يتجه المرشح الديمقراطي جو بايدن، بخطى ثابتة، صوب ترأس الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل تقدمه على الرئيس الحالي، دونالد ترامب، بفارق كبير، وهو ما جعل العديد من المراقبين، يضعونه على رأس البيت الأبيض، حتى قبل نهاية عملية فرز الأصوات، التي يرجح أن يعلن عن نتائجها يوم غد الجمعة.
ويترقّب المغرب، ما يتفرز عنه الانتخابات الأمريكية، من أجل اتضاح معالم العلاقات بين الرباط وواشنطن في السنوات المقبلة، بالرغم من تأكيد خبراء، ومحللين، بأن تغير شخص رئيس البيت الأبيض، لن يكون له تأثير كبير على السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، وأن ما يُمكن أن يَقعَ هو تحوّلٌ بسيطٌ في الخطاب، وهو ما يستدلون عليه، بسياسة “بلاد العم سام”، في العقود الماضية.
لابد من انتظار تشكيل الرئيس المقبل لفريق عمله حتى تتضح السياسة الخارجية تجاه المغرب
وفي هذا السياق، قال سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، إنه علينا الانتظار حتى “يشكل الرئيس القادم فريقه لنقدّر حجم تغيّر السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المغرب”، متابعاً:”بالإضافة إلى الرئيس، فإن الشخصيات التي تتولى بعض المناصب المهمة يكون لها عادة تأثير على توجه السياسة الخارجية، مثل نائب الرئيس، ووزير الخارجية، ومستشاري الرئيس في الشؤون الدولية”.
وأضاف الصديقي في تصريحٍ لجريدة “بناصا”: “عموما لا أتوقع أن يكون هناك تغير مهم في السياسة الخارجية للرئيس القادم، لأنه سينشغل كثيرا بثقل الملفات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية التي سيرثها عن الرئيس المنتهية ولايته، كما أن هناك مناطق أخرى في العالم تحظى بأولوية لدى الديمقراطيين مثل شرق آسيا، والخليج، وشرق أوروبا، أكثر من المنطقة المغاربية”.
لكن، يسترسل الصديقي، “علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن الجناح اليساري في الحزب الديموقراطي سيكون قويا هذه المرة، نظرا للتنازلات التي يفترض أن يكون قد قدمها جون بايدن لغريمه السابق في الحزب بيرني ساندرز، ولأنصاره، مقابل انسحابه من السباق الانتخابي”، متوقعاً أنه قد يكون هنالك تغيرٌ “في الخطاب لاسيما ما يتعلق بحقوق الإنسان وقضية الصحراء، لكن لن يكون لذلك تأثير كبير على المغرب”.
وواصل المتحدث نفسه، بأنه “علاوة على ذلك، فإن طريقة تفاعل المغرب مع التحول في أمريكا، ومستوى فعالية اللوبي المساند لمصالحه سيساهمان أيضا في تحديد ملامح العلاقات المغربية الأمريكية خلال السنوات الأربع القادمة”،
المغرب يفهم جيدا ”عقيدة أوباما“ التي سينهجها بايدن
ومن جانبه، أوضح عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني، في قراءته للانعكاسات المحتملة للنتائج الأولية للانتخابات الأمريكية على مصالح المغرب، والتي تُظهر تقدم المرشح الديمقراطي جو بايدن، بأن المغرب “سيتحرر في حال فوز الأخير، من ضغوطات كان يسيمارسها عليه ترامب بخصوص العلاقات مع إسرائيل”.
واسترسل اسليمي في تصريحه لجريدة “بناصا”، بأنه “بالصعود المحتمل لبايدن، ستتغير التوازنات التي يستطيع من خلالها المغرب الدفاع أكثر عن موقفه الداعي إلى حلّ الدولتين، لكون مرشح الحزب الديمقراطي، المنتمي لعقيدة أوباما، يحمل نفس الفكرة التي يدعو إليها المغرب لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”، مردفاً بأن “المغرب سيكون له دور ريادي في العديد من القضايا العربية، لأن الديمقراطيين يعتبرونه التجربة الديمقراطية المتطورة في العالم العربي”.
وأردف أستاذ العلوم السياسية بجامعة أكدال الرباط، بأن المغرب يفهم جيداً “عقيدة أوباما”، القائمة على “فكرة الاستقرار الديناميكي وسياسة الاحتواء، فالمملكة ستستفيد في ملف الصحراء من توجه بايدن، الذي يعتبر روسيا عدواً لأمريكا عكس ترامب”، مضيفاً بأن “الأمريكيين الديمقراطيين فهموا جيداً في سنة 2013، بعد الخطأ الذي كادت أن ترتكبه مستشارة الأمن القومي للرئيس أوباما، رايس، توصية البنتاغون، لما اعتبر المغرب، حليفاً إستراتيجيا كبيرا في إفريقيا والعالم العربي والمنطقة المتوسطية”.
ونبه اسليمي إلى أن فهم هذه التوصية، غيّرت “سياسة الديمقراطيين بعد أزمة 2013 في الأمم المتحدة، وباتت الإدارة الأمريكية منذ ذلك التاريخ أكثر دعماً للمغرب، والدليل على ذلك، هو التغيرات التي حدثت في لغة قرارات مجلس الأمن منذ السنة المذكورة، والضغوطات التي باتت تمارس على الجزائر بعد هذا التاريخ”، على حد قول المتحدث.
وذكر رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني، في قراءته لما هو قادم في العلاقات المغربية الأمريكية، بأن الرئيس الديمقراطي المقبل، بايدن، “رغم أنه يرث ملفات صعبة ناتجة عن أخطاء ترامب في الشرق الأوسط وآسيا، والعلاقات مع أوروبا وروسيا، فإن وصوله إلى البيت الأبيض، سيضع أمامه ملفان في شمال إفريقيا لهما الأولوية، الملف الليبي والملف الجزائري”.
وتابع اسليمي بأن “الديمقراطيين في البيت الأبيض، سيمارسون ضغوطاً على الجزائر، ولن يسكتوا عن الصراع الجاري فيها لتأسيس الدولة المدنية، وهذا من من شأنه أن يغير توازنات كبرى تصب في مصلحة المغرب في شمال إفريقيا”، كما أشار المتحدث ذاته، إلى أن وصول بايدن لسدة الحكم في أمريكا، يعني إعادة سياسة أوباما الداعية لتشجيع الإسلاميين المعتدلين لمواجهة التطرف.
ورجح اسليمي بأن هذا الأمر، “قد يدعم استمرار الأحزاب الإسلامية المعتدلة، التي يعيد صعود الديمقراطيين معنوياتها السياسية التي كانت منهارةً طيلةَ مرحلة حكم ترامب، وهذا يشمل حزب العدالة والتنمية المغربي أيضا، الذي سيبدأ تغيير خطابه السياسي بصعود الديمقراطيين، وإن كانت هذه المعادلة الأمريكية في تعامل الديمقراطيين مع الإسلاميين، قد تتغير، نحو منحى آخر، لكون العلاقة بين بايدن وأوردوغان تبدو متوترةً”.
تعليقات الزوار ( 0 )