شارك المقال
  • تم النسخ

خاص ــ قاعدة بيانات الأمم المتحدة تكشف العلاقات السرية بين الجزائر وإسرائيل.. من المنتجات الطبية والغاز إلى “أمعاء الحيوانات”

يعبر النظام العسكري علنا عن كراهيته لإسرائيل، ويصف تل أبيب بأنها عدوه اللدود، بينما يتاجر في كل شيء مع النظام الصهيوني، ويتخذ التطبيع الجزائري مع دولة الاحتلال أبعادا وأشكالا أخرى تجري كلها تحت جنح الظلام، رغم المحاولاث الحثيثة لإبقائها خارج الأضواء.

وبحسب عدد من التقارير الصادرة عن مؤسسات ومراكز أبحاث رسيمة، اطلعت جريدة “بناصا” عليها، فإن هذه العلاقات التجارية السرية، التي أخفاها النظام العسكري الجزائري عن الجمهور، تبقى مجرد قمة جبل الجليد، مما يجعل الكثيرين يتساءلون عما إذا كانت هناك تعاملات سرية أخرى.

مناسبة الحديث، أنه في السنة الماضية (2022)، بلغت واردات إسرائيل من الجزائر 21.38 مليون دولار، وفقًا لقاعدة بيانات الأمم المتحدة COMTRADE بشأن التجارة الدولية، وهي منصة بيانات التجارة العالمية الأكثر شمولاً في العالم.

قاعدة بيانات الأمم المتحدة

وتنشر قاعدة بيانات الأمم المتحدة على موقعها الرسمي، إحصاءات تجارية عالمية سنوية وشهرية مفصلة حسب المنتج والشريك التجاري لتستخدمها الحكومات والأوساط الأكاديمية ومعاهد البحوث والشركات.

وتظهر البيانات التي جمعتها شعبة الإحصاءات في الأمم المتحدة أن واردات إسرائيل من الجزائر بلغت 15 مليون دولار في عام 2021 وحوالي 10 ملايين دولار في عام 2020، مما يكشف الوجه الآخر لنظام شنقريحة وتبون.

واستنادا إلى المعطيات ذاتها، فإن إسرائيل تستورد من الجزائر المواد الكيميائية غير العضوية، ومركبات المعادن الثمينة، والنظائر، والهيدروجين، والغازات النادرة، والمنتجات الجلدية، وأمعاء الحيوانات، والأحزمة، وأدوات السفر، وإكسسوارات الملابس.

وفي الخطابات والشعارات الرسمية، نظير “نحن مع فلسطين.. ظالمة أو مظلومة”، فإن الجزائر، لا تعترف بإسرائيل رسميا، وتقاطعها وتعلن عداءها لها علنا، لكن خلف الكواليس يتاجر المجلس العسكري مع إسرائيل ويبيع لها البضائع الجزائرية.

وعندما استأنف المغرب علاقاته مع إسرائيل عام 2020 في إطار اتفاقات أبراهام التي توسطت فيها واشنطن، شن النظام الجزائري حملة تشهير ضد المملكة المغربية، المعروفة بتقاليد التسامح والتعايش مع جميع الجاليات، ومع ذلك، فإن حكام الجزائر يتعاملون سراً مع إسرائيل، مما يكشف عن مدى نفاقهم المثير للاشمئزاز، ويجعلهم أضحوكة عالمية.

تقارير فرنسية تكشف الجسور السرية في باريس بين النظام العسكري الجزائري والجالية اليهودية

كشفت تقارير إعلامية فرنسية، أنه تم فتح عدة قنوات اتصال في السنوات الأخيرة بين الجزائر وإسرائيل، مشيرة إلى أنه كان لدى الأجهزة الإسرائيلية دائما هامش معين من المناورة لتمرير الرسائل إلى السلطات الجزائرية، والعكس صحيح.

القناة العسكرية

وخلال الثمانينيات، وقع مسجد باريس، الذي افتتحه الرئيس الفرنسي غاستون دوميرج في 15 يوليو 1926، تحت سيطرة السلطات الجزائرية التي استخدمته للإشراف على الجالية الجزائرية، ولكن أيضًا لتوفير جسور سرية للعالم اليهودي.

