Share
  • Link copied

تعليم عن بعد أم تعليم بالمراسلة؟

لقد تعرض قطاع التعليم كباقي القطاعات الأخرى لصدمة كورونا، فتمخضت ردود الأفعال عن نهج و تبني مقاربة التعليم عن بعد، إلا أنه يجب التأكيد على أن مفهوم التعليم عن بعد هو تحقيق الكفايات المتوخاة، وذلك رغم تباعد رأسين من رؤوس المثلث الديداكتيكي، وهما : الأستاذ و التلميذ، أي تباعد مادي و جسدي، دون كسر رابطة أساسية في التعليم الحديث و هي التواصل البيداغوجي و المبني أساسا على نقاط أهمها :-المتعلم هو باني  المعرفة بالتفاعل مع الأستاذ الموجه و المنشط.-الحوار داخل الفصل بين الأستاذ و التلاميذ ، وبين التلاميذ فيما بينهم ، أي تعليم المعلم و تعليم القرين.-التقويم الآني و السريع للمعارف  أثناء بناء الدرس ، للانتقال من المعرفة اللاشعورية إلى تحقيق المعرفة الشعورية.-تنويع طرائق الإفهام بناء على المقاربة الفارقية.-الأستاذ يراعي البعد النفسي لكل تلميذ(الانعزالي،الخجول،المتردد….) ، و بالتالي فهو ينهج طرائق عدة لإشراك الجميع و إثارة زوبعة فكرية بناءة.و لا نغفل عن أهمية الجانب السوسيو سيكو تربوي في تنمية شخصية المتعلم المنفتح على الآخر ، و تيسير اكتسابه للنسيج اللغوي ، و هذا من أهداف الرؤية الإستراتيجية. كما أن التواصل له أهمية كبرى في تبسيط الاستيعاب لدى المتعلم ، و أي عائق فهو يحول دون ذلك.الفصل مجتمع صغير ضمن الحياة المدرسية، تحكمه دينامية و علاقات متبادلة بين كل مكوناته ، ومنه ينطلق المتعلم إلى مدرسة الحياة.

ولكي يكون التعليم عن بعد ناجعا،  فلا مفر من هذا البعد الجوهري، ولهذا يتم تسخير كل الموارد الرقمية والمساحات التواصلية الافتراضية، حيث يكون الأستاذ في تقابل مباشر و حي بمتعلميه،  صوتا و صورة، في فصل يدنو ظرفيا من الحقيقي، يتفاعل فيه الكل في وقت واحد و حول موضوع مشترك، يسوده الحوار و النقاش.و بغياب التواصل نكون أمام تعليم بالمراسلة،  و الذي يقوم على إرسال دروس مصورة جاهزة إلى بيت التلميذ بواسطة التلفاز أو الإنترنت،  مما يبعدنا عن التعليم العصري و يعيدنا إلى طريقة الإلقاء و حشو المعارف،  ناهيك عن انعدام هذه الأجهزة عند بعض الأسر و خصوصا في المناطق القروية النائية، و عامل اللغة الذي يزيد الأمر سوءا،  و في ذلك هضم للمساواة و تكافؤ الفرص.و قد تتعالى بعض الأصوات الداعية إلى اعتماد التعليم الأسري للشد على عضد هذه المبادرة متناسية أن معظم الأسر المغربية تسودها الأمية،  و لن تقوم بالدور المنتظر، كما ان الطفل في هذه الظرفية القاسية يتعرض لتوترات نفسية قاسية لأنه حرم من اللعب و مخالطة الأصدقاء،  مما يجعل العملية أكثر تعقيدا.إننا نثمن كل المجهودات التي تبذلها الوزارة و الأطر التربوية لامتصاص صدمة الألفية، و لا نبخس من جهدهم شيئا ، ولكن البوح بواقع التعليم ضرورة لتقييم الوضع التربوي في البلاد، و لتصويب  رؤية المسؤولين نحو أهمية المدرس . فلن يخلفه في واجبه شيء مهما عظم شأنه.

*أستاذ التعليم الابتدائي، طالب دكتوراه تخصص تدريسية اللغة العربية، كلية علوم التربية، الرباط

Share
  • Link copied
المقال التالي