قالت صحيفة “أتالايار” الإسبانية، إن النظام العسكري الجزائري يحاول العودة الى الأضواء، والخروج من مرحلة الفتور، و”العزلة الدولية” المفروضة عليه، وذلك من خلال استقبال الرئيس التركي، طيب أردوغان، أول يوم أمس (الثلاثاء) في قصر المرادية لبضع ساعات.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي يعاني من عزلة شديدة على الساحة الدولية، سعيدا باستقبال نظيره التركي رجب طيب أردوغان، الذي وصل إلى الجزائر في 21 نوفمبر، بعد تعرضه لسلسلة من الانتكاسات الدبلوماسية، كان أبرزها رفضه الانضمام إلى مجموعة “البريكس”، الذي أغرق النظام الجزائري جسدا وروحا في عزلة يجد صعوبة في قبولها.
ومنذ انعقاد القمة العربية بالجزائر يومي 1 و 2 نوفمبر 2022، والتي قاطعها ألمع رؤساء الدول العربية، لا سيما رؤساء دول الخليج، وفشل زيارتيه إلى روسيا والصين، لم يظهر الرئيس تبون في أي مؤتمر دولي كبير، أو مقابلة تلفزية.
ووفقا للصحيفة، فإن الأسوأ من ذلك، أن وزير الخارجية السعودي، الذي أرسله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الجزائر، حثه بشدة على عدم حضور قمة الجامعة العربية المقرر عقدها في جدة في ماي 2023، بسبب رفض النظام الجزائري العنيد قبول أي وساطة عربية في النزاع، والصراع مع المغرب.
وأشارت القصاصة الإخبارية، إلى أنه، في الأسابيع الأخيرة، كرر السعوديون رفضهم دعوة الجزائر لحضور القمة العربية الإسلامية حول حرب غزة التي استضافتها الرياض في 11 نوفمبر.
وعلى خلاف العديد من العواصم العربية، بما في ذلك دبي والقاهرة والرياض، وبالطبع الرباط الحتمية، فإن النظام الجزائري، في الواقع، على خلاف مع جميع الدول العربية، ولم تؤيد أي دولة عضو في جامعة الدول العربية الموقف الجزائري بشأن قضية الصحراء المغربية.
وذكرت الصحيفة، أن الاعتراف الواضح والصريح بالطبيعة المغربية للصحراء من قبل الدول العربية أحبط محاولة الجزائر الخلط بين القضية الفلسطينية وقضية الصحراء في قمة الجزائر في نوفمبر 2022.
وأضافت المصادر عينها، أن الأمور ليست بأفضل حال مع أوروبا، وعلى خلاف إسبانيا وفرنسا، تتعرض الجزائر للاستيلاء على الإيطاليين الذين استفادوا من سخائها في عقود الغاز دون رد الجميل.
وتختنق الجزائر العاصمة بسبب عزلة لم تشهدها من قبل، ولا حتى في خضم الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد لأكثر من عقد من الزمن، ولذلك فهي راضية عن زيارة الرئيس التركي التي استغرقت بضع ساعات فقط، والتي ستسمح لها بالوقوف على قدميها مرة أخرى، وقبل كل شيء، الاستفادة من وجود صوت مسموع في العالم لإسماع صوتها بشأن الحرب الإسرائيلية الفلسطينية.
ومن الواضح أن الأتراك لا يفعلون شيئا مقابل لا شيء، وتحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن رقم “10 مليارات دولار” في التبادلات الاقتصادية التي “يأمل” تحقيقها بين البلدين في “فترة زمنية قصيرة”، مشيرا إلى أن 1400 شركة استثمرت في الجزائر.
ومن الواضح، أيضا، حسب الصحيفة ذاتها، أن هذا الرقم يفيد تركيا، حيث أن الجزائر هي العلاقة الضعيفة من حيث الاستثمار في تركيا، وليس لديها أي شيء تقريبًا لبيعه للأتراك.
وبرفقة وفد مكون من عدة وزراء من مختلف القطاعات، يثير رجب طيب أردوغان ضجة بعقود استثمارية ضخمة في مجالات الصناعة والطاقة والتعدين والنقل والثروة السمكية والإنتاج السمكي والزراعة والعدل والتعليم والتجارة والمالية والأشغال العامة والثقافة والتعليم العالي.
وبدأ التعاون الاقتصادي يمتد ليشمل قطاعات أخرى، مثل الطاقة المتجددة والتعدين والزراعة الصحراوية وصناعة الأدوية، ووصف الرئيس الجزائري هذا التعاون بأنه “مثمر وواعد”.
وتاريخيًا، يعتبر الجزائريون تركيا الخائن الأكبر لأنها “باعت” بلادهم للفرنسيين عام 1830، بعد ثلاثة قرون من الحكم العثماني (1518-1830)، والأسوأ من ذلك أنها صوتت ضد استقلال الجزائر في الأمم المتحدة عام 1958.
ويفسر هذا التحسن في العلاقات الجزائرية التركية بالعلاقات الشخصية التي أقامها بعض كبار المسؤولين العسكريين والمدنيين مع رجال الأعمال الأتراك، بما في ذلك الرئيس تبون وأبنائه، كما يتضح من تقريرين بثتهما قناة النهار خلال الحملة الانتخابية في ديسمبر 2019.
وأظهرت هذه التقارير كيف تم رعاية عبد المجيد تبون، الذي كان آنذاك في حالة من العار بعد إقالته من منصب رئيس الوزراء، من قبل رجال الأعمال الأتراك، وكان الهدف من التقارير هو وصف تبون بأنه مرشح فاسد.
وتم بثها بناء على تعليمات من اللواء واسيني بوعزة، الذي يقضي حاليا عقوبة بالسجن لمدة 16 عاما في السجن العسكري بالبليدة، وكان بوعزة رئيسا للأمن الداخلي وكان مصمما على قطع طريق تبون بدعم من الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني ورئيس أركان الجيش آنذاك، واليوم أصبحت الأمور واضحة.
ولم تصل العلاقات بين البلدين إلى هذا المستوى العالي من التعاون والتبادل من قبل، حيث إن أردوغان هو الرئيس الوحيد الذي أجرى معه تبون المزيد من التبادلات، وخلال أربع سنوات، التقى الرجلان أربع مرات، مرتين في الجزائر العاصمة (يناير 2020 ونوفمبر 2023) ومرتين في أنقرة (ماي 2022 ويوليوز 2023).
وخلصت الصحيفة، إلى أنه من كل هذه اللقاءات والعلاقات المتينة والمدعومة جيدا، كسبت الجزائر شيئا واحدا: تسليم ضابط الصف قرميط بونوارة، السكرتير الخاص السابق للراحل قايد صالح، الذي غادر لطلب اللجوء السياسي في الجزائر تركيا مقابل ملف ضخم تورط فيه تبون وبعض رجال الأعمال الأتراك.
تعليقات الزوار ( 0 )