Share
  • Link copied

“حوارات جامعة فاس” تستضيف الأمين العام لجبهة القوى الديمقراطية

حل الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية، الأستاذ مصطفى بنعلي، ضيفا على كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، يوم الخميس 8 أبريل 2021 على الساعة الثالثة زوالا، بحضور ثلة من أساتذة الكلية وعدد من الطلبة الباحثين بسلكي الدكتوراه والماستر…، وذلك في سياق سلسلة حوارات الجامعة التي ينظمها مختبر الدراسات السياسية والقانون العام التابع للكلية مع الفاعلين السياسيين، لغاية فتح جسور للحوار والتواصل بين الجامعة ومحيطها.

ويندرج هذا الحوار ضمن سلسلة حوارات أعلن عن افتتاحها مختبر الدراسات السياسية والقانون العام عبر استضافة فاعلين سياسيين ومحاورتهم عن قرب، لغرض طرح الأسئلة الجوهرية المتعلقة بالتحديات الراهنة التي يعرفها المشهد السياسي، بما في ذلك الأسئلة المتعلقة بالبرامج الانتخابية وقضايا الحقوق والحريات بالبلد، ثم الإشكالات المرتبطة بإصلاح منظومة التربية والتكوين، حيث استضيف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، في الحوار الأول بتاريخ 31 مارس 2021، ثم الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية، مصطفى بنعلي، في الحوار الثاني، بتاريخ 8 أبريل 2021، وسيتم دعوة جل الفاعلين السياسيين الذين يودون المشاركة في سلسلة حوارات الجامعة في الأسابيع المقبلة.

وافتتح هذا اللقاء الأكاديمي بكلمة للدكتور محمد بوزلافة، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، الذي أكد فيها على الدور المفترض أن تقوم به الجامعة من خلال طرح الأسئلة الجوهرية على الفاعلين السياسيين، بما في ذلك، الأسئلة المتعلقة بتحديات المرحلة، كما قدم الدكتور سعيد الصديقي مدير مختبر الدراسات السياسية والقانون العام، مداخلة افتتاحية رحب من خلالها بحضور الأمين العام للحزب، موضحا بأن مبادرة حوارات الجامعة تنظم تحت رعاية رئاسة الجامعة والكلية، فهي مبادرة غير مسبوقة، إذ لأول مرة يتم استضافة الأمناء العامين للأحزاب السياسية برحاب الجامعة في لقاءات أكاديمية، تجمع بين الأكاديميين المتخصصين والسياسيين الفاعلين في الميدان.

وقد سير هذا اللقاء الدكتور عبد الحق بلفقيه، أستاذ كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، بمشاركة الدكتور خالد التوزاني، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس في محاورة الأمين العام لحزب الزيتونة، حيث تمحور النقاش حول ثلاثة محاور رئيسية: الانتخابات، والحقوق والحريات، والإصلاح الجامعي؛ إذ انطلقت أطواره بتقديم ورقة تعريفية بزعيم حزب جبهة القوى الديمقراطية، أعقبها كلمة تقديمية للأمين العام حول الحزب الذي يترأسه، مؤكدا بأن حزبه ينتمي لليسار، أي ذاك الفكر الإنساني الذي يدافع عن الفئات المهضومة الحقوق، إذ حسب الأمين العام، فالجائحة أثبتت بأن المجتمع في حاجة إلى اليسار، لكن ينبغي على اليسار أن يترجم مواقفه إلى رصيد نضالي وسياسي ومشروع مجتمعي يناضل من أجله.

علاقة بذلك، طرح الأستاذ عبد الحق بلفقيه والأستاذ خالد التوزاني مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالمحور الأول، من أهمها ما هو تقييمكم لمشاركة الحزب في الانتخابات؟ كيف ساهم الحزب في هذه المرحلة؟ ماذا يعني أن يكون الحزب يساري؟ هل هناك تطور لمرجعية الحزب في ظل التطورات العالمية التي عرفها اليسار؟ هل هناك عزوف عن المشاركة السياسية؟ ما هي مقاربتكم للمشاركة السياسية؟ وما هي مواقفكم من العزوف السياسي؟ هل هناك مقاربة لإقناع الشباب بالمشاركة السياسية؟ ما هي توقعات الحزب للانتخابات المقبلة؟ هل هناك تعددية حزبية؟ ما هو مشروعكم المستقبلي؟ كيف تعامل الحزب مع لجنة النموذج التنموي؟ ما هو موقفكم من الترحال السياسي؟

