نشر المجلس الوطني لحقوق الانسان بتاريخ 17 أبريل 2020 تقريره السنوي على موقعه الإلكتروني، ويأتي نشر هذا التقرير في سياق وطني ودولي يتسم بالتجند لمواجهة جائحة الكورونا، مما يتطلب تكثيف الجهود والتنسيق بين عموم المواطنين والسلطات العمومية لتجاوز هذه المحنة، ونشر هذا التقرير في هذا الظرفية يعتبر مبادرة غير سليمة وغير ضرورية، لكون الفعل الحقوقي أو الفعل العمومي بشكل عام يتطلب أن يراعي ما يسمى بـ”الزمن السياسي” أو “الزمن التاريخي”، حتى تكون لأي مبادرة أثر في الحياة والشأن العامين.
مع ذلك، وبالعودة للتقرير يمكن رصد عدد من الملاحظات، منها ملاحظات منهجية وأخرى موضوعية تتعلق بمتن التقرير.
أولا: الملاحظات المنهجية
- غياب أسباب النزول
تختلف التقارير والدراسات التي تنتجها المؤسسات الرسمية، عن تلك التي تنتجها جمعيات المجتمع المدني، فإن كانت هذه الأخيرة لها هامش التقدير في إصدار أي وثيقة بغض النظر عن السياق العام أو الخاص، فإن المؤسسات الرسمية مقيّدة بنصوص قانونية محددة.
فالتقرير السنوي للمجلس المنشور، سواء في تقديم رئيسته أو في مقدمته أو على طول سرد الوقائع والأنشطة، لم تتم الاشارة نهائيا للمادة 35 من القانون رقم 76.15 المنظم لأشغال المجلس، التي تعتبر المرجع القانوني لإصدار التقرير السنوي، وترك المجال مفتوح للمتتبع أن يعود للتنقيب في مواد القانون لمعرفة السند التشريعي لإصدار هذا التقرير.
إذ من المفروض بل من اللازم أن يكون الإستناد على المادة 35 من القانون في أول سطر من التقرير السنوي لكونه هو الحيثية القانونية لوجوده.
خرق القانون والأعراف المرعية
تنص المادة 35 من القانون على أن المجلس يعد تقريرا سنويا عن “حالة حقوق الانسان”، ويرفع للملك أولا، ثم توجه نسخة منه إلى رئيس الحكومة ورئيسي البرلمان ثانيا، ونشره وإطلاع العموم عليه ثالثا، وهذا التقرير ينشر في الجريدة الرسمية.
إلا أن نشر هذا التقرير خرق النص القانوني، حيث وجه للعموم أولا، في انتظار أن سيرفع “إلى نظر جلالة الملك، كما ستوجه نسخة إلى رئيس الحكومة ورئيسي مجلس البرلمان، وسيعمل على نشره وإطلاع العموم عليه” (ص 8 من التقرير)، مما يعني أن هناك خلل ما في مسطرة إعداد ونشر التقرير.
إن المشرع المغربي بوضعه لمسطرة خاصة للتقارير السنوية للمجلس التي توجه للملك، قد راعى “الأعراف التقليدية” التي تعتبر أن رئيس الدولة الأولى بالاطلاع على الوثائق الموجهة إليه من قبل الحكومة والبرلمان والشعب، وهو ما تعمل به كل المؤسسات الدستورية الأخرى كالمجلس الأعلى للحسابات والمجلس لاقتصادي والاجتماعي والبيئي… وذلك تماشيا مع هرمية السلطة بالبلاد حيث يحتل فيها الملك المكانة السامية والسامقة والعالية.
ولهذا فنشر التقرير على العموم قبل المؤسسات الدستورية، يعد سابقة وخرق لمقتضى النص القانوني وأيضا للأعراف التقليدية.
خلط بين “حالة حقوق الانسان” و”حصيلة العمل”
المطلع على التقرير يلاحظ فيه سرد لعدد من الأنشطة، بشكل كبير، كالندوات والدورات التدريبية والمشاركات في اللقاءات … وأيضا عمل الآليات التنظيمية داخل المجلس، في حين، وبالرجوع للمادة 35 من القانون المنظم للمجلس، فإن التقرير السنوي حصري فقط بـ”حالة حقوق الانسان”، أما تقرير عن حصيلة عمله، فهو تقرير مستقل لا علاقة له بالتقرير السنوي، وهو ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 35 إذ ورد فيها ” كما يقدم رئيس المجلس، تطبيقا لأحكام الفصل 160 من الدستور، تقريرا عن أعماله مرة واحدة في السنة على الأقل يكون موضوع مناقشة من قبل البرلمان”، وينشر أيضا في الجريدة الرسمية.