وكان الكاتب أندريه شوراكي هو من خطرت له فكرة إنشاء جمعية تعمل على نشر المعرفة المتبادلة والمحترمة للديانات السماوية الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام، وسرعان ما انضم إليها اليسوعي ميشيل ريكيه، والأديب جاك نانتيه، وعميد الجامع الكبير بباريس سي حمزة بوبكر، أسسوا “جماعة الإخوان الإبراهيميين”.

وبحسب صحيفة ”موند أفريك“ الفرنسية، فقد لعبت هذه الرابطة دور جبهة مفيدة للتبادلات السرية بين الجزائريين والإسرائيليين، ولكن تحت السيطرة، وميلود بنعمارة، الذي عينته الجزائر سنة 1993 مديرا للإدارة العامة والرجل الثاني في المسجد، هو المسؤول عن مراقبة هذه الجمعية نيابة عن المصالح الجزائرية.

وسجل التقرير، أن شقيقه ليس سوى الجنرال منصور بن عمارة، الملقب بالحاج رضوانين، الذي عاد إلى العمل في السنوات الأخيرة بعد أن كان رئيسًا لأركان الرئيس القوي لجهاز المخابرات والأمن السابق، الجنرال توفيق، الذي أطيح به في عام 2015، لمدة تسعة عشر عامًا.

مبعوث بوتفليقة

وبعد وصول الرئيس بوتفليقة إلى السلطة في عام 1999، أراد تجاوز شبكات دائرة الاستعلام والأمن السابقة وإنشاء قناة اتصال خاصة به مع إسرائيل، لكي يمرر رسائله عبر محمد رجب، وهو رجل من الدائرة الداخلية المعين في الأمانة العامة للرئاسة الجزائرية.

وكان هذا المواطن من الأغواط في الواقع صديق الطفولة لجان كلود لحلو، وهو مسؤول فرنسي كبير من Quai d’Orsay، وهو أيضًا من نفس مدينة الأغواط، وهذا الدبلوماسي، الذي تصادف أنه كان على علاقة جيدة جدًا بالسلطات الإسرائيلية بعد أن مارس وظائف دبلوماسية في تل أبيب، وكان بمثابة “صندوق بريد”.

مسجد باريس

ومنذ اختفاء جمعية “إخوان إبراهيم”، يلعب عميد مسجد باريس الحالي حافظ شمس الدين دور المبعوث الخفي والمفيد بين الجزائر والجالية اليهودية، ونراه في الصورة أعلاه يشارك في الدورة الأخيرة لـ CRIF ( اتفاقية المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية).

ومسجد باريس الكبير، الذي بُني عام 1926، ليس مجرد مكان للصلاة لآلاف المسلمين المؤمنين، وقبل كل شيء، فهو غرفة انتظار مؤثرة للسلطة الجزائرية، ورسميا، يوضح الصحافي يانيس محمدي في تحقيق، أنها جمعية بموجب قانون 1901، تعقدها جمعية أحبوس المقدسات الإسلامية، وبشكل غير رسمي، جعلتها السلطات الجزائرية قاعدة خلفية في فرنسا.

ومنذ عام 1982، ساهم في تمويله (حاليًا بمبلغ مليوني يورو سنويًا)، وفي وقت تنصيبه، في نهاية يناير 2020، كان شمس الدين حافظ قد سافر أيضًا إلى الجزائر العاصمة لتسلم وسام الفروسية من الرئيس الجزائري وبالتالي تعزيزه في منصبه الجديد.

وأشارت المصادر ذاتها، إلى أن هذه الدبلجة متوقعة لأنه مقرب من السلطة الجزائرية منذ سنوات، وهو محامٍ، ويدافع بشكل خاص عن مصالح الدولة الجزائرية في باريس، أو جبهة البوليساريو، الإرهابية التي تدعمها وتمولها الجزائر، وفي عام 2014، كان العميد الصالح رئيسا للجنة دعم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في فرنسا، ودوره مهم للغاية لدرجة أنه يلقب بـ”السفير الثاني”.

