تزعم موريتانيا أنها تلتزم الحياد في نزاع الصحراء بين الجزائر والبوليساريو والمغرب. وهي بمثابة عضو ملاحظ في المفاوضات التي تشرف عليها منظمة الأمم المتحدة منذ 2007، والتي توقفت منذ 2014. واستأنفت في اطار مناقشات المائدة المستديرة، وتوقفت بدورها باستقالة المبعوث الشخصي للأمين العام هورست كوهلر.
وقد أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس الموريتاني كثيرا من السجال داخل المغرب وردود أفعال في الإعلام الموريتاني، وهو ما دفعنا للتعليق على موقف الحياد الموريتاني انطلاقا من نقطتين محددتين: الواقع المجتمعي الموريتاني وعلاقاته بالبوليساريو، واتفاقية الجزائر بين موريتانيا والبوليساريو.
ثم سنتطرق بعد ذلك إلى الخلفية التي تقف من وراء التصريحات الأخيرة.
ذلك أن ادعاء موريتانيا التزامها الحياد الإيجابي في نزاع الصحراء تدحضه مجموعة من الحقائق، وتجعله مصداقية الزعم محل شك وريبة وتساؤل.
فجزء من سكان مخيمات تندوف ينحدرون من موريتانيا، رقيبات الساحل، ويطلق عليهم “بوليساريو موريتانيا” ولا يزالون يحتفظون بجنسية موريتانيا الى الآن وحتى الآن ، ناهيكم عن علاقات التداخل الاجتماعي الأُسَري والقبلي بينهما، لأن موريتانيا هي النقطة الوحيدة التي تسمح الجزائر للاجئي المخيمات بالتنقل اليها.
وهذا الواقع ساهم من حيث تدري او لا تدري موريتانيا في انتشار كبير للبوليساريو ولحاملي صوته داخل مفاصل إدارتها ومراكز اتخاذ القرار في الدولة، وبشكل كبير في وسائل إعلامها التي استثمرت فيه البوليساريو والجزائر مبكرا.
الشيء الذي يضطر معه أولئك الذين يقتنعون برأي مخالف للجزائر والبوليساريو إلى التزام السكوت درءا للقمع والعنف اللفظي الذي يطالهم، بحملات مغرضة ممنهجة تمسهم في أعراضهم عن طريق بث إشاعات العمالة لصالح المغرب وتهديدهم في حق حياتهم.
وتعتبر اتفاقية الجزائر بين موريتانيا والبوليساريو في 5 غشت 1979 والتي تطلق عليه البوليساريو اتفاقية “السلام”،- وتحتفي بها في كل سنة انتصارا دون اكتراث بمشاعر الموريتانيين، اتفاقية أكره النظام الموريتاني على القبول بها وتوقيعها بضغط من الجزائر، حيث تعترف موريتانيا بالبوليساريو “كدولة”، وتتضمن ملحقا ببنود سرية مجحفة. ويعتبرها اغلب الشعب الموريتاني، “مذلة”، وهناك من يعتبرها بمثابة اتفاقية استسلام، إذ تعترف موريتانيا للبوليساريو بحقوق على إقليم الصحراء، وهو ما يجعل موريتانيا تفقد ادعاء الحياد أمام هذا الاقرار والاعتراف.
وهذا الوعاء التعاقدي، وبغض النظر عن عدم ارتقائه إلى مرتبة الاتفاقية الدولية لأن طرفه “البوليساريو” كحركة انفصالية لا يتمتع بصفة دولة، ولعدم استشارة رئيس موريتانيا آنذاك محمد خونا ولد هيدالة للشعب الموريتاني ولا إشعاره وإعلامه بذلك. فهي تصرف بإرادة منفردة من رئيسها محمد خونا ولد هيدالة.
وقد وقعها تحت الضغط والإكراه وفد موريتاني يقوده المقدم أحمد سالم ولد سيدي النائب الثاني لرئيس اللجنة العسكرية للخلاص الوطني، الوزيـر المكلـف بالأمانة الدائمـة، وبعضوية المقدم أحمد ولد عبد الله قائد الأركان العامة للجيش الموريتاني، وبأوامر مباشرة من رئيس موريتانيا حينها محمد خونا ولد هيداله.
ورغم ذلك، ومهما يكن من أمر فإن هذا الاتفاق يبقى إطارا مكبلا لموريتانيا لم تستطع التخلص من تبعاته وعقده النفسية، وإن قادتها وأغلبهم من الجيوش لم يستطيعوا نقضه والتمرد عليه رغم بطلانه بسبب الإكراه الجزائري، وبقيت موريتانيا تجتر آثاره.
نعم، موريتانيا سيدة قرارها وموقفها وتصريحاتها، لكنها لا تملك مصداقية زعم الحياد الايجابي، لأن موقفها لصالح البوليساريو من حيث المبدأ وفقا للاتفاقية المشار اليها أعلاه. وليس من حقها ن الاعتراف لطرف ثالث ( البوليساريو) بحقه في اقليم يعود للمغرب.
و ذلك ليس له من تفسير سوى ان أولوياتها هو خلق كيان يفصل بينها وبين المغرب، وهو التفسير الوحيد لتصريحات رئيسها الحالي محمد الغزواني، وهي تصريحات تسير عكس مجرى العقيدة والقناعة الأممية والدولية الحالية.
*محامي بمكناس، مختص في القانون الدولي، قضايا الهجرة ونزاع الصحراء
علاقات الشعبين الشقيقين المغربي والموريطاني اقوى من طرهات الحكم العسكري، وحسب بعض المعلومات الواردة في مقالكم استاذ، فهذا النظام الذي يتقاسم الديكتاتورية العسكرية مع الجزا‘ىر، فهو يدمر استقرار موريطانيا ويصرب مصالح، شعبه عرض الحا‘ىط ، والجزا‘ىر من خلال سياستها التوسعية تسعى الى السيطرة على الصحراء المغربية وموريطانيا في نفس الوقت عبر مرتزقة البوليزاريو، وهذا ما يجهله النظام الموريطاني او يتجاهله ، وغير مدرك تماما انه لايمكن لموريطانيا ان تكون دون امتدادها في عمقها المغربي، وتبقى مسالة وقت فقط.