Share
  • Link copied

تقييم معايير الجودة للمواقع الإخبارية

لا يخفى على أي أحد أن عدد زوار المواقع أصبح أكبر بكثير من قراء الكتب و المجلات الورقية. فأصبحت بهذا المواقع الاليكترونية مساحة مهمة وميدان خصب لعرض الأفكار و طرح وجهات النظر و توجيه الرأي العام. من جهة أخرى أصبحت جل المواقع الالكترونية تعاني من فوضى في النشر فتجدها في غياب رؤية واضحة و خطة دقيقة في النشر جعلها تدخل في تخبط في ما يتم نشره على منصاتها, فتجدها في الأخير تنقل الأخبار من باب توفير المعلومة دون الخوض في تحليلها و تقييمها ثم وضعها في تقييم من وجهة نظر تلك المؤسسة. 

يعتبر قطاع الاعلام كباقي المجالات الأكاديمية بل وقد يعتبر التخصص الذي يجمع ما بين الشكل الذي يتناول كل الأبعاد التقنية من قبيل التصوير و المونتاج و الأنفوكرافيك والديكور وكل ما يخدم القالب أو الصورة ثم من جهة أخرى يتناول المضمون بحيث يعبر علم الاجتماع و هندسة الثقافات و كل ما يتعلق بالأنثروبولوجيا و غيرها من العلوم الانسانية جزء مهم في تخصص الاعلام.

المواقع الالكترونية التي تهتم بصناعة الرأي العام بدورها جد مهمة, بل و يمكن اعتبارها الوسيلة الأهم بعد مواقع التواصل الاجتماعية. الا أن بشكلها الحالي في الدول العربية تعتبر غير مؤثرة بالشكل المناسب و مقارنة مع ما يتم بذله من جهد و مال فيها ناهيك عن الكوادر التي تصهر عليها.

خلال طرحي هذا سأحاول تسليط الضوء على بعض الملاحظات حول المواقع, و سأركز بالخصوص على معايير الجودة و بعض الاشكالات التي انتجتها لنا و التي يمكن أن ندرج بعضها على النحو التالي:

· غياب أحد أهم معايير الجودة وهو “أصالة المادة” مما يعني عدم التجديد و عدم تطوير فريق الموقع و بالتالي تقديم منتوج ينافس الأخر. غياب هذا المفهوم يجعل من الكتاب و المدونين يدخلون في نقاش للأحداث الجارية و التي قد تجري بهم و تجعلهم يدخلون في صناعة رأي عام تريد جهة ما تسويقه, دون وجود مناعة فكرية اعلامية لدى الاعلامي, كثرت الأحداث و زخمها ناهيك عن اعطاء بعض المعلومات مجزئة قد يزيد الأمر تعقيدا خصوصا في بعض القضايا السياسية الدقيقة.

· التغطية الكاملة لأي حدث, لعل السمة البارزة عند الدول العربية هي احتكار الجهات الرسمية للمعلومة -خصوصا الاستراتيجية و الحساسة منها- و بالتالي يصبح حتى التكهن بما سيحدث مستقبلا أمرا صعبا. وحتى المعلومات التي يحصل عليها العامة تكون عمدا كتكتيك محبوك ومدروس قصد توجيه الرأي العام لأسباب مختلفة أو بشكل غير مقصود -طبعا- عن طريق التسريبات, احتكار المعلومة أو اعطاؤها لجهات معينة فقط دون أخرى و عدم وجود شفافية في طلبها و تلقيها يجع الاعلامي في موضع انتظار و ترقب دون الحديث عن تساوي قيمة السبق الصحفي.

· جل المواضيع و الأخبار التي يتم تداولها في المواقع العربية تجدها لا تتحرى دقة المعلومة, بدليل أن العديد من المقالات تغيب عنها الارقام و الاحصائيات بل تكتفي بالنشر السريع المتسم باختزال مخل للمقالات الى أن أصبح الخبر ينقل في بضع أسطر, ترتب عنه ضياع قيمة الموقع الاعلامي الذي من بين ركائزه قراءة الاحداث من زوايا النظر مختلفة.

· خلل ميكانزيم أخر هو أن غالبية المشتغلين في ميدان الصحافة الالكترونية لا يستطيعون تجاوز مرحلة نقل الخبر الى تحليله و اعطاء وجهات نظر حوله.

وهذا المشكل سببه أمرين أساسيين :الأمر الأول هو مشكل ثقافي فيحتاج الصحفي الى تراكمات معرفية كبيرة للغوص في مجال التحليل السياسي و استقراء الاحداث و التكهن بالنتائج. الأمر الثاني وهو الذي يمثل المشكل الكبير بحيث أن الجهة الرسمية تفرض على الصحفي خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها فينتج عن هذا قبر للعقول وطمس للحرية الفكرية.

· نقص التجربة في هذا الميدان يجعل أصحاب المواقع ينساقون وراء نقل التجربة الغربية مع اهمال عدة أمور من قبيل عدم وجود مراقبين ومدققين ومحللين للمعلومات حول ما ينشر من معطيات .

إن غياب خطة استراتيجية للمواقع العربية يجعلها تنساق وراء نسق ضيق جدا لا يتجه نحو التجديد و الابداع و التطوير بحيث تجد العديد من المواقع تتبدد مع مرور الوقت نظرا لغياب البعد الاستشراقي للمستقبل. حيث لا يخفى على أي زائر للمواقع العربية بأن الذي يتغير فقط هو شكل الموقع بينما تبقى التبويبات كما هي رغم أن امكانية التجديد لا تكلف الموقع أموال طائلة أو مجهودات كبيرة.

قلة المصادر الأكاديمية و قلة الباحثين المهتمين بالتنظير لهذا المجال جعل المواقع تعيش في فوضى. حتى مراكز الأبحاث الاعلامية العربية ليست بالمستوى المطلوب لانتاج أبحاث و دراسات دقيقة و علمية تغطي هذه الثغرة. حيث لايزال هناك انعدام لأي دراسة حول هذه المواقع الاخبارية العربية نظرا لعدم توفر المراجع الكافية و نظرا لحجم الفوضى التي يعيشها هذا المجال.

*باحث مغربي

Share
  • Link copied
المقال التالي