في الوقت الذي ما يزال فيه المحامون بمختلف المدن المغربية، يواصلون تنديدهم بالقرار القاضي بإجبارية الإدلاء بجواز التلقيح لولوج المحاكم، وفي الحين الذي استبعد فيه وهبي، وزير العدل، وجود نية في التراجع عن هذا القرار، تقف مصالح المتقاضين في المنتصف، مُهددة بأن تصير ضحية لهذا التعنت المتبادل.
وقد أدى منع أصحاب البذل السوداء من الولوج لردهات المحاكم، ومباشرة مهامهم الاعتيادية، إلى تأجيل عدد كبير من الجلسات، الأمر الذي كان له وقع سلبي على مصالح المواطنين والمواطنات.
كما ولكون أن هناك ملفات عديدة لا يمكن البت فيها إلا بحضور هيئة الدفاع، ثار سخط عارم بين المتقاضين، الذين عبروا عن عدم رضاهم بالوضعية التي فُرضت عليهم، مُعتبرين أنفسهم الخاسر الأكبر من هذا الجدال.
ودفع ضياع مصالح المتقاضين هذا، هيئات حقوقية وسياسية إلى إصدار بيانات تنديدية وتقديم أسئلة كتابية بقبة البرلمان، كان من بينها بيان استنكاري لأحد فروع الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، وسؤال كتابي من فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب.
ومما زاد من طين أزمة المتقاضين ومصالحهم بلة، وفق عدد من المتتبعين، هو أن الأزمة الحاصلة حاليا بين شريحة المحامين وأصحاب القرار الثلاثي المشترك، تبدو بعيدة عن الأفول، أقله في الأمد القريب.
فمن جانب، هناك لغة الجزم التي استخدمها وزير العدل في تصريحه الأخير، والذي قال ردا على إحاطة تقدم بها فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، أنه وزير مسؤول عن حسن تطبيق القانون، ولا يمكن له التراجع عن قانون أقرته الحكومة وصادق عليه البرلمان، والمتعلق بالاحترازات الوقائية.
وتابع وهبي في التصريح ذاته “يمكن للمحامين أن يطلبوا أي شيء، إلا أن يطلبوا مني عدم تطبيق القانون، لأننا إن لم نطبق القانون ستتفكك الدولة”.
أما في الجانب الآخر، هناك احتجاجات المحامين، التي مازالت متواصلة للأسبوع الثاني على التوالي، من أجل المطالبة بإسقاط المذكرة الثلاثية التي أصدرتها وزارة العدل، مع كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة.
ولم يتم تقديم إشارات من أصحاب البذلة السوداء، بخصوص إمكانية قبول ما جاء بالمذكرة الثلاثية، أو أقله تقديم بعض التنازلات، بما يخدم مصلحة المتقاضين، حيث أكدت في هذا الصدد، “جمعية هيئات المحامين بالمغرب” تشبثها “بمبدإ استقلالية المحاماة.
وأكدت الجمعية في بلاغ سابق لها أن المؤسسات المهنية هي صاحبة الاختصاص في تدبير شؤون المحاميات والمحامين، بما في ذلك ضمان وتأمين الولوج إلى المحاكم وبما لا يتعارض مع الأمن الصحي”.
كما تشبثت أيضا بمواقفها المعبر عنها سابقا بشأن الجواز الصحي، معبرة عن استعدادها الكامل للدفاع عنها بجميع الوسائل القانونية التي يكفلها التشريع المغربي، الأمر الذي يُنذر بأزمة طويلة بين الطرفين، بالقدر الذي صار من الصعب التكهن بموعد حلحلتها.
تعليقات الزوار ( 0 )