إن المادة 35 من القانون ميزت بين ثلاثة أنماط من التقارير، تقارير سنوية محددة زمنيا كل سنة ومحددة موضعا عن “حالة حقوق الانسان”، وتقارير موضوعاتية وخاصة محددة حسب أسباب النزول والسياق، وهما معا لهما نفس المسطرة، وهي أولا رفعها للملك، ثانيا توجيهها لرئيس الحكومة ورئيسي البرلمان ووأخيرا نشرها للعموم، النمط الثالث، هي تقارير الحصيلة أو الأعمال والتي لها مسطرة مستقلة خاضعة للفصل 160 من الدستور، حيث توجه فقط لرئيسي البرلمان وتعقبها منافشة، ولا توجه أي نسخة من هذه التقارير لا للملك ولا لرئيس الحكومة.
فإغراق التقرير السنوي بحصيلة الاأشطة وأعمال المجلس كان على حساب تهميش قضايا مهمة في مجال “حالة حقوق الانسان”، كإصلاح منظومة العدالة الذي لازالت فيه مستجدات، الحكامة الأمنية المغيبة في النقاشات الرسمية، رغم أنها من توصيات هيئة الانصاف والمصالحة، الحقوق البيئية التي تم الحديث عنها بشكل جد مقتضب مع العلم أن المغرب كان حاضنا لمؤتمر المناخ كوب 22، وغيره من القضايا الاستراتيجية…
خرق لأحكام المادة 20 من القانون 76.15
عند إحداث الآليات الحمائية الثلاث داخل المجلس الوطني لحقوق الانسان، حرص المشرع على تمكينها ببعض تدابير “الاستقلالية”، ومنها ما ورد في الفقرة الثالثة من المادة 20 من القانون المنظم لعمل المجلس حيث نص على: “يعد كل منسق من منسقي الآليات الوطنية تقريرا سنويا عن حصيلة أنشطتها يدرج كاملا ضمن التقرير السنوي للمجلس”.
وبمقتضى هذه المادة، فإن التقرير السنوي للمجلس مكون من أربعة أجزاء مستقلة عن بعضها البعض، جزء عن حالة حقوق الانسان، وثلاث أجزاء كل جزء منها مخصص لآلية من الآليات الثلاثة.
وبالعودة للتقرير المنشور، يلاحظ أن تقارير الثلاث آليات خصصت لها ثلاث صفحات فقط و18 فقرة من أصل 378 فقرة، كما أنه اعتبر مجرد محور ضمن المحاور الأخرى للتقرير، دون أن تكون لتقارير الآليات الثلاث “هوية” مستقلة تتماشى والاستقلالية المعبّر عنها في المادة 20، عن باقي محاور التقرير لكون المشرع خصص لأعمالها نص قانوني فريد، كما أن مضمون ما ورد في الصفحات الثلاث لا يشير بالمُطلق بكون أن مُعدُّوه هم منسقو الآليات الثلاث، بل يلاحظ أن معد التقرير كاملا واحد، وليس أربع جهات.
وما يزكي هذه الملاحظة هو ما ورد في الفقرة 333 التي تتحدث عن جدول أعمال كل اجتماعات الآلية الوقائية للتعذيب ولم تتم الإشارة نهائيا إلى نقطة تتعلق بـ”مناقشة” أو “المصادقة” أو “الاطلاع” أو “الإعداد” لتقرير السنوي للآلية.
“التدليس” بخصوص المادة 21 من القانون
ورد في التقرير أن الضمانات المتعلق باستقلالية الآلية الوقائية من التعذيب، وذلك منذ تعيين أعضائها في الجمعية العامة (أي 21 شتنبر 2019)، تكمن في” التفرغ الكامل لمنسق الآلية وأعضاءها واستغلال طيلة الوقت” (الفقرة 332)، وهو ما يتماشى مع الفقرة الثالثة من المادة 21 من القانون رقم 76.15.
