Share
  • Link copied

خلاف يواصل التّجذّر.. ما هي أسباب الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وفرنسا؟

تحت عنوان: “بين باريس والرباط.. أسباب خلاف يتجذّر”، قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إنه مع تزايد نقاط التوتر، بما في ذلك قضية “بيغاسوس” وقيود التأشيرات والصحراء المغربية، تستنكر حاشية ملك المغرب “غطرسة” الرئيس الفرنسي.

واعتبرت الصحيفة أننا أمام ”قطيعة صماء” لا تقول اسمها، وغير مسبوقة بين باريس والرباط في عهد محمد السادس. فيجب أن نعود إلى عهد والده الراحل الحسن الثاني، وقضية المهدي بن بركة الذي اختفى واغتيل في باريس، أو صدور كتاب “صديقنا الملك” المثير للجدل عن العاهل المغربي السابق، لإيجاد أثر في التاريخ لخلاف شديد بين بلدين شريكين من المفترض أن يحافظا على علاقة مميزة. وعلى عكس الأزمات السابقة، لم يتم تحديد مصدر الصراع الجديد بوضوح.

واعتبرت “لوفيغارو” أن البحث في باريس والرباط عن أصل الأزمة الدبلوماسية بين فرنسا والمغرب، يشبه المغامرة في لعبة البحث عن الكنوز بخط سير خالٍ من علامات أو إرشادات.

يتم إخفاء مؤشرات عن عمد، وطمس الرسائل، بينما يتراكم غير المعلن على جانبي البحر الأبيض المتوسط. في شهر ديسمبر، حاولت باريس تجديد الحوار، حيث زارت وزيرة الخارجية كاترين كولونا الرباط لتلطيف الأجواء، وأعلنت من هناك عن انتهاء السياسة الفرنسية في تقييد التأشيرات الممنوحة للمواطنين المغاربة، دون أن تنجح في حل الخلاف.

وأشارت “لوفيغارو” إلى أنه بينما أوفدت فرنسا سفيرا جديدا إلى الرباط، أنهى الملك محمد السادس مهام ممثله في باريس دون تعيين خليفة له. وتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الموضوع في نهاية شهر فبراير، مُقراً بـ“جدالات”، وأبدى “استعداده للمضي قدما مع المغرب”.

وقال ماكرون: “الملك محمد السادس يعلم ذلك، لقد أجرينا عدة مناقشات، وهناك علاقات شخصية ودية”. غير أن مصدرا رسميا مغربيا سارع إلى الرد على الرئيس الفرنسي عبر تصريح أوردته مجلة “جون أفريك”. وقال المسؤول المغربي: “العلاقات ليست ودية ولا جيدة بين الحكومتين المغربية والفرنسية، ولا بين القصر الملكي والإليزيه”.

وتابعت “لوفيغارو” القول: “منذ قضية بيغاسوس، تراكمت الخلافات، وأدى رفض إعادة المواطنين المغاربة الخاضعين لأمر الترحيل من فرنسا إلى تخفيض التأشيرات التي تمنحها باريس بنسبة 50 في المئة. وأعقب التقارب بين فرنسا والجزائر، تشددٌ أو تصلبٌ مغربي فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية. ثم أضيف التصويت غير المسبوق للبرلمان الأوروبي ضد المغرب فيما يتعلق بحرية الصحافة إلى قضية “المغرب-غيت””.

وقالت الصحيفة الفرنسية إن العلاقات الشخصية بين الرئيس الفرنسي والملك المغربي لا تبدو على ما يرام، ويبدو أن التيار لم يمر أبدا بينهما، رغم أنه تمت دعوة ماكرون وزوجته في عام 2017 خلال زيارته الأولى للمملكة، لتناول وجبة الإفطار في رمضان بمنزل العاهل المغربي الخاص، وهو اهتمام مخصص للأصدقاء المقربين. بعد ذلك ببضعة أشهر، شارك الملك، برفقة نجله الأمير مولاي حسن في غداء عمل بقصر الإليزيه بمناسبة قمة المناخ العالمية.

لكن الإشارات الإيجابية هذه اختفت بعد تقاعد السفير الفرنسي المؤثر لدى الرباط، جان فرانسوا جيرو.

