كشفت تقارير استخباراتية، نقلاً عن عدة وسائل إعلامية دولية، أن المغرب يخطط لبناء قاعدة عسكرية كبرى في أقصى جنوب الصحراء، وذلك لمواجهة التهديدات الإرهابية المتزايدة في منطقة الساحل الأفريقي.
وستكون هذه القاعدة بمثابة مركز لتنفيذ ضربات جوية دقيقة ضد الجماعات الجهادية الناشطة في المنطقة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة وفرنسا، وبشراكة وثيقة مع سلطات مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
وتأتي هذه الخطوة في إطار الجهود المغربية لتعزيز أمنها القومي، خاصة مع توسع العمليات الإرهابية في الساحل، والتي تشكل تهديداً مباشراً للمغرب.
وقد أطلقت المملكة مبادرة “الوصول الأطلسي” لدول الساحل، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الأمني والتنموي في المنطقة.
كما تعمل الرباط على بناء طريق استراتيجي جديد يربط مدينة السمارة بموريتانيا، في خطوة من شأنها تغيير المشهد الجيواستراتيجي لمنطقة الساحل وأفريقيا جنوب الصحراء.
مشاريع استراتيجية لمواجهة التحديات الأمنية والتنموية
وتهدف المبادرة المغربية إلى معالجة جذور عدم الاستقرار في المنطقة، من خلال التركيز على الأبعاد الأمنية والتنموية. وقد نجحت السلطات المغربية الشهر الماضي في إفشال مخطط إرهابي كبير كان يستهدف زعزعة استقرار البلاد وإعاقة المشاريع الاقتصادية الإقليمية.
وتم القبض على 12 عنصراً من خلية إرهابية تابعة لتنظيم “داعش” في الساحل، كانت تخطط لإقامة فرع مغربي للتنظيم تحت اسم “أسود الخلافة في مغرب الأقصى”. وكانت هذه الخلية تتلقى أوامرها من قيادي بارز في التنظيم يُدعى عبد الرحمن الصحراوي.
فراغ أمني في الساحل واستجابة مغربية
ويأتي بناء القاعدة العسكرية المغربية في سياق الفراغ الأمني الذي خلفه انسحاب القوات الفرنسية من منطقة الساحل، وتآكل النفوذ الغربي في المنطقة، مما فتح المجال أمام الجماعات الإسلامية المتطرفة لتعزيز وجودها.
ومن خلال هذه الخطوة، يضع المغرب نفسه كفاعل رئيسي في مكافحة الإرهاب في شمال أفريقيا وما بعدها، وكصادر للسلام والاستقرار في المنطقة.
وقد عزز المغرب، على مدى السنوات الماضية، شراكاته الأمنية مع القوى الغربية، بهدف احتواء التهديد الجهادي قبل وصوله إلى أبواب أوروبا.
وتجري المملكة تدريبات عسكرية سنوية مع الولايات المتحدة تحت اسم “أفريكان ليون”، كما تسلمت مؤخراً ست طائرات هليكوبتر هجومية من طراز AH-64E Apache، مزودة بتقنيات متطورة، بما في ذلك محركات توربينية متقدمة ورادارات للتحكم في النيران.
ومن المقرر أن تتسلم المزيد من هذه الطائرات، بعد موافقة وزارة الخارجية الأمريكية في عام 2019 على بيع 36 طائرة من هذا الطراز للمغرب.
تعزيز القدرات العسكرية المغربية
ويمتلك المغرب أيضاً أسطولاً مهماً من الطائرات المقاتلة الأمريكية والفرنسية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من طائرات الاستطلاع والمسيرات القتالية التي تم الحصول عليها من تركيا والولايات المتحدة والصين ودول أخرى.
وتعكس هذه التطورات النمو المتزايد للقوة العسكرية والاقتصادية للمملكة، مما يثير قلق النظام الجزائري، الذي يبدو أكثر اضطراباً من أي وقت مضى بشأن فقدان السيطرة على الوضع الداخلي.
حملات إعلامية مضادة وفشل الدبلوماسية الجزائرية
وفي محاولة لتحويل الانتباه عن الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتعمقة، أطلقت السلطات الجزائرية حملة دعائية سوداء ضد المؤسسات السياسية المغربية. إلا أن هذه الحملات، التي تحمل سمات الحرب الباردة، أثبتت فشلها الذريع، ولم تنجح إلا في إضاعة الوقت والجهد.
وبعد سلسلة من الإخفاقات الدبلوماسية، يبدو أن النظام الجزائري يلعب أوراقه الأخيرة لبث الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة والساحل. إلا أن استراتيجيته اليائسة قد تنقلب عليه، مما قد يؤدي إلى انهيار النظام العسكري الحاكم، على غرار ما حدث مع نظام الأسد في سوريا.
وببناء هذه القاعدة العسكرية، يعزز المغرب موقعه كفاعل إقليمي رئيسي في مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل.
وفي الوقت نفسه، تواجه الجزائر، الجارة الشرقية، تحديات داخلية وخارجية قد تعيد تشكيل المشهد السياسي في المنطقة.
تعليقات الزوار ( 0 )