في تقرير جديد تحت عنوان “المغرب يشرع في حملة “التطعيم” الجماعية.. لكن الأسئلة تبقى معلقة” تساءلت مجلة “جون أفريك” الفرنسية، عن ما مدى فعالية اللقحات التي تسلمها المغرب أخيرا، وتكلفتها المادية بالنسبة للحكومة، وكذلك عن سبب تأخر موعد وصول الجرعات.
وجاء في تقرير المجلة التي تهتم بالشؤون الإفريقية، أن جرعات اللقاحات بدأت تتدفق، أخيرا، حيث حصلت المملكة، في وقت سابق من الأربعاء، على 500 ألف جرعة من لقاح شركة “سينوفارم” الصينية، وقبل أسبوع توصل بمليوني جرعة من اللقاح البريطاني “أسترا-زينيكا ” الهندي الصنع من جمهورية الهند، وتم توزيعها على كافة جهات المملكة.
وأوضح المصدر ذاته، أنه بعد انتظار طويل، ستنطلق الحملة يومه (الخميس) بطريقة تدريجية، وسيستفيد منها جميع المواطنين المغاربة والأجانب المقيمين بالمغرب بشكل مجاني، ما سيمكن من تحقيق المستويات المنشودة من التحصين الجماعي وحماية المواطنين من هذه الجائحة.
وستعطى الأولوية لمهنيو الصحة، والسلطات العمومية، والجيش الملكي، والعاملون في التعليم بالإضافة إلى الأشخاص المسنين البالغين 75 سنة فما فوق، كما تشمل المرحلة الأولى المناطق التي تعرف أعدادا مرتفعة من الإصابات.
ومضت “جون أفريك” إلى القول، إن الضغط اشتد على وزارة الصحة، لاسيما من طرف وسائل الإعلام والرأي العام الذي ظل يتساءل عن سبب تأخر اللقاحات، بعد أن كان من المفترض أن يكون المغرب من أوائل الدول في العالم التي تبدأ في حملة التلقيح ضد كوفيد 19.
وأشارت المجلة، إلى أن المغرب أعلن عن إطلاق حملة التلقيح قبل نهاية سنة 2020، بهدف تطعيم 80 في المائة من السكان البالغين بحلول نهاية مارس، مؤكدة أن المغرب شارك في التجارب السريرية، وكان يأمل حتى في تصنيع اللقاحات في نهاية المطاف على أراضيه. وفوق كل شيء، ضمان 65 مليون جرعة من اللقاحات.
وبحلول نهاية يناير 2021، يضيف المصدر ذاته، أصبحت الخدمات اللوجستية الحكومية جاهزة بنسبة 100 في المائة، لكن الحملة لا تزال في مهدها، وجاء ذلك في سياق صحي كان بالتأكيد أقل إثارة للقلق في الأسابيع الأخيرة ولكنه لا يزال حرجا، ولا تزال القيود ثقيلة للغاية، وفق تعبيرها.
وأضاف المصدر ذاته، أن المغرب تلقى مليوني جرعة من لقاح أسترازنكا، المصنع في الهند، و500000 جرعة من اللقاح الصيني “سينوفارم”، مما يمهد الطريق لتحصين 1.25 مليون شخص، كما أنه من المتوقع أن يتم تسليم 8 ملايين جرعة أخرى من لقاح “أسترازنكا” في القريب.
وبخصوص مسألة تأخر موعد اللقاحات، نقلت “جون أفريك” عن رئيس اللجنة الوطنية التقنية للتلقيح مولاي الطاهر العلوي، أن الطلب العالمي أكبر بكثير من العرض، وأن شركات الأدوية لا تملك القدرة على تصنيع عشرات الملايين من الجرعات في وقت قياسي”.
وأضافت المجلة، أنه يُحسب للمملكة أنه لا توجد دولة في العالم لديها سيطرة أو حتى رؤية بشأن توقيت تسليم اللقاحات، إذ أنه في الآونة الأخيرة، أعربت المفوضية الأوروبية عن عدم رضاها عن بطء مواعيد تسليم لقاح “أسترازنكا”، واصفة الأمر بأنه “غير واضح”.
وتساءلت “جون أفريك” عن ما مدى فعالية اللقاحات التي تسلمتها المملكة، مشيرة إلى أن هناك جدلا قائما في الأوساط الأوروبية حاليا، حيث أن اللقاح الذي طورته “أسترازنكا” أثبت ضعفه على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما، من 8 ٪ إلى أقل من 10 ٪ ، وفقًا لمصادر ألمانية.
