آثار جائحة فيروس كورونا بالمغرب، لم تقتصر على 533 وفاة لحد اليوم، بل تعدت ذلك لتضع نقطة النهاية لمجموعة من الشركات الصغيرة والمتوسطة، ويفقد جراءها آلاف المواطنين مناصب شغلهم، وتتشرد بسببها عدة أسر، وتُضرب القدرة الشرائية للآلاف من العائلات بالمملكة.
في ظرف وجيز، تمكن الوباء، الذي سجلت أول حالة إصابة منه في المغرب، في الـ 3 من شهر مارس الماضي، _تمكن_ من رفع معدل البطالة في البلاد، من 8.1 في المائة إلى 12.3، حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل في المملكة، حوالي مليون ونصف شخص.
وجاء هذا الارتفاع الكبير، بعدما اضطرت العديد من الشركات لتسريح مستخدميها وعمالها، إلى جانب أن مجموعة من التجار والحرفيين والمهنيين أجبروا عن إقفال أبواب محالتهم، والالتزام بالحجر الصحي، ما عرضهم للإفلاس، خاصة أولئك الذين تراكمت عليهم ديون الكراء.
ولمواجهة التداعيات الاقتصادية التي سببها الفيروس في المغرب، قررت الحكومة اتخاذ مجموعة من الخطوات، من بينها إلغاء التوظيف، خلال السنة المقبلة، في القطاعات العمومية، باستثناء التعليم والصحة والأمن، وذلك في إطار تخفيض نفقات الدولة وتقليص المناصب المالية.
وكان تقرير سابق، صادر عن “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي” و”لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا”، و”البنك الدولي”، قد توقع أن تتسبب تداعيات الجائحة بالمغرب، في وصول عدد الفقراء إلى 10 ملايين، وذلك في حال اعتماد معدل القدرة الشرائية اليومي للفرد والبالغ 56 درهما مغربيا، مع احتساب الإنفاق المقدر بـ 33 درهما لليوم.
ويشير التقرير الدولي إلى أن ما يناهز 300 ألف مغربي، سيسقط في غياهب الفقر خلال الفترة المقبلة، بسبب جائحة كورونا، ليعود بذلك عدد الفقراء للتزايد من جديد، بعدما عرفت السنوات القليلة الماضية تراجع أعداد الفئات الهشة، حيث تناقصت من حوالي 11 مليون خلال سنة 2013، إلى حوالي 8 ملايين خلال السنة الماضية 2019.
بالرغم من أن الإحصائيات العالمية لمعدل الزواج خلال فترة كورونا، تشير إلى ارتفاع نسبي فيه، نظرا للتكاليف المنخفضة، والناتجة عن منع التجمعات، حيث يكتفي في الغالب الأفراد، بإقامة حفل صغير للعائلة، يحضرها عدد قليل جدا من الناس، إلا أن التداعيات التي سيسفر عنها الفيروس في المستقبل القريب، قد تكون مغايرة تماما.
ويرى مراقبون بأن الشهور المقبلة، ستعرف ارتفاعا في نسبة العنوسة بالمغرب، وتجاوز سنة الزواج للمعدلات التي سجلت في السنوات الماضية، وذلك نظرا لتزايد معدل البطالة، وزيادة الفقر، وإلغاء مباريات التوظيف في مجموعة من القطاعات، الأمر الذي من شأنه أن يغيب أو يؤجل فكرة الزواج في ذهنية الشباب إلى وقت لاحق.
مجموعة من التدوينات لـ”مغاربة الفيسبوك”، تشاءمت بشأن الوضع في المستقبل القريب، وخاصة في صفوف الشباب الذين كانوا يطمحون للزواج، حيث قال أحدهم:”يبدو أن الأحلام تتلاشى، كورونا لم تبق لنا نحن شيئا، غياب العمل والوظائف يعني ارتفاع البطالة، والبطالة تعني زيادة العنوسة…”.
وفي الجهة المقابلة، يتوقع آخرون أن ارتفاع نسبة العنوسة سيحدث، لكنه سيكون بنسبة أقل، خاصة في ظل الخطة التي أطلقها الملك محمد السادس لإنعاش الاقتصاد الوطني، والتي تضع في صلب اهتمامها، رفع فرص الشغل للشباب المغاربة، ما يعني مسألة ارتفاع البطالة ليست محتمة، وبالتالي فزيادة نسبة العنوسة ليس محسوما أيضا.
يشار إلى أن نسبة تأخر الزواج في المغرب، تبلغ 60 في المائة، في صفوف الجنسين، حيث وصل عدد النساء غير المتزوجات إلى 8 ملايين وفق دراسة سابقة لمؤسسة “فايميلي أوبتيمر”، المختصة في بحوث الأسرة والحياة الزوجية، فيما تضاعفت نسبة الرجال غير المتزوجين بـ 2.6 في المائة، ليصل سن الزواج بالنسبة للفتيات لـ 28 سنة، وللشباب إلى 27.
تعليقات الزوار ( 0 )