ولكن بالعودة إلى بعض القصاصات الخبرية، نجد أن الدكتور محمد بنعجيبة منسق الآلية للوقاية من التعذيب، بتاريخ 20 يناير أجرى حوارا مع جريدة “الصحراء المغربية” بصفته مديرا للمركز الوطني لتحاقن الدم بالرباط، ونشر في موقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية حيث: “دعا مدير المركز الوطني لتحاقن الدم بالرباط، محمد بنعجيبة، إلى التفاعل مع حملات التبرع بالدم”، وبتاريخ 26 مارس في موقع الاليكتروني لنفس الجريدة: “ثمن محمد بنعجيبة، مدير المركز الوطني لتحاقن الدم بالرباط، استجابة المواطنين لنداء التبرع بالدم”، وأيضا الوصلة “التوعوية” المنشور على صفحة المجلس في الفايسبوك بتاريخ 17 مارس تم تقديم الدكتور بنعجيبة كطبيب وعضو المجلس ولم يقدم بصفته كمنسق لآلية الوقاية من التعذيب وهي الصفة المحددة قانونا ورسميا، وما يسقط على منسق الآلية يسقط على باقي أعضائها، هل تم بالفعل “التفرغ” للاشتغال في آلية الوقاية من التعذيب حسب ما ينص عليه القانون أم لا؟
خلط بين الحماية والنهوض
ترتكز منظومة حقوق الإنسان على عمودين، الحماية وهي التدخل الاستباقي أو البعد لوقف انتهاك معين يمس فرد أو مجموعة والأليات المعنية، والنهوض أو التعزيز ويهدف إلى التكوين والأراء المتعلقة بالقوانين والملاءمة مع التشريعات والمصادقة على الاتفاقيات والسياسات العمومية، فمثلا ملاحظة وتتبع محاكمة شخص ما، تدخل في الجانب الحمائي، أما تدريب المدافعين عن حقوق الاإسان على ملاحظة المحاكمات يدخل في جانب النهوض، وأيضا رصد استعمال الشطط أو التعسف لرجل أمن ضد مواطن يدخل في الجانب الحمائي، وتكوين المكلفين بإنفاذ القوانين الخاصة بثقافة حقوق الإنسان، أو تقديم رأي متعلق بتحديد تعريف دقيق للتعذيب أو إلغاء قوانين معينة أو إعداد تقرير يتعلق بضرورة المحامي في اللحظات الأولى للاعتقال… كلها تدخل في دائرة النهوض والتعزيز.
بالعودة للتقرير موضوع المقالة نجد، في المحور الأول المتعلق بحماية حقوق الإنسان، عشرات الأنشطة لا علاقة لها بالحماية: كالترافع حول إلغاء قانون، عقد شراكات والمشاركة في الندوات الإقليمية والدولية والوطنية، الانضمام لاتفاقية معينة ( فقرات: 10، 11، 12، 13 كمثال، ولا يسع المقال لجردها كلها، ولكن بمعدل 60 من الفقرات تدخل في مجال النهوض وليس الحماية).
وهو ما أثر على هندسة التقرير حيث يلاحظ أن محور الحماية يتكون من ثماني فصول و 32 نقطة موزعة على 40 صفحة و210 فقرة، في مقابل أن محور النهوض لم يتجاوز فصل واحد ونقطتين موزعة على ثلاث صفحات و21 فقرة.
إن كانت هذه الملاحظة على التقرير جد شكلية، إلا أنها جوهرية في مجال حقوق الإنسان، إذ سبق وأن ذكرنا أن الحماية والنهوض هما مثل رجلي منظومة حقوق الانسان، ويجب أن يكونا معا في نفس القيمة والأهمية وإلا أصبحت المنظومة “عرجاء”.
الكيل بالمكيالين بخصوص المحاكمات
سجل التقرير أنه لازال يتابع بعض المحاكمة، كقضية السيد معطي منجيب ومنه معه، والسيد عبد العالي حامي الدين، والسيد توفيق بوعشرين ومحمد منير (الكناوي) (فقرة 95)، والسيد حميد المهداوي (فقرة 117)، ولكنه لم يبدي أي موقف من هذه القضايا.
في مقابل أن المجلس سجل أنه يتابع قضية حل جمعية جذور، وأنه يتطلع إلى “مراجعة القرار من طرف محكمة النقض في إعادة تقدير القانون المطبق على الحالة”. (فقرة 76).
ويلاحظ المتتبع أن حالة كل الصحفي حميد المهداوي وتوفيق بوعشرين تتطابق مسطريا مع قضية جمعية جذور، لأن كلاهما في مرحلة النقض، فلماذا أخذ المجلس موقف في القضية الثانية ولم يأخذ أي موقف من الصحفيين؟ مما يدل أن المجلس يتعامل بالكيل بالمكيالين في قضية كل من حميد المهداوي وتوفيق بوعشرين.
فقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان تسمح للآليات الحمائية بالتدخل في القضايا الرائجة أمام القضاء، إذ نلاحظ لجنة المعاهدات والإجراءات الخاصة، تتقدم بتوصيات بإطلاق سراح معتقل ما إذا تبين أن لا اعتقاله لا يتلاءم مع القانون الدولي، سواء أثناء مرحلة التحقيق أو مرحلة الحكم الابتدائي أو الاستئنافي، فما قرار عدم تدخل المجلس الوطني لحقوق الانسان في القضايا الرائجة أمام القضاء إلا “بدعة” مغربية خالصة، لأنه سيطرح سؤال ما قيمة تقرير الملاحظة إذا صدر حكما نهائيا؟
بل إن الإحالة على محكمة النقض تعفي المجلس الوطني من التقيد ببدعته، لأن النقض قضاء قانون وليس قضاء موضوع، مما يعني على المجلس أن يبدي رأيه في الموضوع صراحة وبشكل مباشر.
وبالعودة أيضا إلى تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، نجده يقر أنه يتابع محاكمة الصحفيين الأربعة وأنه “يسجل حق الصحفي في حماية مصادره”، وأن الحكم الابتدائي والاستئنافي، وإن بطريقة غير مباشرة “لايتماشى مع التعليق العام رقم 34 الصادر عن لجنة حقوق الإنسان”.
وبالعودة إلى قضية الصحفي حميد المهداوي، الذي تتطابق قضيته مع حيثيات ما ذهب إليه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بالاستناد على التعليق العام رقم 34 في شأن الصحفيين الأربعة، فلماذا لم يتطرق المجلس لقضية الهداوي؟
هذا التناقض يبيّن بجلاء تعامل المجلس على أساس مبدأ “الكيل بمكيالين” في قضايا حرية الرأي والتعبير والمحاكمات والأفراد.
توصيات بلا هوية
في قواعد وأساليب إعداد وصياغة التقارير، يجب أن تكون لكل توصية حيثية أو متن أو حالات أو وقائع، إلا أننا في التقرير موضوع المقالة نجد عشرات التوصيات وضعت عنوة دون أن نجد لها سبب داخل محاور التقرير.
وفي هذا السياق نسرد الأمثلة التالية:
- توصية “بتمكين الأطفال ما بين 15 إلى 18 سنة من الحق بتأسيس جمعيات خاصة بهم (ص 25)، وبالعودة إلى محاور حرية الجمعيات الفقرات 75 إلى 77، لا نجد أي سند لهذه التوصية، لا وجود أي إشارة لا لمنع جمعية للأطفال ولا إشارة إلى الشروط القانونية في قانون الحريات العامة. فإن كان هذا المطلب حقوقي فعلى الأقل أن تسبق التوصية، التشخيص أو السند لا أن تسقط بدون معنى.
- توصية “استبدال العقوبات السالبة للحرية بالغرامة في شأن المقتضيات المتعلقة بتأسيس الجمعيات”، حيث لا نجد أي ترابط بين التوصية وما تمت سرده في شأن حرية الجمعيات.
- التوصيات المتعلقة بالحق في التجمع (ص 25) كلها لا علاقة بالمتن، بل إن محور الجق في التجمع تطرق إلى تشميع بيوت جماعة العدل والاحسان (الفقرتين 73 و74)، وذلك بسرد الوقائع الرسمية، دون أن يبدي أي موقف منها سوى أنها معروضة على القضاء.
- توصية “تبسيط ومراجعة نظام المساعدة القضائية بما يكفل الحق في الولوج للعدالة وخاصة للفئات الهشة”، وبالرجوع إلى محور المحاكمة العادلة لا نجد رصد أو ملاحظة أي محاكمة تهم الفئات الهشة (أي الأشخاص في وضعية أعاقة أو المهاجرين أو الهشاشة الاجتماعية المرتبطة بالفقر …). بل إن الفقرات من 90 إلى 95 تطرقت إلى حالات ليست بحاجة للمساعدة القضائية ولم تطلبها.
- توصية “حماية حق الطفل في النسب” وإن كانت توصية حقوقية متفق عليها، ولا أثر لها في التشخيص لا من حيث القوانين ولا من حيث الممارسة (الفقرات 98 إلى 106).