في سياق ذلك، أكد الأمين العام لجبهة القوى الديمقراطية بأن هناك مفارقة في الواقع السياسي، “فمن له رأي ليس له تمثيلية، بينما من له تمثيلية ليس له رأي”، مذكرا بأن حزب جبهة القوى الديمقراطية لم يأت من لا شيء، بل هو نتاج حاجة مجتمعية، فالتطورات التي عرفها المغرب منذ فترة التسعينات كان لابد أن يواكبها تطور على مستوى الحقل الحزبي من خلال ظهور أحزاب بتصورات جديدة مواكبة، ولعل أبرز هذه التطورات هي المصالحات الكبرى التي حصلت بالمغرب الجديد، والتي حصلت على عدة مستويات (السياسية والحقوقية والثقافية..)، وهذا كان من بين الأسباب التي أدت بنشأة الحزب، إذ له مرجعية يستند عليها، أما دوره فيكمن بالأساس في تأطير المواطنين، حيث يقوم بمبادرات لبناء فعل سياسي ناجع في القرن الواحد والعشرين.

كما أقر الأمين العام بأن حزبه يتطلع لبناء ديمقراطية حقيقية قوامها جعل الإنسان كمحور أساسي للتنمية، موضحا بأن الأحزاب اليسارية ارتكبت الكثير من الأخطاء، من ذلك مثلا، أنها تبنت خطاب لا يستوعبه المجتمع، فأدى بها ذلك إلى التقوقع في برجها العاجي، فقد استهلكت العديد من الأفكار الغربية التي ربطت تنظيماته باليسار الأوربي، لكنه لم يصل إلى المجتمع، مستشهدا بمقولة تشي غيفارا “الفكرة حينما تصل إلى الجماهير تتحول إلى قوة لا تقهر”، لكن فكرة اليسار المغربي لم تصل إلى الجماهير عكس اليسار اللاتيني الذي تطور كثيرا، لهذا فإن اليسار الفعلي هو الذي يجعل من الإنسان مرتكزا في فعله السياسي، فهو فكر إنساني يبتغي خدمة الإنسان وذلك من خلال جعل الإيديولوجية في خدمة الإنسان عكس الرأسمالية في وجهها البشع التي جعلت الإنسان في خدمة الإيديولوجية، باختصار فأن تكون يساريا معناه أن تدافع على الفئات في وضعية هشاشة والمهضومة الحقوق في كل المجالات.

وتابع الأمين العام قوله بأنه في المغرب هناك ثلاثة تصنيفات من الأحزاب، الأولى: أحزاب الحركة الوطنية، الثانية: أحزاب اليسار (التي تأثرت بالفكر اليساري العالمي)؛ الثالثة: الأحزاب الإدارية أو الأحزاب التي أسستها الدولة في سياق معين لمواجهة الفئة الأولى (أحزاب الحركة الوطنية) والفئة الثانية (أحزاب اليسار)؛ لكن الظاهر في الوقت الحالي يوحي بأن المجموعات كلها في أزمة، فهذا الإشكال نسقي، حيث لا ينطبق فقط على الأحزاب، فهناك غياب للثقة في الكل (الأحزاب؛ السياسة؛ القضاء؛ المدرسة؛ المستشفى..)، ومن يعتقد بأن الأمر ينطبق على الأحزاب فهو خاطئ، كما أن المعالجة الجزئية لن تفضي إلى حل، بل يقتضي الأمر معالجة شمولية من خلال تجند الجميع (كل هياكل التنشئة الاجتماعية والمؤسسات) بغية إيجاد السبل الملائمة لتجاوز أزمة الثقة.

