شارك المقال
  • تم النسخ

تصريحات هلال تفرّق المغاربة بين مؤيد لدعم “الانفصال” ورافضٍ للمعاملة بـ”المثل”

بالرغم من أن موقف المغرب من الانفصال، الذي عبّر عنه في أكثر من مناسبة، رافض لهذه الحركات، بغضّ النظر عن هويتها، إلا أن عمر هلال، السفير الممثل الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، خرج عن المألوف في رده على التصريحات العدائية التي أدلى بها وزير الخارجية الجزائري الجديد رمطان لعمامرة، حين قال إن “الشعب القبائلي يستحق تقرير المصير”.

وأوضح هلال، خلال ردّه على ما صدر عن لعمامرة، في اجتماع حركة عدم الانحياز، الذي عقد افتراضيا يومي 13 و14 يوليوز الجاري، أن حق الشعوب في تقرير المصير، الذي “تقف الجزائر كمدافع قوي عنه”، “ليس مبدأ مزاجيا”، مضيفاً: “ولهذا السبب يستحق شعب القبائل الشجاع، أكثر من أي شعب آخر، التمتع الكامل بحق تقرير المصير”.

تصريح هلال، الذي لم يتكرر على المستوى الرسمي منذ قرابة الـ 6 سنوات، قسّم المغاربة إلى مدافعين عن توجه المغرب إلى التعامل بنفس أسلوب تعامل الجزائر، ودعمه لحق الشعب القبائلي في تقرير مصيره، وبناء دولة مستقلة عن الجارة الشرقية، وبين رافض لهذا الأمر، ومطالب بأن تبقى المملكة على مبدئها الراسخ، المتعلق برفض الانفصال وحركاته بغض النظر عن هويتها والدولة المتضررة منها.

واختار مجموعة من المغاربة، على رأسهم نشطاء اليمين القومي والصفحات الممثلة لهذا التيار على مواقع التواصل الاجتماعي، الوقوف إلى جانب الطرح الجديد الذي عبر عنه هلال، مشددةً على أن النظام الجزائري يجب أن يتم التعامل معه بمثل ما يتعامل به مع المملكة، ومشيدين بدعم المغرب للشعب القبائلي من أجل أن “ينال استقلاله من الاحتلال الجزائري”.

ومقابل ذلك، اعتبر عدد كبير من الصحافيين والأكاديميين والحقوقيين أن تصريح هلال، لم يكن موفقاً، مطالبين باستمرار الدبلوماسية المغربية في خطها المرسوم منذ زمن، والذي يتخذ من رفضه للانفصال وحركاته موقفا ثابتا لا يتغير بمرور السنوات، ولا بهوية الدولة التي تشهد ظهور هذه التنظيمات، وهو ما أكده في عدة مرات سواء مع انفصاليي الجزائر، إسبانيا، مالي، صربيا، الصين أو غيرها.

الصحافي يونس مسكين، اعتبر أن تصريح هلال، تصرف خاطئ، “ومخالف لما توافق عليه المغاربة من قيم ومبادئ”، مضيفاً: “أنا كمغربي أعتبر أن هذا الموقف لا يمثلني ولا شرفني وأطالب بتصحيح الموقف وإقالة هذا الموظف !”، متسائلاً: “ما الذي أصاب الدبلوماسية المغربية حتى أصبحت بهذه الخفة؟”.

وأضاف مسكين في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “كيف يعقل أن تردد منذ عقود أن الوحدة الترابية للدول من ثوابتك الراسخة، وتوظف ذلك في علاقاتك مع الصين في قضية تايوان ومع إسبانيا في قضية كطالونيا بل وحتى مع صربيا وما أدراك ما صربيا، ثم تأتي اليوم وتقدم على هذا الخروج الأحول؟”.

وتابع: “هل يعي من قرر القيام بهذا الانحراف أنه بمثابة إطلاق النار على القدمين معا، فمن جهة يضرب مثل هذا الخطاب من الأصل خطابنا حول قضية الصحراء، ومن جهة أخرى يعطي الذريعة لمن يستهدفون البلاد بتحريك ورقة المناطقية والعرقية، وما أكثر مناطق المغرب المتسمة بخصوصيات ثقافية شبيهة بمنطقة القبايل!”.

وشدد مسكين على أنه “لا يمكن أن تواجه الباطل بالباطل، ومن صنعوا قضية الصحراء هم أصحاب باطل ولا يمكن أن نواجههم بغير الحق الذي تمسكنا به طيلة عقود، وليس بمسايرة أعداء شعوب المنطقة من بقايا الاستعمار الذين يسعون إلى مزيد من التفرقة والنزاع!”، مردفاً: “لقد نكل الاستعمار بالجزائر ما يكفي، ونظامها الحالي هو من تبعات هذا التنكيل”.

