تم أمس الإثنين بالرباط، تقديم مشروع تثمين موقع سجلماسة، من خلال إطلاق طلب دولي لإبداء الاهتمام بهدف تعزيز البحث الأثري والحفاظ على الموروث الثقافي وتثمينه.
ويهدف طلب إبداء الاهتمام، الذي يندرج في إطار التوجهات الإستراتيجية لوزارة الثقافة والشباب والرياضة -قطاع الثقافة-، إلى تنفيذ التوجيهات الملكية السامية، الداعية إلى الحفاظ على الهوية والتفرد الثقافي للمغرب والرأسمال التاريخي.
وفي كلمته بمناسبة هذا الحفل، أشار الكاتب العام لوزارة الثقافة، عبد الإله عفيفي، إلى أن هذه المبادرة المهمة حول موقع سجلماسة، الذي يكتسي طابعا “خاصا”، تهدف إلى تثمينه سواء على المستوى العلمي أو الأركيولوجي، وكذا تأهيله من أجل منحه المكانة التي يستحقها.
وحسب عفيفي، فقد كان موقع سجلماسة، الذي لا تخفى أهميته الأثرية على أحد، ملتقى طرق تجاري وجسرا يربط بين العديد من الحضارات، وخاصة الحضارات الإفريقية والشرقية.
وأضاف أن “هذا البرنامج المرموق للدعوة لإبداء الاهتمام الدولي يهدف إلى تثمين نتائج البحوث التي سيتم إجراؤها من خلال التعاون بين الأساتذة الباحثين المغاربة وجامعات أجنبية”.
من جهتها، أشارت سفيرة فرنسا بالرباط، السيدة هيلين لوغال، إلى أن المغرب وفرنسا يعملان سويا في مجال الحفريات الأثرية، ولاسيما من خلال مركز جاك بيرك، الذي يوجد مقره بالرباط، بالتعاون مع باحثين مغاربة.
وأكدت، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الاحتفال هو بمثابة “تجسيد لعدة سنوات من العمل الذي قام به علماء آثار ومؤرخون، من أجل تثمين هذا الموقع، ولاسيما من خلال اعتماد تقنية ثلاثية الأبعاد ستسمح للجمهور باكتشاف التاريخ العريق للمغرب كموقع التقاء بين أوروبا وأفريقيا”.
ومن جهته، أكد مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، السيد عبد الواحد بناصر، أن هذا الطلب لإبداء الاهتمام الدولي يهدف إلى الشروع في جيل جديد من مشاريع الحفريات الأثرية واسعة النطاق في موقع سجلماسة.
وقال إن “هذا الموقع يكتسي أهمية جوهرية لأنه يسمح بإعادة ترميم جزء من تاريخ المغرب من خلال معالمه الأثرية، وشكل في الماضي مسرح استكشافات قامت بها عدة فرق دولية”، مشيرا إلى أنه “حان الوقت لاستقطاب بنيات بحث دولية”.
وبعد أن اعتبر أن هذا الطلب لإبداء الاهتمام يعد سابقة على المستوى الوطني، أوضح بناصر أنه تم تحديد خمسة قطاعات مؤهلة ليكون كل منها موضوع مشروع بحثي منفصل، بالإضافة إلى مشروع سادس يمكن تطويره على مستوى قلعة جبل المدور (حوالي 15 كلم غرب موقع سجلماسة الأثري).
وفي السياق ذاته، أكد مدير التراث الثقافي بوزارة الثقافة، يوسف خيارة، أن هذا الطلب لإبداء الاهتمام أطلق في إطار التعاون الدولي، من أجل إعادة إطلاق برامج الحفريات الأثرية في موقع رئيسي من تاريخ المغرب.
ويتعلق الأمر أيضا بالنهوض بموقع سجلماسة حتى يتمكن من استقبال الزوار بمجرد الانتهاء من الحفريات الأثرية، وتثبيت كافة التعديلات، بالإضافة إلى إنشاء البنى التحتية التي تتيح التعريف بهذا الإرث المرموق، وكذا دمجه في استراتيجيات التنمية الاقتصادية المحلية والجهوية، تماشيا مع مقترحات النموذج التنموي الجديد.
وتميز حفل تقديم برنامج تثمين موقع سجلماسة بحضور عدد من مسؤولي وزارة الثقافة والشباب والرياضة، ودبلوماسيين وباحثين بارزين وأساتذة وطلبة صف الدكتوراه.
ومنذ تأسيسها في القرن الثامن، صارت سجلماسة مدينة تجارية شهيرة، بلغ إشعاعها إلى أقصى البقاع في العالم الإسلامي خلال القرون الوسطى، وكذلك إلى سواحل أوروبا المسيحية اللاتينية وكذلك اليهودية.
واكتسبت هذه الشهرة من موقعها الجيو-اقتصادي المتناقض، فهي مدينة تقع في أقصى الغرب من العالم الإسلامي، على حدود الصحراء الكبرى، وفي الوقت ذاته على حافة الجسر العابر للصحراء، كنقطة انطلاق ووصول القوافل التي كانت تتعامل مع مملكتي الساحل في غانا ومالي، قبل تراجعها ابتداء من نهاية القرن الرابع عشر الميلادي.
تعليقات الزوار ( 0 )