من جانب أخر، أقر الأمين العام بأن الشباب غير عازف عن المشاركة السياسية، فربما هو غير منخرط في الأحزاب السياسية، لكنه أثار إشكالية غياب الدراسات والبحوث السوسيولوجية حول الشباب، والممكن أن تجعلنا نفهم بدقة تطلعات هذه الفئة، فالشباب المغربي من منظوره ليس كالشباب الأوربي أو اللاتيني، لكن تفكيك تعبيراته وانفعالاته التي يعبر عليها في بعض المحطات (نموذج شعارات الملاعب) يقتضي بحثا سوسيولوجيا معمقا، موضحا بأن حزب جبهة القوى الديمقراطية يعتبر حزبا شبابيا بامتياز، بالنظر إلى الأطر الشابة التي تتولى المسؤولية بأجهزته، كما أن هناك العديد من الشباب بالجهات المظلومة (من حيث توزيع الثروة) التحق وانخرط في دينامية الحزب؛ إلا أنه أقر بأن الواقع السياسي يختلف عن العالم الأكاديمي، فميكانيزمات إفراز النخب لا تتم بنفس الآلية الميكانيكية المرسومة في علم السياسة، لهذا جاء الوقت لفتح المجال للشباب؛ مقدما لنموذج الدول الديمقراطية الأنجلوساكسونية، إذ رغم أن مرشحيها يبلغون من العمر سبعين سنة فما فوق، إلا أنه هناك شباب فاعل سياسيا، لكن بالمغرب لم نصل لهذا المستوى.

على غرار ذلك، ناقش مصطفى بنعلي بأن الحزب الذي يقوده، يشارك في النقاش السياسي وليس في النقاش الانتخابوي، موضحا بأن النقاش الحالي حول القاسم الانتخابي هو نقاش حول كيفية اقتسام الكعكة، فهو نقاش مؤطر بثقافة الغنيمة، لهذا إذا أردنا بناء الديمقراطية لابد من القطع مع النقاش التجزيئي، لأن الديمقراطية في الأصل هي تعبير عن اختيارات سياسية، الأمر الذي يقتضي الاهتمام بالكتلة الناخبة، معربا عن أسفه عن غياب نقاش البرامج الانتخابية رغم أن بعض الأحزاب تصرح بأنها ستتبوأ المرتبة الأولى في الاستحقاقات المقبلة، فأي نظام انتخابي لابد من أن يحقق ثلاثة أهداف جوهرية: أولا، ما هو النظام الذي يسمح بمشاركة واسعة للمواطنين، أي الرفع من نسبة المشاركة؛ ثانيا، لابد من تحقيق الإنصاف من خلال ضمان الحقوق في التقطيع الانتخابي الذي يراعي تعداد السكان، ثالثا، ما هو النظام الانتخابي المسموح به للتصويت السياسي وتمثيل الهيئات، أي ما هو الطرف الذي سيضمن الكرامة للمغاربة.

بينما أقر الأمين العام بأن حزبه سيعود بقوة في الانتخابات المقبلة، إذ هناك عمل سيؤدي إلى نتائج في مستوى التطلعات، وسيكون الحزب حاضر في الاستحقاقات المقبلة من خلال التصويت والترشيح، في سياق أخر أكد الأمين العام مصطفى بنعلي بأن مسألة التعددية هي ضرورة ملحة، بحكم طبيعة تكوين المجتمع المغربي، فالتعددية التي يزخر بها المجتمع من حيث روافد هوياته المتعددة تفترض تعددية سياسية، لكن الإشكال هو في الأثر، فليس الأمر مرتبط بالكثرة العددية أو عدد المقاعد في البرلمان، لكن له صلة بالتمايز المعبر عنه بتعبيرات سياسية، لأن التعددية السياسية هي تعبير عن رأي يوجد في المجتمع ولا يمكن أن تقصيه أو ترفضه، فالديمقراطية لها روح ونسق، وما أزمة التمثيلية السياسية (صعود الشعبوية) إلا جزء ظاهر من أزمة الرأسمالية ككل، كما أحال على تجارب ديمقراطية مقارنة حاولت أن تعمل بالثنائية الحزبية لكنها فشلت في النهاية (إسبانيا نموذجا).

علاوة على ذلك، أكد الأمين العام بأن حزبه له تصور يراعي تطلعات المغرب في الألفية، حيث أكد بأن مغرب العهد الجديد اتسم بثلاثة أوراش كبرى، أولها المشاريع الكبرى التي دشنها عاهل البلاد، بما في ذلك المشاريع التي تم إحداثها بالصحراء المغربية والتي كسب من خلالها المغرب ثقة المنتظم الدولي، أما الورش الثاني فمتعلق بالحقوق والحريات والذي توج بالتصويت على دستور سنة 2011، في حين أن الورش الثالث فهو المرتبط بالحماية الاجتماعية للفئات المهضومة الحقوق وهذا كان أحد أهم مطالب حزبه منذ سنوات، لكنه أقر بأن التوجه الانتخابي يقتضي خدمة المجتمع، فالديمقراطيون الاجتماعيون لا يمكن أن يجدون نفسهم مع توجهات البلاد، حيث أبانت جائحة كورونا بأن الانبطاح للمؤسسات الدولية له مخلفات، هذه المؤسسات تمنح القروض لتعود عليها بالربح ولا يهمها أثار السياسات.

وعليه، فإن الأمين العام يحث على ضرورة أن يكون هناك انتعاشة اقتصادية من خلال الدفع بعجلة النمو، لأن هناك هشاشة حقيقية بالمجتمع، بيد أنه أثار إشكالية الاقتصاد غير المهيكل، والذي من منظوره لا يتشكل فقط من الاقتصاد المعاشي لفئات من المجتمع (الفراشة..)، بل خطورته تكمن في القطاع الذي يتهرب من الضرائب، أي المقاولات السرية وغيرها، فهذا القطاع هو الذي يخرب الاقتصاد الوطني ويعيق تحقيق الانتعاشة الاقتصادية، ولم يفوت الفرصة من دون الإشارة إلى قرار الإغلاق في رمضان، حيث أكد بأن فئات كثيرة ستتضرر منه، خصوصا الفئات الهشة..
فضلا عن ذلك، أقر الأمين العام بأن حزب جبهة القوى الديمقراطية يتحفظ كثيرا عن الحديث على لجنة النموذج التنموي، مشيرا إلى أن حزبه قدم كل ما لديه في الموضوع بشكل مكتوب إلى اللجنة، متسائلا في ذات السياق، هل كان هناك داع لتأسيس لجنة النموذج التنموي؟ مجيبا ب”لا”، إذ بعد سنتين من خطاب عاهل البلاد حول النموذج التنموي، كان متوقعا من الأحزاب أن تتفاعل مع الخطاب الملكي، وستطلق حوارا وطنيا حول النموذج التنموي، لكن الذي حدث هو العكس، فتم بعدها الإعلان عن تأسيس اللجنة، مؤكدا بأن حزب جبهة القوى الديمقراطية تفاعل مع الخطاب في حينه، كما انتقد هيكل اللجنة التي تتشكل من أغلبية فرنكفونية، فربما لن يقدمون نموذج في المستوى، لأنه مرت شهور عديدة ولم يظهر أي جديد في الموضوع، بينما الواقع يؤكد على ضرورة الانفتاح على الثقافة الأنجلوساكسونية، لأنه سيكون لها مستقبل مهم، وما اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء إلا معطى مهم لابد من استحضاره في الموضوع.

ليختتم هذا المحور بالحديث عن ظاهرة الترحال السياسي، مؤكدا بأن منع الترحال مؤطر بالقواعد الدستورية، لكن في الواقع هناك ممارسات معيبة، ومشيرا إلى أن حزبه كان من بين الأحزاب الوحيدة التي ذهبت إلى القضاء في هذا الموضوع، وقد كان قرارا صعبا، إلا أنه أقر بأن مساهمة حزبه المتواضعة هي تخليق الحياة السياسية، مؤكدا بأن نبل السياسة هي مقاربة نسقية لا يمكن أن تدار بالقانون وحده، ومشيرا إلى أن المجتمع المغربي له تمثلين للانتخابات، فحينما يحتاج إلى خدمة عن قرب، فإنه يدق باب المناضل، لكن في الانتخابات يذهب ليصوت على الأعيان، بمعنى أخر هناك تمثلات خاطئة للمجتمع (المناضل يصلح فقط للنضال؛ الأعيان يصلحون للبرلمان)، ومتسائلا ماذا سينفع حزب جبهة القوى الديمقراطية إذا كان يؤطر وينتج لكن ليس له تمثيلية سياسية؟ ماذا سينفع لنا الزخم النضالي إذا لم يكن لنا تمثيلية سياسية؟ ليجيب بأن هذا الأمر مرتبط بقناعة لدى الحزب مفادها بأن النضال هو صيرورة تاريخية وتحتاج إلى تكاثف الجميع لإصلاح المجتمع، ثم للتفاؤل بالمستقبل.

على غرار ذلك، طرح الأستاذ عبد الحق بلفقيه والأستاذ خالد التوزاني أسئلة متعلقة بالمحور الثاني، حيث تمحورت بالأساس حول تصور الحزب للحقوق والحريات، الحق في الاحتجاج، موقف الحزب من بعض القضايا المتعلقة بالقانون الجنائي.

وقد أكد الأمين العام بأن حقوق الإنسان والحريات هي خيار لا رجعة فيه شأنها شأن الاختيارات الكبرى للبلاد التي تم إقرارها بتوجيهات ملكية، لكنه أقر بأن هناك نوع من الانحراف لبعض نخبة اليسار، إذ عادة ما تختزل وتربط الحقوق والحريات ببعض الحريات الشاذة، وهذا يسئ لليسار ولفهم قضايا حقوق الإنسان، كما هناك أيضا تسييس حقوق الإنسان الذي يؤدي لنتائج عكسية، الأمر الذي يعني من منظوره بأن النضال الحقوقي لا ينبغي أن يكون متطرفا، لهذا فإن جبهة القوى الديمقراطية لها فهم أوسع للحقوق والحريات، فمثلا حينما نتحدث عن الحق في الحياة لا نقف عند قضايا متعلقة بأحكام الإعدام أمام المحاكم، بل نتوسع في ذلك من خلال التركيز على قضايا أخرى، من قبيل مطالبة بحق سيدة حامل بالعالم القروي مهددة حياتها بفعل غياب المستشفيات، أو بالحديث عن الشباب الذي يموت بالبحر جراء انعدام الأفق والبحث عن الهجرة السرية كخيار للبحث عن أفق أرحب.

كما أكد الأمين العام بأن حزب جبهة القوى يهتم بشكل أساسي بجيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لأنها هي معيار تقدم الأمم والاستقرار الاجتماعي، فالمغاربة في حاجة إلى حماية وضمان حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، لأنها مرتبطة بكرامتهم، لكن هذه الحقوق لا تتطلب فقط المصادقة على الاتفاقيات، بل تتطلب إمكانيات ومجهود مضاعف من الدولة، بينما ألح بأن مسألة حقوق الإنسان فيها مد وجزر، ليس فقط في المغرب، وإنما في سائر بلدان المعمور، ففي بعض الأحيان تكون جميع الحقوق محمية وفي أحيان أخرى يكون هناك أسبقية لقضايا معينة على أخرى.

إلا أنه أقر بأن جميع الحقوق المقررة دستورا تقتضي حمايتها، وحين الحديث عن حماية حق معين لابد من ربطه بجهات معينة، لكنه ركز بالقول بأنه حينما تكون حرية التعبير مضمونة فإن الحقوق الأخرى تكون مضمونة، بيد أن السياق الحالي يقتضي مجهودا جماعيا، لينهي مداخلته في المحور الثاني بالقول بأن حزب جبهة القوى الديمقراطية يريد مجتمع متسامح مع بعض الظواهر وإصلاحي وإدماجي ويراهن على خدمة الإنسان، ولا يريد مجتمع إقصائي، صدامي، بما في ذلك، قضايا حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

أما في المحور الثالث الذي خصص لتصور الحزب للإصلاح الجامعي، فقد أكد الأمين العام بأن حزب جبهة القوى الديمقراطية يعتبر كل القضايا نسقية، لهذا فإن إصلاح المنظومة يتطلب أن يكون شاملا ونسقيا، فهناك مستويات في التعليم، فالتعليم الأولي يساهم في تنمية الملكات الطبيعية للطفل لينقله إلى الإنسان، بينما يساهم التعليم الابتدائي في انتقال المتعلم من الإنسان إلى المواطن عبر التربية على قيم المواطنة الفاعلة، بعدها ينتقل إلى مواطن منتج، لنصل إلى مرحلة الجامعة التي ترتبط بالبحث العلمي، لهذا فإن إصلاح الجامعة يقتضي أن يبدأ من الأسفل، لكنه أقر بأن إصلاح الجامعة مرتبط بإرادة الدولة، لأن هذه الأخيرة تعتبر التعليم عبئ، وهذا خطأ، فألمانيا مثلا، تقوم بتدريس اللاجئين السوريين ليس بغاية فعل الخير، بل تعرف بأن الإنسان لكي يكون منتجا لابد من أن يتعلم، كما تدرك أيضا بأن كلفة الجهل هي الأسوأ، لهذا لابد من إصلاح جامعي يجيب عن جل الإشكالات التي تعاني منها المنظومة ومعالجة الإكراهات التي تواجه الأساتذة والطلبة وكافة المعنيين…

  • باحث في سلك الدكتوراه، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس.
Share
  • Link copied
المقال التالي