شبكات الأعمال

ولعبت عشيرة أمويال ذات الأصل السفارديمي دورًا تاريخيًا أساسيًا في استيراد وتصدير القمح والسميد بين البلدين قبل استقلال الجزائر، ولكن أيضًا بعد عام 1962 كانت لها علاقات جيدة مع الجيش الجزائري.

وذكرت التقارير، أنه في أحسن الأحوال، مع الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، وكذلك مع إيمانويل ماكرون أو مع الجالية اليهودية، فإن هذا الصناعي الموهوب والدبلوماسي الجيد الذي يعيش في شارع مونتين ويجمع اللوحات الاستشراقية يعرف كيف يلعب، حتى في سن متقدمة، وفي الجزائر العاصمة، المحاور الرئيسي لبروسبر أمويال هو اللواء منصور بن عمارة، المعروف عادة بالحاج رضوان.

أجهزة طبية إسرائيلية لعلاج الجزائريين في المستشفيات

مع نهاية سنة 2015، طفت على السطح كذلك قضية استيراد معدات طبية لفائدة بعض المستشفيات الجزائرية، جاء ذلك من خلال تقرير أعدته لجنة تابعة لوزارة الصحة الجزائرية، جاء فيه أن معدات طبية إسرائيلية توجد في المستشفيات الجزائرية، إذ إن عددا من أجهزة “السكانير” التي تحمل علامة “أوبتيما سي. تي” والتي تتجاوز القيمة المالية للجهاز الواحد مبلغ مليون ونصف دولار، المصنعة من شركة أجنبية معروفة لها فرع في الجزائر، وتعد هذه الشركة من أكبر صانعي الأجهزة والمعدات الطبية.

تصدير الغاز والبترول بين الجزائر وإسرائيل،

وفي تقرير صدر قبل أسابيع، كشفت المجلة المختصة في الشؤون الجزائرية” ألجيري بارت بلوس” عن علاقات تجارية تهم مجال تصدير الغاز والبترول بين الجزائر وإسرائيل، مشيرة إلى أن شركة النفط والغاز الجزائرية الوطنية “سوناطراك” قامت بتصدير ما لا يقل عن 50 ألف طن من غاز البترول المسال (جي بي إل) إلى إسرائيل.

وأكد التقرير أن العملية التجارية بين الجزائر وإسرائيل، تمت عبر وسيط رئيسي في سوق الهيدروكربونات العالمي، يدعى “فيتول”، ينقل البترول المسال من ميناء وهران إلى عسقلان الإسرائيلية، وقال إن “الشركة الجزائرية للنفط، باعت عدة شحنات من غاز البترول المسال إلى “فيتول”الذي نقله عبر سفن مستأجرة إلى إسرائيل للشركة الإسرائيلية أنابيب عسقلان إيلات، حيث استقبل ميناء أشكلون الإسرائيلي، طوال عام 2021 العديد من القوارب والسفن التي تحمل غاز البترول المسال الجزائري”.

ولتفادي إثارة الشكوك في الجزائر، يقول تقرير المجلة الجزائرية، “كانت سوناطراك وفيتول تعمل على أن تغادر السفن ميناء أرزيو بولاية وهران ثم تتوقف في البحر الأبيض المتوسط ، غالبا على مستوى السواحل اليونانية، قبل أن تغير اتجاهها بعد ذلك إلى عسقلان في إسرائيل”.

ودعا عدد من المسؤولين في شركة سوناطراك، إلى “إعادة النظر في العقد المبرم مع الوسيط فيتول، حيث لفتوا انتباه إدارة تسويق الشركة إلى الوجهة النهائية والمثيرة للجدل لصادرات غاز البترول المسال الجزائري، خاصة وأن سوناطراك كانت قد ألغت في الماضي عقودًا مع وسطاء أعادوا بيع النفط والغاز الجزائري إلى تايوان، حتى تحافظ الجزائر على علاقاتها مع الصين”.

وبالرغم من أن قيمة الصادرات الجزائرية نحو إسرائيل تبقى ضعيفة، وفق تقارير مختصة، مقارنة بالعلاقات التجارية بين إسرائيل وعدد من البلدان العربية، إلا أنها تُفند ادعاءات الطبقة الحاكمة في الجزائر التي تتحدث عن قطيعة تامة مع إسرائيل.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي