بالرغم من أن تصريح مصطفى بايتاس، بخصوص أن الشاب المراكشي المعروف بـ “مول الحوت” يعكس توجه الحكومة، أثار السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن ما قاله لم يكن بعيداً عن الصواب.
بايتاس، قال إن الشاب المراكشي، يعكس توجه الحكومة في مواجهة ارتفاع الأسعار، وهو تصريح كان سيكون صريحاً لو أوضح المسؤول أن الحكومة، هي “حكومة مول الحوت” شخصيا. إذ إن السياسات العامة بالقطاع حاليا، رسمها رئيس الحكومة الحالي، عزيز أخنوش، الذي تولى مسؤولية وزارة الفلاحة والصيد البحري منذ سنة 2007.
وبالنظر إلى أن الناطق الرسمي باسم الحكومة، لم يقل إن رئيسها كان يحارب الغلاء منذ فترة قيادته لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، فإننا سنتغاضى عنها، لنبدأ في البحث عن انعكاسات هذه المجهودات على أرض الواقع، بعد تولي التجمع الوطني للأحرار، لرئاسة الحكومة في سنة 2021.
وأخذا بعين الاعتبار، أنه لا يمكن للحكومة أن تؤثر على السوق في أول شهورها، فسنشرع في البحث عن أثر هذه الإجراءات بداية من سنة 2022، التي عرفت، حسب الرقم الاستدلالي السنوي الصادر عن المندوبية السامية للتخطيط، ارتفاعاً بنسبة 6.6 في المائة، فيما وصل مؤشر التضخم الأساسي السنوي إلى 5.8 في المائة.
ووفق التقرير نفسه، فإن أثمنة عدد كبير من المواد الأساسية، ارتفعت بشكل ملحوظ، حيث زادت أسعار “السمك وفواكه البحر”، بـ 1.7 في المائة، و”الخضر” بـ 1.1 في المائة، و”اللحوم”، بـ 0.1 في المائة، و”الزيوت والدهنيات” بـ 9.1 في المائة، و”الحليب والجبن والبيض”، بـ 2.3 في المائة.
وكان التراجع الوحيد المسجل من قبل المندوبية في تقريرها السنوي، هم “الفواكه” التي انخفضت بـ 1.8 في المائة، و”المحروقات” بـ 7.5 في المائة، علماً أن الأخيرة، استافدت من عودة “الاستقرار النسبي” إلى السوق الدولي الخاص بها، بعد شهور الارتباك التي حصلت بعد انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية.
وعلى الرغم من مرور سنة على “بدء الإجراءات الحكومية” التي عكس توجهها الشاب المراكشي “مول الحوت”، إلا أن ذلك لم يظهر في سنة 2023، أيضا، حيث وصل متوسط الرقم الاستدلالي للأثمان خلالها، إلى 6.1 في المائة، فيما استقر مؤشر التضخم الأساسي السنوي عند 5.9 في المائة.
وأوضحت المندوبية في تقريرها الخاص بسنة 2023، أن أثمنة “السمك وفواكه البحر”، تراجعت بـ 2.6 في المائة، و”الفواكه” بـ 5.2 في المائة، و”الخضر” بـ 1.5 في المائة، و”القهوة والشاي والكاكاو” بـ 01. في المائة، و”المحروقات” بـ 2.6 في المائة.
وبناء على ما جاء في تقرير المندوبية السامية للتخطيط، فقد عرفت أسعار “اللحوم” ارتفاعا بنسبة 1.6 في المائة، و”الزيوت والدهنيات” بـ 0.5 في المائة، إضافة إلى مواد “الحليب والجبن والبيض” التي ارتفعت خلال السنة نفسها، بنسبة 0.2 في المائة.
وفي الوقت الذي انتظر فيه المغاربة انعكاس هذه الإجراءات الحكومية على أرض الواقع، خلال سنة 2024، أي بعد ثلاث سنوات من تولي التجمع الوطني للأحرار لرئاسة الحكومة، تفاجأوا بارتفاع في الرقم الاستدلالي للأثمان بنسبة 0.9 في المائة مقارنة بـ 2023.
وخلال سنة 2024، عرفت أسعار “اللحوم” و”السمك وفواكه البحر” قفزة كبيرة، حيث ارتفعت الأولى بنسبة 4.9 في المائة، والقانية بـ 3.9 في المائة، كما أن “الزيوت والدهنيات” عرفت هي الأخرى زيادة بنسبةـ 4.1 في المائة، و”الحليب والجبن والبيض” بـ 4.0 في المائة.
مقابل ذلك، يبدو أن إجراءات الحكومة، قد انعكست خلال سنة 2024، على “الخضر” و”الفواكه” وحدهما، بعد أن تراجعا بنسبة 11 في المائة، و4.4 في المائة على التوالى. وهذا المنحى التصاعدي في أغلب المواد الأساسية، لم يتغير في بداية سنة 2025، إذ عرف شهر ينارير، زيادة بنسبة 2 في المائة، في الرقم الاستدلالي.
وذكرت المندوبية السامية للتخطيط، أن ارتفاع الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك، خلال شهر يناير 2025، يعود بالأساس إلى زيادة أثمان المواد الغذئية بـ 3.3 في المائة، بعد أن عرف “السمك وفواكه البحر” زيادة بـ 6.0 في المائة، و”اللحوم” بـ 2 في المائة.
وحتى “الخضر” و”الفواكه”، اللذان عرفا انخفاضا نسبيا في رقمهما الاستدلالي خلال سنة 2024، عادا للارتفاع مرة أخرى بداية 2025، حيث ارتفعت الأولى بـ 4.7 في المائة، والثانية بـ 1.6 في المائة، كما أن “الحليب والجبن والبيض”، و”القهوة والشاي والكاكاو” ارتفعاً هما أيضا بـ 0.6 في المائة و0.5 في المائة على التوالي.
ولأن “بعض الظنّ إثمّ”، وأيضا لأني لا أعتقد سوى “الخير” في حكومة يقول ناطقها الرسمي إنها مثل شاب “قنوعٍ”، قرر أن يبيع “السردين” للمواطنين بثمن رخيص، وأن يكتفي بربح درهم واحد فقط في كل كيلوغرام، فإني أعتقد أن الناطق الرسمي باسم الحكومة، كان يقصد أن الحكومة، ستتبنى توجهاً جديداً تحارب عبره الغلاء.
وأقول هذا، وأنا دائماً الشخص الذي يمقت الشعبوية مهماً كان لونها وشكلها، بعد أن اطلعت على تقارير المندوبية السامية للتخطيط، منذ تولي الحكومة الحالية للمسؤولية، ولم أجد، أي أثر للإجراءات على أرض الواقع، (أقول) إما أن الحكومة، لم تكن جدية في إجراءاتها، أو أن هذه الإجراءات لم تؤثر.
وهناك احتمال ثالث، وهو أن أسعار المواد الأساسية الغذائية وغير الغذائية في الأسواق المغربية، “ليست مرتفعة” بالنسبة لـ”حكومة مول الحوت”، وهذا سيكون عائقا مباشراً أمام أي إجراءات محتملة، إذ إنه في حال كانت ترى أن الأسعار في المتناول، فلن تكون هناك حاجة للتحرك، وبالتالي سيستمر الوضع على حاله على الأقل.
تعليقات الزوار ( 0 )