بيدرو سانشيز بيريز كاستيخون سياسي إسباني بارز، يشغل منصب رئيس وزراء إسبانيا ورئيس الأممية الاشتراكية
وُلد بيدرو سانشيز بالعاصمة الإسبانية مدريد (29 فبراير 1972). والده رجل اقتصاد وأعمال، ووالدته محامية.
أكاديميا، تخرج بيدرو سانشيز من معهد راميرو دي مايزتو، وهي مدرسة ثانوية عامة. ليتابع دراسة الاقتصاد وعلوم الأعمال، عام 1990، بجامعة كومبلوتينسي حيث تخرج منها سنة 1995. ونال شهادة في السياسة والاقتصاد، عام 1998، من جامعة بروكسل الحرة. وشهادة في قيادة الأعمال من كلية الأعمال في جامعة نافارا. وحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة في إدارة الأعمال والاقتصاد عام 2012. نشر أطروحة الدكتوراه الخاصة به “الدبلوماسية الاقتصادية الأوروبية الجديدة”، وعمل أستاذا في الاقتصاد.
وظيفيا، عمل سانشيز مساعدا برلمانيا في البرلمان الأوروبي، ورئيس موظفي الممثل الأعلى للأمم المتحدة في البوسنة خلال حرب كوسوفو.
سياسيا، انضم، سنة 1993، إلى حزب العمال الاشتراكي الإسباني (PSOE) بعد فوز فيليبي غونزاليز في الانتخابات. وانتخب سنة 2004 عضوا لمجلس مدينة مدريد، واُنتخب نائبا بمجلس النواب الإسباني سنة 2009، وأمينًا عامًا لحزب العمال الاشتراكي الإسباني (من 2014 إلى 2016، ومن 2017 إلى الآن)، ليشغل منصب رئيس وزراء إسبانيا منذ الثاني من يونيو 2018.
اعتراف تاريخي بمغربية الصحراء من لدن سلطة الحماية السابقة وصديقة المغرب الحالية: بعد مد وجز، انتصار إسبانيا لعدالة القضية الوطنية الأولى
ليس سهلا إيجاد وصف دقيق لطبيعة العلاقات، بصيغة الجمع، بين المملكتين، المغربية والإسبانية، بالنظر للتاريخ المتداخل والمشترك الذي يجمعهما منذ قرون، في مختلف المجالات (الاجتماعية، والتراثية، والثقافية، والهوياتية، والاقتصادية، والأمنية…). فتارة يطبعه السلم، والانفتاح، والتعاون والتقاسم، وتارة الدم والحديد، والانغلاق، والتصادم والصراع. إلا أن الثابت في ذلك، هو استمرارية علاقات الصداقة بين المؤسستين الملكيتين، وبين الأحزاب ذات التوجه الاشتراكي لكلا البلدين في أحلك الظروف كما في أنصعها.
ملفات عديدة تطفو على السطح بين الفينة والأخرى بين البلدين، حسب برودة أو دفء العلاقات، منها التعاون الأمني والاستخباراتي (بخصوص الإرهاب، أو الهجرة غير الشرعية، أو الجريمة المنظمة أو الاتجار في البشر…)، ومصير المدينتين السليبتين والثغور البحرية، والتنافس الاقتصادي والتجاري، والموقف من قضية “بيغاسوس الملفقة”، وتنظيم الأحداث المشتركة… إلا أن الملف المتعلق بالوحدة الترابية للمغرب وسيادته على صحرائه، المحتلة سابقا من لدن إسبانيا، ضل المحدد الأساس لطبيعة العلاقة بين البلدين الجارين.
