لا شك أن الفساد يمثل عائقاً كبيراً أمام جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فهو يخلق بيئة غير مستقرة وغير مؤمنة للمستثمرين، ويؤدي إلى عدم اليقين بشأن تسوية النزاعات، ورغم ذلك، يبذل المغرب جهوداً كبيرة لمكافحة هذه الآفة، وذلك من خلال سن تشريعات وقوانين حديثة، وتأسيس مؤسسات مكلفة بمكافحة الفساد.
وتختلف التقييمات الدولية لأداء المغرب في مجال مكافحة الفساد، فمن جهة، صنّفه مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية في مرتبة متوسطة، مما يشير إلى وجود هامش كبير للتحسن، ومن جهة أخرى، تمكن المغرب من الخروج من القوائم السوداء التي تصدرها الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، وهو ما يدل على التقدم الذي أحرزه في هذا المجال.
إصلاحات هيكلية لتعزيز المناخ الاستثماري
وأطلق المغرب استراتيجية طموحة للإصلاح الاقتصادي تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال، وتشجيع الاستثمار، ومكافحة الفساد، وتشمل هذه الاستراتيجية مجموعة من الإجراءات، من بينها: تبسيط الإجراءات الإدارية، وتعزيز الشفافية، ومكافحة الاحتكار.
ومن خلال رقمنة الإجراءات وتقليص عددها، يسعى المغرب إلى تقليل فرص الفساد واختصار الوقت اللازم لإنجاز المعاملات، وزيادة الشفافية ومحاسبة المسؤولين، ثم مكافحة الممارسات الاحتكارية التي تضر بالمستهلكين وتعيق المنافسة.
ورغم هذه الجهود، لا يزال المغرب يواجه تحديات كبيرة في مجال مكافحة الفساد، فالتغيير الثقافي يستغرق وقتاً طويلاً، وهناك حاجة إلى تعزيز قدرات المؤسسات المكلفة بمكافحة الفساد، وتشديد العقوبات على مرتكبيها.
ويبقى المغرب في صراع مستمر مع الفساد، وهو صراع طويل الأمد يتطلب تضافر جهود جميع الفاعلين، ورغم التحديات التي يواجهها، فإن الإرادة السياسية القوية والإصلاحات الهيكلية التي يشهدها المغرب تبعث على التفاؤل بمستقبل أفضل.
تعليقات الزوار ( 0 )