بعد أن صارت الصورة واضحة بخصوص رئيس الحكومة القادم، باستقبال ملكي لعزيز أخنوش وتعيينه رئيسا للحكومة ومكلفا بتشكيلها، مازل الغموض يلف مصير حزب الأصالة والمعاصرة، أسيختار وضع اليد في يد التجمع الوطني للأحرار، أم أنه سيختار الركون للمعارضة؟
ويرى عدد من المحللين السياسيين أنه بالرغم من المؤشرات العديدة التي تجعل البام أقرب للمعارضة منه للأغلبية التي ستشكل الحكومة، كالعلاقة المتوترة التي ترجمها عدد من الخرجات الإعلامية لقياديي كلا الحزبين، إلا أن الجزم بهذا الأمر صعب خاصة واحتمالية بزوغ رغبة حزب الجرار في الظفر بحقائب وزارية، مشفوعا بعدد المقاعد البرلمانية التي حققها.
الدكتور عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، اعتبر أن القيام بتحليل سياسي للسلوكيات التي جرت، وكذا لمتطلبات الحفاظ على التوازنات السياسية، تقتضي أن يكون حزب الأصالة والمعاصرة في المعارضة.
وقدم الدكتور اسليمي ستة أسباب تؤيد هذا الطرح، أولها أن المسافة بين التجمع والبام باتت بعيدة منذ صعود أخنوش لقيادة الأحرار، وازدادت مع تسلم وهبي للأمانة العامة للأصالة والمعاصرة، وأن التيار الذي كان في التجمع وله علاقة بالبام مثل رشيد الطالبي العلمي لن يستطيع الدفاع عن دخول حزب الجرار للحكومة، لأن المناخ في الأحرار لم يعد هو نفسه في مرحلة قيادة صلاح الدين مزوار.
وأضاف اسليمي كسبب ثاني، ” إن عبد اللطيف وهبي اختار التحالف مع العدالة والتنمية وبنى خطابه بشكل هجومي ضد التجمع الوطني للأحرار ورئيسه، ويجب أن يستمر في ذلك ،لأن تغيير الخطاب الهجومي ودخول الحكومة مع التجمع سيضر بالبام نفسه، وأيضا بصورة التحالف الحكومي، فالتصريحات الهجومية هي تعبير عن تموضعات، لذلك فتصريحات وهبي تضعه اليوم في المعارضة، وفي حالة دخوله الحكومة سيكون التحالف الحكومي شبيها بما كان في حكومة بنكيران، أي عبارة عن” قبائل ” متناحرة داخل حكومة واحدة”.
وتابع رئيس المركز الأطلسي، أن السبب الثالث يكمن في أن احتمالية دخول التجمع والبام وحزب الاستقلال في حكومة واحدة ستجعل من مسألة توزيع الحقائب الوزارية أمرا صعبا، لأنها أحزاب، وخاصة البام، ستطالب بقطاعات استراتيجية يريدها حزب رئيس الحكومة ،كما أن ثلاثة أحزاب بهذا الشكل سيخلق صراعا على منصب رئاسة مجلس النواب، وهذه الصراعات تجعل التحالف الحكومي مهددا في أي وقت.
وكان السبب الرابع حسب الدكتور ذاته، أنه لا يوجد تقارب بين الأحرار والبام، من حيث البرامج وترتيب الأولويات، بينما يبدو حزب الاستقلال مرنا وتزداد هذه المرونة والتقارب بوجود التجمع والاستقلال والاتحاد الاشتراكي، حيث يصبح التجمع مدعوما بحزبيين تاريخيين من الكتلة الديمقراطية.
واعتبر اسليمي أن السبب الخامس هو ضرورة التوازن بين الأغلبية والمعارضة في البرلمان، فالمعارضة إذا لم تكن قيادتها من طرف البام في مجلس النواب، فهي ستكون غير موجودة، الشيء الذي سينتج عنه اهتزاز في التوازنات، إذ لا توجد حكومة في مواجهة الفراغ ،والفراغ معناه حكومة في مواجهة الشارع، لذلك دور البام في التوازنات مطلوب في المعارضة وليس الحكومة.
وأضاف كسبب سادس، أيضا يجب التفكير في الانتخابات بعد خمس سنوات، فالأحرار قد ينجحون في ما وعدوا به الناخبين وقد يفشلون، والسؤال في حالة فشلهم من سيكون البديل بعد خمس سنوات؟، هنا يحضر البام الذي يظل الحزب الوحيد الذي لم يدخل الحكومة لحد الآن، ويجب أن يظل احتياطا في المعارضة لتجنب مفاجآت قد تقع بعد خمس سنوات من الآن .
تعليقات الزوار ( 0 )