وأشار المصدر ذاته، إلى أن الضبابية لا تزال قائمة، ويرجع ذلك جزئيا إلى نقص البيانات من التجارب السريرية، وأن قلة فقط من كبار السن من تطوعوا، وفي نهاية شهر نونبر أعلن المختبرات عن دراسات إضافية حول هذا الموضوع، بيد أن النتائج لم تظهر بعد.
وفي المغرب، قال عضو اللجنة الفنية للتحصين، “إن هذا الأخير يستند إلى نتائج الإمارات العربية المتحدة، التي تفيد بفاعلية 79.3 في المائة، وأنه سوف يتم التحقق من ذلك في الميدان، لكن منظمة الصحة العالمية أعطت الموافقة المسبق للقاحين اللذين طلبناهما، مما يعني أنهما ليسا أقل فعالية من 50 في المائة”.
من جانب آخر، قالت المجلة، إن لقاح “سينوفارم الصيني” يلفه نوع من الغموض، حيث أعلن المختبر الصيني، في نهاية شهر دجنبر الماضي، عن فعالية تقدر بنسبة 79٪ ، وأجازت السلطات الصينية اللقاح، بيد شركة “سينوفارم” طورت حقنتين من الفيروس “غير النشط”، أحدهما صنع في ووهان والآخر في بكين.
وأوضحت المجلة، أن لقاح ووهان خضع للمرحلة الثالثة من التجارب السريرية في المغرب، كما تم اختبار لقاح بكين في الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، وحصل لقاح بكين على تفويض من الحكومة الصينية، إلا أن وزارة الصحة في المغرب لم تكشف عن أي معلومات تتعلق باللقاح الصيني المطلوب، أو مصدره (ووهان أو بكين)، أو حتى مدى فعاليته وسلامته، حيث يعتقد العديد من الخبراء أن “ووهان أو بكين، هو نفس اللقاح”.
وشددت المجلة، على أنه على الصعيد العالمي، فإن العديد من الباحثين يقولون إنه من الضروري التمييز بين هذين اللقاحين، حيث تختلف نفس النتائج خلال التجارب السريرية (خاصة في المرحلتين 1 و 2)، وفي انتظار نتائج تجارب المرحلة 3 التي لم يتم الإعلان عنها بعد، لكن المؤكد أنه لم يتم اختبارها على كبار السن أو الأشخاص الضعفاء، وحتى الآن، فإن اللقاح الصيني المستورد إلى المغرب لم يتم تحديده بدقة.
وبخصوص تكلفة اللقاح، لفتت الصحيفة إلى أن المملكة المغربية أعلنت بالفعل أن اللقاح سيكون مجانيًا لجميع المواطنين (المغاربة والمقيمين الأجانب)، لكن لا يُعرف كم سيكلف ذلك الحكومة، ولا يحق لوزارة الصحة الإفصاح عن الأسعار، حيث تتطلب المختبرات الامتثال لبنود السرية من أجل الحفاظ على هوامش التفاوض مع مختلف عملائها.
وفي الربيع الماضي، أعرب الرئيس الصيني شي جين بينج عن رغبته في أن يكون اللقاح الصيني في المتناول وبأسعار معقولة باعتباره “منفعة عام”. وفى وقت لاحق أعلن رئيس مجموعة سينوفارم ليو جينغ تشن أن الجرعة المزدوجة من المنتج ستكلف حوالى 115 يورو بمجرد عرضها فى السوق .
وقال أدار بوناوالا، الرئيس التنفيذي لمعهد سيروم الهند، الذي يصنع لقاح “أسترازينيكا” ويسلمه إلى المغرب، إن أول 100 مليون جرعة، مخصصة للحكومة الهندية ستباع بسعر 25 درهم (2.30 يورو)، في حين سترتفع أثمنة الجرعات المباعة في السوق إلى 120 درهم (11.06 يورو)، لتنفي الحكومة الهندية ذلك، وبعدها أعلنت شركة “أسترازنكا” أنها ستسوق لقاحها بسعر لا يتجاوز 2.50 يورو، وفي أوروبا، يكلف حاليًا حوالي 1.78 يورو.
وأشارت مجلة “جون أفريك” في ختام تقريرها، إلى أن جنوب إفريقيا، التي كانت من بين إحدى الدول الأكثر تضررًا من الجائحة، اشترت لقاحات “أسترازنكا” 2.5 مرة أغلى من الدول الأوروبية، أي بـ 4.32 يورو، ولم تساهم في أبحاث اللقاحات وتطويرها، ليطرح السؤال ذاته على المغرب الذي لم يشارك أيضًا في تطوير لقاح “أسترازنكا”.
تعليقات الزوار ( 0 )