صادقت الحكومة مؤخرا، على مشروع قانون ينص على منح أعوان وضباط الأمن، صلاحية استخلاص الغرامات المالية ضد خارقي إجراءات إلزامية ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي، الذين فرضا في إطار حالة الطوارئ الصحية، المعلنة في المملكة منذ مارس الماضي، لمواجهة فيروس كورونا المستجد، إلا أن هذا الأمر، ما يزال بعيدا عن التطبيق في كثير من الجماعات الحضرية والقروية بالتراب الوطني.
وتعرف العديد من المدن والقرى، التي تشهد معدلات منخفضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد، تغاضي السلطات عن فرض القانون، وتهاونها بشكل كبير جدا في الحرص على تطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية المعلنة من طرف الحكومة، والهادفة للحد من تفشي الفيروس التاجي في البلاد.
وفي الوقت الذي تحرص مجموعة من السلطات المحلية في عدد من المدن، على تطبيق المواطنين للإجراءات المنصوص عليها في قانون الطوارئ، هناك جماعات محلية أخرى، يصفها البعض بأنها خارج “التغطية”، لا يلتزم فيها حتى أفراد السلطة بالإجراءات، ويتساهلون مع تراخي المواطنين.
مدينة بركان الواقعة في الجهة الشرقية للمغرب، تعرف تراخيا كبيرا في صفوف المواطنين وتساهلا من السلطات، التي ترى أغلب الأشخاص لا يرتدون الكمامات، والمقاهي لا تلتزم بالحد الأقصى المسموح به، دون أن تحرص على فرض القانون ومعاقبة المتهاونين.
في الجمعة الماضية، شهدت مقبرة جماعة بوغريبة، التابعة ترابيا لإقليم بركان، جنازة أحد الأشخاص، حضرها حوالي 30 فردا، وفي مكان عام ومفتوح وعلى مقر الجماعة القروية، الذي لا يبعد عن مكان المقبرة، سوى بحوالي 300 متر على الأكثر.
وغير بعيد عن المنطقة، شهدت مدينة زايو الواقعة بإقليم الناظور، تنظيم حفلي زفاف داخل البيوت، والغريب في الأمر، أن كلا الحفلين، عرفا استخدام المكبرات الصوتية الخاصة بالأفراح، وإطلاق “أغاني الأعراس”، بالإضافة لحضور العشرات من الأشخاص، مع التوجه لـ”إحضار العروس”، باستخدام “منبهات الصوت” بالسيارات، وكل هذا، حدث دون أن تتدخل السلطات.
وقال أحد المواطنين المنحدرين من مدينة زايو، في تصريحه لجريدة “بناصا”:”إن الإجراءات الصارمة، والتزام المواطنين بالتدابير الوقائية وحرص السلطات على مراقبة مدى تطبيقها، أشياء لا نراها سوى في شاشة التلفزيون، أما الواقع عندنا فمغاير تماما، هناك تراخٍ كبير من الناس والسلطة على حد سواء”.
مظهر آخر يثير الاستغراب، تجلى في إقامة صلاة الجنازة على متوفين، في بعض مساجد المغرب، رغم حضور أعداد أكبر من تلك التي تتواجد خلال الصلوات الخمسة، المسموح بها قانونيا خلال فترة الجائحة، في وقت منعت صلاة الجمعة نظرا للأعداد الكبيرة التي تحضرها، والتي قد تهدد صحة المواطنين.
ومثل المدن المذكورة، هناك العديد من الجماعات الحضرية والقروية التي تعرف تراخيا كبيرا من المواطن والسلطة، الأمر الذي يجعل المتابعين يستغربون من الوضع، ويتساءلون عن مدى وجود تنسيق بين مكونات هرم السلطة، في ظل أن الحكومة، تصدر القوانين وتأمر بالالتزام، والسلطات المحلية تتهاون وتتساهل.
وتواصل الحكومة المغربية، التي يرأسها سعد الدين العثماني، فرض إجراءات لمواجهة الجائحة، رافض’ً نهج سياسة مناعة القطيع، إلا أن الواقع على المستوى المحلي في عدد كبير من المدن، يثير التساؤل، في ظل أن تعامل السلطات المحلية مع الوضع، يؤشر بما لا يدع مجال للشك، إلى أن المملكة اختارت مناعة القطيع وفضلت التعايش.
تهاون السلطات على مستوى مجموعة من الجماعات المحلية، والذي جاء بالموازاة مع الرفع التدريجي لإجراءات الحجر الصحي، واعتماد وزارة الصحة للعلاج المنزلي، زرع في ذهنية العديد من المواطنين، بأن الدولة، حسمت أمرها، وقررت التعايش مع الوباء، وبالتالي لا مشكل في ارتداء الكمامة أو التباعد، الأمر الذي بات يهدد بخلق مشكل حقيقي في ظل تواصل الارتفاع الكبير لعداد الإصابات بفيروس كورونا.
تعليقات الزوار ( 0 )