10 غشت الماضي، عندما أكدت مشاركتها “بشكل كامل المخاوف التي أعربت عنها الأمم المتحدة بشأن هذه التحركات”، مؤكدة أن “وقف الاشتباكات بين الإخوة المتنازعين هو مكسب مهم يجب الحفاظ عليه بأي ثمن”، داعية “جميع الأطراف الليبية إلى التحلي بالحكمة وضبط النفس والبصيرة لتجنيب بلادهم وشعبهم العواقب المأساوية لاستئناف القتال”، مع مناشدتهم “إيجاد حل سلمي للأزمة، وتحقيق المصالحة بين الليبيين، وتوحيد المؤسسات، ووضع حد للتدخلات الأجنبية”.
وتعرف العلاقات مع حفتر توترات مزمنة، في ظل حالة عدم الثقة التي تجمع الطرفين. وفي سنة 2021، بلغ القلق الذروة عقب إعلان قوات حفتر إغلاق الحدود مع الجزائر واتخاذها “منطقة عسكرية” بعد أيام من تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للجزيرة، حول دور بلاده في منع سقوط العاصمة طرابلس في يد حفتر عام 2019.
وفي خطاب ناري، وجّه الفريق السعيد شنقريحة، من ورقلة قرب الحدود الليبية، رسالة تحذير شديدة اللهجة، إلى من وصفها بالأطراف التي تسول لها نفسها المريضة والمتعطشة للسلطة المساس بأمن الجزائر وسلامتها الترابية.
وقبل ذلك، وصل الأمر بحفتر سنة 2018 إلى حد التهديد بشن هجوم على الأراضي الجزائرية؛ بزعم أنها “تستغل الأوضاع الأمنية في ليبيا بدخول قوات من جيشها إلى الأراضي الليبية”. لكن الرئيس الجزائري الحالي عبد المجيد تبون يبدي حزما في التعامل مع هذه “التحرشات”، مؤكدا في أكثر من مناسبة أن حفتر دون أن يذكره بالاسم “سيندم ندماً شديداً إن وطأت قدماه ترابنا”.
وتتهم أحزاب سياسية ووسائل إعلام جزائرية، خليفة حفتر وقواته المدعومة من الإمارات، بشن حرب مخدرات على الجزائر، حيث باتت منطقة الحدود الجنوبية الشرقية للجزائر مرتعا لشبكات إدخال الأقراص المهلوسة التي تغرق البلاد. وضُبط في ولايات ورقلة والوادي في السنوات الأخيرة ملايين الأقراص من المؤثرات العقلية التي تستهدف الشباب الجزائري، وفق التقارير التي تنشر تباعا من قبل أجهزة الأمن الجزائرية المختلفة.
(القدس العربي)
تعليقات الزوار ( 0 )