من عادة الخطاب الملكي لثورة الملك والشعب، أن يأخذ أبعادا إقليمية أو دولية، ومن العادة أن تتعدد المحاور والقضايا ضمن ترابط سياسي اقتصادي اجتماعي، غير أن خطاب ثورة الملك والشعب لسنة 2020، تناول موضوعا فريدا متفردا حول كورونا أو كوفيد 19، وذلك لأربعة أسباب قوية وموضوعية:
أولها تراجع المواطنين والمواطنات بشكل مخيف على مستوى انضباطهم والتزامهم بقواعد الوقاية، بل أشار الخطاب الملكي إلى مجموعة من المشككين أي المكذبين بوجود الوباء، ونادى الخطاب فيهم عواقب هذا القول، بأضرارهم بالمجتمع وأقرب الناس إليهم.
ثانيا وصول إمكانات الدولة في تقديم المساعدات المالية إلى سقفها، فلم يعد هناك إمكانية تقديم مساعدة عينية، بل أشار الخطاب إلى أن الدولة تجاوزت قدراتها وإمكاناتها، في هذا المجال، وبالتالي فإن باب المساعدات أصبح مغلقا، أو شبه منتهي.
ثالثا، أن الاقتصاد الوطني قد وصل وضعا صعبا، لا يمكن تعطيله، وفي حالة انتشار الوباء، فإن قطاع الصحة وصل إلى حدود قدراته وإمكاناته، ولا يمكن أن نغامر به إلى وضع كارثي، يتطلب ربما عشر سنوات لوضعه على سكة صحيحة.
رابعا، سيناريو العودة إلى الحجر الصحي الشامل، أي أمر قاهر للانقاذ الأرواح وتوقيف الانهيار الكلي.
إن هذا الخطاب وضع المغاربة أمام المسؤولية الجماعية، وتصويب الفكرة الخاطئة التي تعتقد أن الدولة قادرة لوحدها في تدبير آثار الجائحة، لقد جاء الخطاب صريحا وواضحا، مفاده أن كل مؤسسات الدولة المرتبطة بالوباء من صحة وأمن وإدارات ترابية، قد وصلت حد الإشباع أي لم تعد قادرة على تدبير التهور والفوضى. إن زمن المعجزات قد انتهى، وأصبح المغاربة أمام خيارين، الذهاب بالسرعة القصوى للوصول إلى حافة مجهولة لا قدر الله، وهو حتما نتيجة اللامبالاة والامسؤولية، وإما أن تستدعي روح ثورة الملك والشعب واعتماد ذكاء جماعي مسؤول، للعبور من هذه المحنة وساعة العسر، وفي التاريخ دروس وعبر يستفاد منها.
- أستاذ التعليم العالي بفاس
تعليقات الزوار ( 0 )