توترت العلاقات بين الزعيمين بسبب قضية بيغاسوس، على خلفية كشف Forbidden Stories في يوليو عام 2021، أن الهواتف المحمولة لعشرات الآلاف من الأشخاص حول العالم قد تم اختراقها بواسطة برامج تجسس بيع للدول من قبل شركة NSO الإسرائيلية، بموافقة الحكومة العبرية. ويشتبه في أن المغرب هو أحد المستخدمين الرئيسيين لهذا البرنامج.

وكان إيمانويل ماكرون ورئيس وزرائه إدوارد فيليب وأربعة عشر وزيراً في حكومته في ذلك الوقت، وكبار المسؤولين على قائمة الأهداف. يضاف إليهم عدد من الصحافيين الفرنسيين أو المواطنين الذين يدعمون من قريب أو بعيد جبهة البوليساريو، تقول “لوفيغارو”، مشيرة إلى أن الشيء نفسه ينطبق على إسبانيا والجزائر، وإلى أنه في المجموع، تحتوي القائمة على حوالي عشرة آلاف اسم.

وتابعت “لوفيغارو” التوضيح أنه مع عدم وجود علاقة سببية واضحة، أدى إعلان الحكومة الفرنسية في سبتمبر 2021 عن تخفيض التأشيرات للمواطنين المغاربة إلى تفاقم أزمة كامنة. كان الهدف من هذا الإجراء دفع الدول المعنية للموافقة على إصدار وثيقة مرور لاستعادة مواطنيها غير النظاميين الخاضعين لإجراءات الترحيل من فرنسا (OQTF). خلال النصف الأول من العام، تمكنت فرنسا فقط من إعادة 80 من أصل 3301 مغربيا إلى بلادهم باستخدام OQTF.

وقد أثارت هذه القيود الغضب في المغرب الذي كان مواطنوه يحصلون على أكبر عدد من التأشيرات الفرنسية في العالم. وعليه، أصبح المواطنون المغاربة يتوجهون إلى القنصليات الإسبانية والإيطالية لدخول منطقة شنغن ثم الأراضي الفرنسية. ومنذ رفع الإجراء، استُأنفت الترحيلات نحو المغرب العربي بوتيرة وصفها دبلوماسي فرنسي بأنها “محسوبة”. لكن الاستياء المغربي لم يتلاشَ. وفي الأوساط الإعلامية، هناك هجوم على الرئيس الفرنسي.

ومضت “لوفيغارو” قائلة إن قضية الصحراء المغربية، التي يعتبرها المغرب “مقدسة” اكتسبت زخما جديدا بعد اعتراف الإدارة الأمريكية في عهد دونالد ترامب بمغربية الإقليم مقابل انضمام المغرب إلى اتفاقيات أبراهام الموقّعة بين إسرائيل ودول خليجية. وتعتقد الرباط أنها اكتسب زخما في هذا الملف منذ ذلك الحين، وتعتزم دفع الدول الأوروبية للانضمام بدورها إلى الموقف الأمريكي.

وحققت الحكومة المغربية أول انتصار لها بتخلي إسبانيا عن دعمها لجبهة البوليساريو ، نتيجة لانهيار معاهدة الصداقة بين مدريد والجزائر؛ وذلك بعد ضغط المغرب على إسبانيا بورقة المهاجرين، حيث تمكن العديد منهم من دخول جيب سبتة الإسباني بشكل جماعي، أو مغادرة سواحل البر الرئيسي المغربي للوصول إلى جزر الكناري. وأيدت مدريد خطة الحكم الذاتي التي اقترحتها الرباط، والتي تعتبرها “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع”.

مدعوماً بنجاحه الدبلوماسي، أعلن الملك محمد السادس عن تحول نموذجي خلال خطابه السنوي لعيد العرش في أغسطس الماضي، موضحا أنه من الآن فصاعدا، ستخضع العلاقات مع دول الحلفاء لدرجة ولائهم لمواقف المغرب حول الصحراء المغربية. كانت الرسالة موجهة بشكل أساسي إلى فرنسا كي تراجع دبلوماسيتها بشأن قضية الصحراء المغربية. ففي عملية موازنة، تدافع باريس عن موقف الحياد تجاه المغرب، دون الخروج عن إطار الأمم المتحدة والقانون الدولي، كما تقول “لوفيغارو”.

(القدس العربي)

Share
  • Link copied
المقال التالي