فتحت مجموعة من الفعاليات المدنية بإقليم الحسيمة، نقاشات واسعة بخصوص مشروع قانون تقنين زراعة “القنّب الهندي”، الذي شرعت الحكومة في دراسته، ومن المنتظر أن تصادق عليه في مجلسها المقبل، وما إن كان من شأن الخطوة أن تُفيد المزارعين الصغار، أو أنها ستكون مضرّةً لهم، خصوصاً بعد نشر تفاصيل المشروع الذي تقدم به وزير الداخلية.
وناقش فاعلون جمعويون من منطقة صنهاجة اسراير، التي تعتبر مركز زراعة القنب الهندي في المغرب، تفاصيل المشروع الذي عقّد من إجراءات الحصول على ترخيص لمشاتل “الكيف”، إلى جانب وضعِ ثمن محدّد للنبتة، بدل ترك الوضع مرهوناً بالسوق وحجم العرض والطلب، كما كان عليه الأمر سابقاً، إضافة إلى المنع الكليّ لأي استعمالات غير مشروعة للقنب الهندي.
وأجمع الفاعلون الجمعويون على أن مشروع قانون تقنين زراعة القنّب الهندي، بصيغته الحالية، لا يخدم مصلحة المزارعين الصغار القاطنين في المناطق التي ينتشر فيها هذا النوع من الزراعة، لأنه لم يراع العديد من الاعتبارات، وهو ما أرجعوه إلى غياب النقاش مع المعنيين بالأمر، قبل اقتراح المشروع، الذي وصف بأنه “نزل من السماء فجأة”.
وفي هذا السّياق، قال شريف أدرداك، رئيس جمعية أمازيغ صنهاجة الريف، في بثّ مباشر على صفحة نائبه في الجمعية إلياس أعراب، خُصّص لنقاش مشروع تقنين زراعة “الكيف”، إنه قبل الحديث عن التقنين، لابد من تنظيم هذه الزراعة، للحفاظ على المجال البيئي، والإنسان، فيما يسمى بـ”بلاد الكيف”، مع تحديد المناطق المعنية لخلق وكالة تنمية خاصّة بها.
وأضاف أدرداك بأن أو ما يجب أن تفعله الدولة، “هو فكّ العزلة عن المنطقة، بداية بتشييد الطرقات، لأنه لا تنمية بدون طريق، ولما لا إنشاء طريق سيار، ومطار أيضا في إساكن”، مع ضرورة جبر الضرر الاجتماعي الذي تعرض له الساكنة التي تقطن في الجبال، والتي استغلت من طرف مافيا الحشيش، واضطرت لمواجهة السلطات.
وشدد الفاعل الجمعوي نفسه، على أن مشروع تقنين زراعة القنب الهندي، بالصيغة الحالية، هو “مفروض من وزارة الداخلية، وجاء ليحمل المزارع البسيط من يدي بارونات المخدرات ويبيعه جملة للشركات الأجنبية”، مستطرداً: “حتى وإن كنا لا نتفق مع صيغة الداخلية والأحزاب، لكنهما على العموم قدما شيئاً”، عكس الساكنة والفعاليات المدنية، التي تلتزم الصمت ولم تُصدر أي ردّ فعل.
وعكس التفاؤل الذي أبداه البعض بعد إعلان الحكومة مناقشتها لمشروع تقنين زراعة “القنب الهندي”، أعرب مجموعة من الفاعلين الجمعويين بالمنطقة، عن تخوفهم من المشروع، بعد اطلاعهم على تفاصيله، من بيهم إلياس أعراب، نائب رئيس جمعية أمازيغ صنهاجة الريف، الذي تحدث عن طبيعة زراعة “الكيف” في المنطقة، التي يصعب تطبيق القانون الجديد فيها.
وعرج أعراب في حديثه خلال البثّ المباشر على عرضه على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، على عددٍ من النقط التي جاء بها المشروع، من بينها التوفر على ملكية للأراضي، أو تفويض من صاحبها، أن الحصول على رخصة من السلطة المحلية لاستغلالها في زراعة القنّب، وهو ما اعتبره أمراً صعباً بسبب كون الأراضي المزروعة متفرقة، حيث تجد “مترين هنا، ومترين هنا”.
وتساءل نشطاء صنهاجة، عن الضامن لعدم بحث الشركات الأجنبية التي من شأنها الاستثمار في المنطقة، عن مزيد من الأرباح، بسبب ضآلة المساحات المزروعة، وبحثها عن نقل الزراعة إلى مناطق في جهات أخرى بالمغرب، وهو ما من شأنه الإضرار بالأقاليم التي تشهد انتشارا لحقول “الكيف”، بسبب غياب أي بديل اقتصادي آخر في المتناول.
وأشار النشطاء إلى أن الشركات التي سيكون همها الوحيد هو تحقيق أكبر ربح من الأمر، ستبحث حتماً عن مناطق إضافية لتوفير النبتة، مستفسرين عن الضامن الذي يمكن أن يطمئن الساكنة بأن الشركات، لن تغير الوجهة، وتكتفي بشراء المحاصيل على الفلاحين في مناطق أخرى، وتستغني عن الأقاليم التي تعرف زراعة الكيف، بسبب بُعد المناطق وغياب البنية التحتية اللازمة.
يشار إلى أن الحكومة شرعت، أمس الخميس، في دراسة مشروع تقنين زراعة القنب الهندي، للأغراض المشروعة، على أن يتم استكمال المناقشة والدراسة خلال المجلس الحكوميّ الأسبوع المقبل، وتجري المصادقة على المشروع، الذي يراه البعض بديلاً اقتصادياً مهمّاً لمنطقة الشمال، فيما يعتبره آخرون، تأزيماً للوضعية الراهنة، خصوصاً بعد تغاضيه عن مصير الموقوفين على خلفية الزراعة.
تعليقات الزوار ( 0 )