وجهت منظمة الشفافية الدولية (Transparency Maroc)، انتقادات كثيرة لاستراتيجية المغرب لمواجهة الفساد في ظل تفشي جائحة “كورونا”، مُسجلا بذلك 40 نقطة من أصل 100 في مؤشر مدركات الفساد لسنة 2020.
وقالت منظمة الشفافية الدولية في تقريرها السنوي، الصادر يوم أمس (الجمعة)، إنّ المغرب فشل في إحراز تقدم ضد الفساد المنهجي في القطاع العام، حيث عرت جائحة “كورونا” عن الهشاشة الاقتصادية الشديدة في البلاد، مما أدى إلى تخفيف تحديات الحوكمة.
وأوضحت المنظمة، أنه لمكافحة تفشي الجائحة، فرض المغرب حالة الطوارئ في 20 مارس 2020، مما أدى إلى فرض قيود على الحركة، نظير حظر التجول، وإغلاق الحدود الوطنية، مما ساهم في تفاقم الضعف الاقتصادي للمغرب بسبب تراجع السياحة والتحويلات والصادرات الزراعية.
وانكمش الناتج الاقتصادي بنسبة 13.8 في المائة، مما أدى إلى نقص في الإيرادات الضريبية، الشيء الذي أدى إلى زيادة عجز الميزانية، كما ارتفع معدل الفقر في المغرب من 17.1 في المائة سنة 2019 إلى 19.8 في المائة سنة 2020.
وكشف تقرير المنظمة، عن ارتفاع معدل البطالة من 8.1 في المائة إلى 12.3 في المائة، أي أن ثلث العائلات المغربية فقدت مصدر دخلها الرئيسي بسبب إجراءات الحجر الصحي المفروضة.
وأضاف المصدر ذاته، أن درجة مؤشر أسعار المستهلكين التي تقل عن المتوسط في المغرب، تشهد باستمرار على مستوى فادح ومنهجي من الفساد أدى إلى إهمال الخدمات الاجتماعية، وزاد من هشاشة سبل العيش ومن حدة تأثير الفقر المتزايد.
كما عززت حالة الطوارئ السلطة الحاكمة للسلطة التنفيذية، التي فشلت في إشراك البرلمان في عمليات صنع القرار، مما أثار نقاشات وانتقادات، وفي الوقت نفسه بدأت الشرطة في استخدام تطبيق على الهاتف المحمول لجمع البيانات حول تحركات المواطنين خلال حالة الطوارئ الصحية العامة، وشكك المنتقدون في إمكانية إساءة استخدام التطبيق لرصد المعارضة في البلاد.
على صعيد آخر، أوضح التقرير، أن عملية منح العقود العامة المشبوهة استمرت خلال الأزمة، كما سمح المغرب بإجراءات شراء تفتقر إلى الرقابة وسمحت بإعفاءات خاصة لم تخضع الحكومة للمساءلة عنها، وتم منح المسؤولين الذين يأذنون بالدفع من المؤسسات العامة غطاءً قانونيًا للانتهاكات.
وأضاف تقرير المنظمة، أنّ هذه الاستثناءات تمتد إلى مجالات خارج نطاق الرعاية الصحية وتشكل خطرا كبيرا من سوء إدارة الأموال والفساد، حيث تم تحويل السلطة العامة بجميع أنواعها إلى مال أثناء الوباء، حتى من خلال الابتزاز الصريح.
وأبرز التقرير ذاته، أنه باستثناء “الكلمات الفارغة”، لم تكن هناك إشارات إيجابية للإرادة السياسية لمحاربة الفساد بشكل فعال، ولم يتم تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، التي تمت الموافقة عليها في 28 دجنبر 2015 بشكل جدي، كما لم يتم إحراز تقدم ملموس على مستوى تنفيذ متطلباتها.
وقد اجتمعت اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد التي من المفترض أن تقود هذا البرنامج مرتين فقط منذ إنشائها في عام 2017. كما أن هناك محاولات لتقويض أسس قانون إنشاء اللجنة وتقليص قدرتها على التحقيق وإلغاء الضمانات الخاصة بها، يردف المصدر ذاته.
كما تم تهديد حقوق أولئك الذين يحاسبون عمل الحكومة، حيث تم اعتقال وسجن صحفيين معروفين بانتقادهم للسلطات العامة أو تحقيقاتهم المحرجة في قضايا انعدام الشفافية، ليحتل بذلك المغرب المرتبة 133 من أصل 180 دولة على المؤشر العالمي لحرية الصحافة في عام 2020، مع سجن الصحفيين والمضايقات القضائية لوسائل الإعلام التي أبرزها التقرير.
وبحسب منظمة العفو الدولية، تمت محاكمة 91 ألف مغربي لخرقهم قوانين الطوارئ الصحية الجديدة، وسُجن خمسة من نشطاء حقوق الإنسان وصحفيين مواطنين بتهمة “إهانة المؤسسات العامة” أو “نشر معلومات كاذبة”، ولا عجب أن وصفت منظمات حقوق الإنسان المغربية حالة الطوارئ بأنها انتكاسة لحقوق الإنسان، وفق تعبير المنظمة.
وقالت المنظمة، إنه لمكافحة الفساد المستشري في المغرب، يتطلب ذلك تعزيز الإجراءات الفعالة لمكافحة الفساد، وهذا الأمر يفترض وجود إرادة سياسية حقيقية لإقرار مجموعة من التدابير الأساسية، من بينها تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وحماية اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد من التهديدات لولايتها واستقلاليتها.
كما اقترحت منظمة الشفافية الدولية، اعتماد وتنفيذ قانون بشأن تضارب المصالح، وتفعيل القانون لضمان الحماية الفعالة للشهود والمبلغين، وتعديل القوانين المتعلقة بالإقرار بالممتلكات وتنفيذها ومراقبة نزاهة واستقلالية الوكالات التي لديها آليات التحقيق.
تعليقات الزوار ( 0 )