شارك المقال
  • تم النسخ

تحليل: مؤتمر ميونيخ للأمن يؤشر على ملامح نظام دولي جديد قادم!

تدل النقاشات التي  جرت داخل مؤتمر الأمن في  ميونيخ  لسنة 2020 على أن نظاما دوليا جديدا يوجد في طور الولادة، وأن الدول الكبرى بصدد إعادة بناء استراتيجيات جديدة في العلاقات الدولية، فالمؤتمر لم يعد فضاء للمجاملات السياسية، وإنما فضاء  لخلافات كبيرة بين الولايات المتحدة وأوروبا في تقييم النظام الدولي  لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية،

ونظرة الامريكيين للأمن العالمي باتت مختلفة عن الأوروبين، حيث أنتقذ الرئيس الألماني سياسية الولايات المتحدة، مبرزا أنها تزيد من درجة المخاطر في النظام الدولي، ليؤيده بعد ذلك الرئيس الفرنسي الذي دعا الى صياغة سياسة دفاعية أوروبية بعيدة عن الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو.

وأوضح الرئيس الفرنسي أن العلاقات مع روسيا يجب أن تكون محكومة برؤية أوروبية وليس امريكية، لذلك يري العديد من الملاحظين أن الأمر يتعلق بخلاف كبير حول النظام الدولي بين الأمريكيين والأوروبيين، ويصعد إلى الواجهة الرأي الأمريكي القائل بأن النظام الحالي هو نظام وستفاليا الأوروبي لم تشارك في صياغته الولايات المتحدة الامريكية، مما يعني أن ملامح نظام عالمي جديد باتت تظهر تدريجيا.

وتزداد قوة هذه الفرضية مع تحديد الولايات المتحدة الأمريكية لأولويات تبدو بعيدة عن أوروبا، حيث اعتبر الامريكيون في تصنيفهم للأعداء في النظام الدولي أن العدو الاؤل للأمريكا هو الصين، نتيجة الصراع التجاري والصراع حول الذكاء الاقتصادي الجاري، لذلك يبدو أن إعادة ترتيب الولايات المتحدة لأولوياتها وبداية ابتعاد الأوروبيين تجعل الحلف الأطلسي مهددا بظهور فكرة بناء قوة أوروبية.

ويزداد عمق هذا الخلاف الأوروبي الأمريكي الذي تقوده فرنسا ببداية تقارب كبير بين الأمريكيين والأتراك، فاردوغان بات الورقة التي تعتمدها الولايات المتحدة في مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وداخل المعادلة المتوسطية، وهي الورقة التي يرفضها الفرنسيون ويعمدون إلى مزيد من إعلان بداية فك الارتباط بين الأوروبيين والأمريكيين.

وقد كانت رسالة الولايات المتحدة واضحة لما غاب الأمريكيون عن لقاء مجموعة متابعة لقاء برلين حول ليبيا التي انعقدت على هامش مؤتمر ميونيخ، وهذا الغياب ايعد مؤشرا على أن الولايات المتحدة الأمريكية تعود إلى ليبيا وقد تكون بأجندة مختلفة عن فرنسا وروسيا، الدولة الروسية التي حاول وزير خارجيتها سيرغي لافروف تعميق الخلاف أكثر بين الأوروبيين والأمريكيين بإشارته الى أن مايجري في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يهدد أمن أوروبا .

*رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي