مباشرة بعد تشكيل الحكومة الحالية، في أكتوبر الماضي، تعهّد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، بعشرة التزامات للمغاربة وهي نفسها الوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية التي وصفها الكثيرين، بأكبر الحملات الانتخابية الأخيرة، بالنظر إلى ما رصد لها من اعتمادات مالية ساهمت في تعزيز حضور الحزب في جميع جهات وأقاليم المملكة.
وفي جلسة مشتركة لمجلس النواب والمستشارين، قال أخنوش إن الحكومة حددت عشر التزامات كبرى تفعيلا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتيسيرا لتتبع وتقييم الحصيلة الحكومية، ويتعلق الأمر بإحداث مليون منصب شغل صافي على الأقل خلال الخمس سنوات المقبلة، ورفع نسبة نشاط النساء إلى أكثر من 30 في المائة عوض 20 في المائة حاليا، وتفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة، وحماية وتوسيع الطبقة الوسطى وتوفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية لبروز طبقة فلاحية متوسطة في العالم القروي.
وتعهّد أخنوش بتعبئة المنظومة التربوية بكل مكوناتها بهدف تصنيف المغرب ضمن أحسن 60 دولة عالميا (عوض المراتب المتأخرة في جل المؤشرات الدولية ذات الصلة)، وتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، خاصة من خلال إحداث صندوق خاص، بميزانية تصل لمليار درهم بحلول سنة 2025، والرفع من وتيرة النمو إلى معدل 4 في المائة خلال الخمس سنوات المقبلة، وإخراج مليون أسرة من الفقر والهشاشة على أساس مواكبة 200 ألف أسرة سنويا، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية إلى أقل من 39 في المائة عوض 46,4 في المائة حسب مؤشر جيني، ثم أخيرا تعميم التعليم الأولي لفائدة كل الأطفال ابتداء من سن الرابعة مع إرساء حكامة دائمة وفعالة لمراقبة الجودة.
غير أن حكومة أخنوش، حسب مراقبين، بدأت تجربتها بتعثر ملحوظ خلال الأربعة أشهر الأولى من ولايتها الحالية، مما يخلق لدى شريحة واسعة من المغاربة الخوف، خاصة وأنهم كانوا يراهنون عليها لخلق بعض التوازن بين فئات المجتمع عبر سياسة التوظيف التي وعد بها، مشيرين إلى من بين القرارات التي لا تتلاءم وتعهدات الحكومة الحالية، هو تسقيف سن الولوج إلى مهنة التدريس والذي أقصى طبقة واسعة من حاملي الشهادات والمعطلين من الوظيفة وربما للأبد، في حال عدم التراجع عن هذا القرار.
وسبق لعبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أن انتقد في لقاء صحفي، رفع الأحزاب المغربية لسقف انتظارات المواطنين، خلال صياغة برامجهم الانتخابية، حيث عبّر عن استغرابه من حديث بعض هذه الأحزاب عن اشتغالها على جميع القطاعات وفي ظرف خمس سنوات، كالتعليم والصحة والى غير ذلك.
واعتبر الجواهري أن هذه الأحزاب تصطدم فيما بعد بالإمكانيات الضعيفة ما يجلعها في نظر الذين صوتوا عليها كاذبة، وهو الأمر الذي يفقد المغاربة، حسب الجواهري، الثقة في الأحزاب بشكل عام، كما يتسبّب في العزوف عن الانتخابات.
وأكد الجواهري أن المغاربة فقدوا الثقة في الأحزاب المغربية وبرامجها وهو ما يتبيّن، وفق المتحدّث ذاته في لجوء أغلبهم إلى الملك واطلاقهم النداءات له حتى من الجالية المقيمة في الخارج، معتبرا أن “هذا الأمر غير مقبول إذا كان كل من يحتاج إلى أمر معين يتجه نحو الملك فما دور الأحزاب”.
وأضاف في هذا السياق قائلا: من غير المقبول أن “يقوم جلالة الملك بكل شيء، هل سيبدأ بكل من الاستراتيجيات العليا والمشاكل الدينية بصفته أميرا للمؤمنين وغيرها، وإلى أين سينزل”.
وحسب مراقبون، فإن أخنوش لم يستفد من تجارب الحكومات السابقة، ولا من نصائح الجواهري، التي اعتبروها منطقية، مشيرين إلى أن الاحتقان الحاصل حاليا في المغرب مردّه إلى رفع سقف توقعات المغاربة بتحسن وضعيتهم قبل يصدموا بواقع أكثر قتامة من السابق نتيجة غلاء الأسعار وتقييد الحريات كما هو الشأن مع فرض ما سمي بـ”الجواز الصحي”.
تعليقات الزوار ( 0 )