وغيرها من التوصيات الأخرى، وإن كانت متفق عليها من حيث المبدأ، إلا أنه كان من الواجب البيداغوجي والمنهجي ذكر أسباب نزول التوصية، سواء بسبب قانوني أو ممارسة أو سياسة عمومية.
تقرير “حكواتي”
تتميز التقارير الحقوقية على تكثيف الإحالات على الاتفاقيات الدولية والتوصيات الأممية وأيضا الدستور والقوانين الوطنية وقانون المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلا أن تقرير المجلس عبارة عن سرد “حكواتي” تغيب فيه الإحالات بشكل مطلق إذا استثنينا حالات معدودة على روؤس الأصابع.
كأمثلة من هذا التقدير، حيث لا تسعفنا المقالة للتطرق لكلها:
- الحديث عن المستشار البرلماني عن الفريق الكونفدرالي حيث تم ربط قضيته بالحق في التعبير والحق في الوصول للمعلومة، مثله مثل الصحفيين الأربعة معه (فقرة 91)، وهو أمر لا يستقيم لان السيد حيسان مشمول بحقوق المتعلقة بحماية المبلغين والشهود كما نصت على ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2005 في المادتين 32 و33 وهو ما أكد عليه قرار مؤتمر الاطراف سنة 2019 الوثيقة CAC/COSP/2019/11، الفقرات من 20 إلى 26.
- فيما يتعلق بالتقصي بشأن التعذيب لا نجد سند أي مقابلة مستندة على معايير اسطنبول، باستناء لغة انشائية تتعلق: استمعنا وعاينا ولم نجد آثار للتعذيب (وهو ما سوف نفصل فيه في اللاحق من المقال).
- رصد العمل البرلماني لم تتم الإشارة فيه لأهم وثيقة مرجعية في هذا المجال وهي إعلان مبادئ براغ المتعلقة بعلاقة المؤسسات الوطنية بالبرلمانات، ولم يتم اعتمادها كمؤشر لهذه العلاقة، باستناء الحديث عن عدد الأسئلة والمشاركة في ندوات وأنشطة مجلس المستشارين.
عدم الاقتراب من “طابو” الإدارة العامة للأمن الوطني
رغم أن اتفاقية مناهضة التعذيب والبرتوكول الملحق بها حدد مراكز سلب الحرية، ومنها السجون وأيضا مراكز الشرطة والدرك وغيرها، لم يتطرق التقرير نهائيا لأي زيارة لمراكز الشرطة حيث يقضي الموقوفين فترة الحراسة النظرية.
وتوقفنا على مركز الأمن نظرا لكون المجلس سجل في الفقرة 96 أن “حقوق المشتبه فيه أثناء الإيداع تحت تدابير الحراسة النظرية: يتظلم المشتبه فيهم عند الإيداع تحت تدابير الحراسة النظرية، بصفة عامة، من عدم توفر شروط نظافة الزنازين وعدم توفر العدد الكافي من المراحيض ونظافتها، وعدم تخصيص زنازين للنساء مجهزة بالمراحيض، منفصلة عن أماكن إيداع باقي السجناء، بالإضافة إلى التشكي من عدم تقديم وجبات الطعام”، وأوصى المجلس “تخصيص أماكن للحراسة النظرية تستجيب لمعايير النظافة والتهوية”.
في حين مثل هذه الادعاءات أو التظلمات تقتضي أن يقوم المجلس بزيارات لمخافر الشرطة وأيضا الدرك والاطلاع على الأوضاع بشكل مباشر، لكون هناك حالات اشتكت بسوء المعاملة داخل هذه المراكز، حتى وإن كانت مجرد زيارة واحدة شكلية فعلى المجلس إعمال القانون المنظم له وصلاحياته القانونية، فكما يقوم بزيارات اعتيادية للسجون، فعليه قانونا وأخلاقيا (ولو في إطار المجاملات) اختراق ذلك “العالم الملظم” المتعلق بمخافر الشرطة.
وللعلم فالمجلس الوطني منذ إحداثه في نسخته السابقة والحالية، أي منذ سنة 2011 الى غاية 2020، لم يزر ولو مرة واحدة أي مخفر من مخافر الشرطة ولا الدرك.
ختاما:
نتوقف عند هذا الحد فيما يتعلق بالملاحظات الشكلية والمنهجية، والانتقال إلى الملاحظات الموضوعاتية التي تهم الأفراد والقوانين والسياسات والممارسة الاتفاقية في الجزء الثاني من هذه المقالة.
تعليقات الزوار ( 0 )