تفاصيل مرعبة تلك التي كشف عنها أحد الناجين من القارب المطاطي الذي غادر من الأراضي المغربية بالصحراء، صوب جزر الكناري، وعلى متنه 54 شخصا، لينتهي به المطاف عالقا وسط مياه المحيط الأطلسي لـ 13 يوماً، قبل أن تجرفه الأمواج نحو السواحل الموريتانية.
ونقل موقع “20 minutos”، عن أحد الناجين السبعة من “قارب الموت”، والذي يتواجد حاليا في أحد مراكز احتجاز المهاجرين بموريتانيا، قوله: “ماتوا شيئاً فشيئا. الأطفال أولاً ثم النساء”، متذكّراً أولئك الذين ابتلعتهم أمواج الأطلسي في عرض البحر.
وأوضحت الجريدة، التي اختارت للمعني الذي ينحدر من غينيا، اسما مستعارا هو “موسى”، أنه تحدث مع هيلينا مالينو، المتحدثة باسم المنظمة غير الحكومية “كاميناندو فرونتيراس”، التي استغربت من العدد الكبير للأشخاص الذين ركبوا القارب المطاطي.
صمود قارب موسى، يقول المصدر، لم يكن مصحوبا بتحمل طاقمه الذي مات من العطش والجوع مع مرور الأيام، على الرغم من مساعدة بعض الصيادين المغاربة الذين مروا قربهم، بعدما منحوهم زجاجتين أو ثلاث من المياه، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لـ 54 شخصاً.
ويتواجد موسى، برفقة ثلاثة من زملاء رحلته ينحدرون من مالي والسنغالي، بمركز للمهاجرين بنواذيبو، فيما يتلقى بقية الأشخاص الذين تمكنوا من النجاة من “قارب الموت”، العلاجات الضرورية داخل أحد مستشفيات المدينة،
وكشف الناجي، أن الكابوس بدأ في الـ 3 من شهر غشت الماضي، حين صعد 54 شخصا، معظمهم من غينيا كوناكري والسنغال وساحل العاج ومالي، على متن قارب هش جرى تصميمه لحمل عدد أقل، وقطع مسافة لا تزيد عن 125 كيلومترا صوب جزيرة فويرتيفنتورا، انطلاقا من نواحي مدينة العيون المغربية.
بعد يوم ونصف من مغادرتهم، تقول الجريدة الإسبانية، نفد الغاز. لم يكونوا بعيدين عن الساحل، وكان هناك بعض الصيادين العابرين، ومنحوهم بعض المساعدة، غير أنهم لم يقوموا بالاتصال، وفق ما ترجحه هيلينا، بالسلطات من أجل الإبلاغ عن محاولة الهجرة غير الشرعية.
واسترسل المصدر، أن المهاجرين الذين كانوا يمنون النفس بالتوجه غرباً صوب الكناري، حملهم البحر جنوباً، وبدأ الماء والغذاء ينقص، والفوضى تحدث، بعد تساقط أفراد القارب واحداً تلوى الآخر، انطلاقا بالأطفال، الذين كان منهم ثلاثة، وفق موسى، ثم النساء، الذين لم تنجوا منهم سوى واحدة من أصل 10 كنّ متواجدات على متن الرحلة.
“نام الناس وماتوا.. وآخرون ألقوا بأنفسهم في البحر”، يذكر موسى، قبل أن تأخذ الأمواج القارب، بعد 13 يوماً من إقلاعه، إلى الشاطئ الموريتاني، وعند الوصول لفظ ثلاثة أشخاص آخرين أنفاسهم،
وزاد الموقع المذكور، أن رحلة موسى ورفاقه كان يمكن لها أن تنتهي بنتائج أسوء، وألا ينجو أحد، وكان يمكن للأمواج أن تجرفهم لعرض المحيط الأطلسي، الذي لا تقل المسافة الفاصلة عبره بين إفريقيا وسواحل القارتين الأمريكيتين عن الـ 4500 كيلومتر.
ونبه المصدر إلى أن “هناك بالفعل قوارب تصل نصف مدمرة إلى سواحل الأمريكيتين، آخرها اثنان وصلا نصف مدمرين مؤخرا، إلى ترينيداد وتوباغو، وعلى متنهما جثث”، مضيفةً أن موسى أعرب عن مخاوفه من ترحيله وتركه وسط الصحراء على الحدود مع مالي، كما تفعل السلطات الموريتانيا في العادة، حين يكون لديها دليل على وجود مهاجرين من تلك الجنسيات.
وحاول موسى التوسل إلى هيلينا، وفق ما أوردته الصحيفة الإلكترونية المذكورة، من أجل ألا يأخذوه، التي طالبت بمعاملة أفضل لهؤلاء المنبوذين من موريتانيا، مضيفةً “نطالب السلطات الموريتانية بعدم إخضاعهم لإجراء الطرد، خاصة ضحايا المآسي هؤلاء”.
وقالت هيلينا، إن الصيادين المغاربة الذين تصادفوا مع القارب، لم يقوموا بالإبلاغ عن الأمر، داعية إلى “الإبلاغ عن قوارب المهاجرين لتجنب المآسي، ولا يجب الخوف، لأن أهم شيء هو إنقاذ الأرواح”.
وكشفت “20 minutos”، أن هيلينا، تتلقى اتصالات يومية من أقارب النساء اللواتي كن في القارب، ممن كانوا يتوقعون أن يسمعوا أخبارهم بعد 24 ساعة من انطلاقهم من السواحل المغربية، في رحلة كانت من المخطط ألا تتجاوز هذه المدة نحو جزر الكناري، غير أنهم لم يتلقوا أي أخبار عنهم.
وأوضحت الجريدة، نقلاً عن هيلينا، أن الأسوء لم يأت بعد، فإن كانت سنة 2020، عاما تاريخيا من حيث الارتفاع في وصول المهاجرين إلى جزر الكناري، فإن سنة 2021، تضاعفت الأرقام خلالها، حيث تم تسجيل لحدود 1 غشت الماضي، 7531 شخصا مهاجرا غير شرعي، مقابل 3185 فقط، في نفس الفترة من السنة الماضية.
موسى الذي عاش الرحلة المرعبة التي لم يتمكن من النجاة منها سوى 7 أشخاص من أصل 54 انطلقوا فيها من سواحل العيون المغربية، لم يعد يتمنى أن تكرّر التجربة مرة ثانية، حيث أكد في ختام حديثه مع هيلينا، وفق ما جاء في الصحيفة نفسها، أنه يريد فقط، “العودة إلى غينيا، من أجل رؤية زوجته وأولاده”.
تعليقات الزوار ( 0 )