ونبه إلى أنه “لا يمكن أن نصبح نحن أيضا في آخر الزمان من أدوات هذا التنكيل بعدما ضحى أجدادنا بأمنهم ومصالحهم من أجل مساعدة الجزائريين في مقاومة هاذ الاستهداف الخارجي… لا يمكن أن نأتي اليوم ونوجه سلاحنا الدبلوماسي نحو حقوق ومصالح الشعب الجزائري ونضرب وحدته واستقراره الداخلي”، مختتماً: “معركتنا مع نظام فاسد وحامل لأجندة استعمارية فلا داعي لأن نخطئ الهدف”.

ومن جانبه، استغرب نوفل البعمري، المحامي والباحث في ملف الصحراء المغربية من تصريح هلال، معتبراً أنه مفاجئ، “على الأقل لي كمتابع لعمل الدبلوماسية المغربية خاصة الرسمية منها، ودائما ما اعتبرتها دبلوماسية مبادرة، قوية”، مردفاً: “لا أعتبر هذا التصريح أو الموقف موفقاً، ولا أعتبر أنه يعبر عن توجهات الدبلوماسية المغربية بالخط الاستراتيجي الذي رسمه الملك”.

ونبه إلى أن المغرب “ظل يعتبر الشعب الجزائري شعبا صديقا، وغير معني بكل العداواة التي يبديها النظام الجزائري”، متابعاً: “المغرب رسميا وشعبيا، يميز بين العسكر وتحركاته وبين تحركات الشعب الجزائري لطالما استشهدنا بالحراك الجزائري الذي لم يرفع أية مطالب داعمة للبوليساريو، ولا للانفصال بل خرجت أصوات داخله رافضة الصراع مع المغرب”.

وزاد أن”القبايل كانت جزءا من هذا الحراك و لم تبد أي نزوح نحو دعم العسكر ولادعم البوليساريو”، قبل أن يتابع: “المغرب في خطابه المعتمد يستند على وحدة الشعوب، شعوب المنطقة ككل وليس المغرب فقط، ولا يمكن أن يكون مع وحدة شمال أفريقيا ومع وحدة أفريقيا، ويكون مع تقسيم الجزائر!!”.

وواصل البعمري، أن “الخطاب الانفصالي داخل الجزائر هو خطاب معزول، مثله مثل خطاب الانفصال بالأقاليم الصحراوية الجنوبية”، متابعاً: “المغرب في عز الحراك الجزائري أعلن رسميا عن عدم تدخله في الشأن الداخلي، وقام بعدة مبادرات في هذا الإطار منها الغاؤه لبرنامج حواري كان سيناقش الحراك”.

وأشار إلى أن “المغرب لا يمكن أن تكون ردود فعله بدعم تقرير المصير في الجزائر، قد نبدي تناقض خطابها، لكن لا يمكن تبنيه”، منبهاً إلى أن “النظام العسكري الجزائري لم يكن يوما نموذجا يُحتذى به حتى نعامله بالمثل، لأننا بذلك سنعطيه الفرصة لإقناع الشعب الجزائري بصواب عداءه للمغرب، وسنزكي البعبع: العداوة مع المغرب. الذي يخيف به الشعب الجزائري”.

وذكر أن “المغرب انتصر في ملف الصحراء بخطابه الأخلاقي، وبمواقفه الثابتة وطروحاته المنسجمة مع الديموقراطية ووحدة الشعوب، هذا الخطاب الأخلاقي هو الذي جعل العالم يميز بيننا وبين العسكر، وينتصر لنا، ولا يمكن أن نستعمل نفس الخطاب الجزائري للرد عليهم”، مسترسلاً: “العسكر اليوم معزول سياسيا، داخليا وخارجيا ولا يمكن أن نعطيه الفرصة ليفُك عزلته”.

وأبرز أن “حركة الماك الانفصالية لا امتداد جزائري لها، ولا دعم داخلي لها، بالمنطق البرغماتي الصرف لا يمكن وضع المغرب ومصالحه وصورته في يد حركة لا امتداد لها داخلي”، مردفاً: “الموقف السليم، هو دعم وحدة الشعب الجزائري والاستمرار في الرهان عليه، وفي الرهان على المستقبل، وليس في تبني خطاب قد يكون انفعاليا وغير مدروس”.

الرد على العسكر، يتابع البعمري، “يجب أن يكون بالمزيد من التحرك الذي يقوم به المغرب،بفتح القنصليات،بتنويع الشراكات، بفتح الصحراء أمام العالم و دوله، و ليس برد فعل عاطفي، انفعالي لا يتلائم مع كل التراكم الذي حققه المغرب”، مختتماً: “عداءنا مع النظام الجزائري العسكري وليس الشعب الجزائري”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي