نشر مؤخرا سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، بحثا باللغة الإنجليزية ”الأسوار الحدودية في السياق الجهوي: حالة المغرب والجزائر“ (Border Walls in a Regional Context: The Case of Morocco and Algeria) في كتاب جماعي بعنوان ”الحدود والأسوار الحدودية: الأمن وغيابه، والرمزية، ونقاط الضعف“ (Borders and Border Walls: In-Security, Symbolism, Vulnerabilities)، عن دار النشر (روتليدج Routledge) بلندن.
يتناول البحث سياسة تحصين الحدود البرية المشتركة التي يقوم بها كل من المغرب والجزائر خلال السنوات الأخيرة، لأهداف تتداخل فيها الأبعاد الأمنية والسياسية.
يرى سعيد الصديقي أن العلاقات بين المغرب والجزائر، مثل باقي الدول الإفريقية، تأثرت إلى حد كبير بالإرث الاستعماري، وأيضا بعملية بناء الدولة ما بعد الاستعمار.
وأوضح الصديقي في دراسته المنشورة باللغة الإنجليزية، أن البلدين، المغرب والجزائر، قد تبنا معا سياسات متضاربة لتسوية النزاعات حول الحدود الموروثة. فبينما اعتمد المغرب على مبدأ الحقوق التاريخية على الأراضي التي ضمتها فرنسا إلى الجزائر، اعتمدت الأخيرة على مبدأ عدم المساس بالحدود الموروثة من الحقبة الاستعمارية.
وأورد الصديقي في دراسته أن الحدود المغربية الجزائرية مرت بمراحل مختلفة، فخلال الفترة الاستعمارية، وسّعت فرنسا حدود الجزائر غربا لضم جزء كبير من الأراضي المغربية، حيث ستستفيد الجزائر في مرحلة الاستقلال بشكل كبير من تطبيق مبدأ عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار لأنها سترث كل الأراضي التي اقتطعتها فرنسا لصالحها من المغرب وتونس.
وأضاف الخبير في العلاقات الدولية أن هذا الترسيم التعسفي للحدود، الذي طُبِّق دون احترام الحقائق التاريخية، أحد الأسباب الرئيسية لحرب الرمال في سنة 1963 بين المغرب والجزائر. وباستثناء فترة 1988-1994، ظلت الحدود البرية بين الدولتين مغلقة منذ استقلالهما لأسباب مختلفة.
واعتبرت الدراسة الأكاديمية، أن هذا الوضع الإقليمي والتوجس وعدم الثقة، دفع الدولتين إلى تأمين حدودهما من جانب واحد بمزيد من التحصينات المادية والافتراضية. ورغم أن البلدين شرعا في الوقت نفسه في تحصين حدودهما البرية المشتركة، فإن أولويات أهدافهما مختلفة بسبب التحديات المختلفة نسبيا التي يواجهها كل بلد.
وأشار الصديقي في دراسته إلى أن المغرب يُعد من البلدان القليلة في العالم المحاطة بالأسوار والسياجات المادية والافتراضية من كل الجهات تقريبا. فبالإضافة إلى الجدار الرملي الذي أنشأته القوات المسلحة المغربية في الصحراء في ثمانينات القرن الماضي والذي لا يزال قائما، فقد شيّد المغرب سياجا حديديا على حدوده الشرقية الشمالية مع الجزائر في عام 2014 لمنع الهجرة غير النظامية وتسلل عناصر الجماعات المسلحة. وبالتزامن مع بناء هذا السياج ، كانت الجزائر قد شرعت الجزائر في 2013 بحفر خندق طويل مع المغرب بدعوى منع التهريب بمختلف أنواعه ولاسيما البنزين. وقد قامت الدولتان بهذه التحصينات من جانب واحد وبدون أي تعاون بينهما بسبب طبيعة العلاقات المتوترة بينهما.
ويري الباحث أن تحصين الحدود البرية من قبل المغرب والجزائر ، وكذلك قضية الصحراء، ليس سوى أحد مظاهر من طبيعة النظام المغاربي الحالي، وهو ما ينعكس في الخلافات طويلة الأمد بين البلدين. نظرًا لأن المغرب والجزائر متساويان تقريبًا في القدرات، كما أن أي محاولة لتغيير الوضع الراهن في المنطقة ستكون مكلفة لكليهما ، فمن المرجح أن تفضل الدولتان الحفاظ على توازن القوى القائم. لذلك ، من المتوقع أن تزيد الدولتان في المستقبل القريب من تحصين حدودهما من جانب واحد. وعليه، يمكن النظر إلى تحصين الحدود الذي تقوم به الدولتان باعتباره وسيلة للحفاظ على النظام الإقليمي الحالي، والذي يظل في مصلحة الدولتين معا في هذا الوقت. علاوة على ذلك ، سيؤدي تحصين الحدود إلى مزيد من التوتر السياسي ، والإبقاء على علاقاتها الفاترة لفترة طويلة.
Congratulations on your recent publication dear prof, you are the cream of the crop! Proud of you!