ليس سرا اتخاذ إسبانيا، لعقود من الزمن، موقف اللاموقف من قضية الصحراء المغربية، وهي المالكة للمعطيات والوثائق التاريخية، الدالة على علاقات البيعة بين شيوخ قبائل الصحراء وسلاطين المغرب، وعلاقة تبعية الصحراء لتراب المملكة المغربية. فمن خلال اللجوء إلى لعبة جيوسياسية مركبة الأبعاد، أساسها ربط علاقات رسمية وغير رسمية مع مختلف أطراف القضية، ودعم هنا وهناك وهنالك، عملت على تغليب مصلحتها الاقتصادية من جهة، وعلى رهن مصلحتها الاستراتيجية باستمرار حالة الستاتيكو، وبالتالي استمرار حالة عدم حسم مصير القضية إلى ما لا نهاية، الشيء الذي، حسب الحسابات الضيقة للعقل الاستعلائي الإسباني، سابقا، سيرهن المسار التنموي للمغرب، ويحد من طموحه المشروع لبناء نموذج صعود دولة نامية لمصاف الدول المتقدمة، ويلهيه في متاهات الاستنزاف البطيء لقدراته ومقدراته دفاعا عن قضية مفتعلة، بأياد دول يتقاسم معها الحدود، والدماء، والمكونات الهوياتية، ودول أخرى أرادت تصفية الحسابات الإيديولوجية مع المؤسسة الملكية.
ليشكل شهر أبريل من سنة 2021، لحظة تاريخية فارقة في العلاقات المغربية-الإسبانية، فبعد كشف السلطات المغربية المعنية عن استقبال إسبانيا ما يدعى زعيم جبهة البوليساريو بهوية مزورة، في رحلة سرية للعلاج، بتنسيق مع الجزائر، توترت العلاقات بين الرباط ومدريد إلى مستويات غير مسبوقة، ومست الأزمة بينهما مختلف جوانب التعاون الاقتصادية، والتجارية، والسياسية والأمنية…
لتعيد إسبانيا حساباتها من جديد، وخصوصا بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على صحرائه، وتنتصر لصوت الحق. حيث أكد بيدرو سنشيز، رئيس الحكومة الإسباني، في رسالة بعث بها إلى الملك محمد السادس، يوم 14 مارس 2022، أنه “يعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب”، و”تعتبر إسبانيا مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف“. كما أشار إلى “الجهود الجادة وذات المصداقية التي يقوم بها المغرب في إطار الأمم المتحدة من أجل تسوية ترضي جميع الأطراف“. وأبرز أن “البلدين تجمعهما، بشكل وثيق، أواصر المحبة، والتاريخ، والجغرافيا، والمصالح، والصداقة المشتركة”. وأعرب عن “يقينه بأن الشعبين يجمعهما نفس المصير أيضا”، وأن “ازدهار المغرب مرتبط بازدهار إسبانيا والعكس صحيح”. وهو الشيء ذاته الذي تم التعبير عنه خلال محادثة هاتفية، يوم 31 مارس 202، بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية.
تلا ذلك، بدعوة من الملك محمد السادس، قيام بيدرو سانتشيز بزيارة رسمية إلى المملكة المغربية، يوم 7 أبريل 2022. حيث توجت هذه الزيارة ببيان مشترك تضمن ست عشرة نقطة، من بينها النقطة الأولى “تعترف إسبانيا بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، وبالجهود الجادة وذات المصداقية للمغرب في إطار الأمم المتحدة لإيجاد حل متوافق بشأنه. وفي هذا الإطار، تعتبر إسبانيا المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007 هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع”.
حسم القضية الوطنية: نظارة المغرب
وضع الملك محمد السادس، في خطاب ملكي موجه إلى الأمة بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب، بتاريخ 20 غشت 2022، النقط على الحروف، وحدد أسس تعامل المملكة المغربية مع دول العالم، حيث قال: “أوجه رسالة واضحة للجميع: إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات. لذا، ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”.
دور الدبلوماسية الموازية في الدفاع عن القضية الوطنية: التعبئة الاجتماعية وتفعيل الذكاء الجماعي
وجه الملك محمد السادس، خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، يوم الجمعة 07 أكتوبر 2024، خطابا ساميا، خطاب الانتقال من مرحلة التدبير، إلى مرحلة التغيير، داخليا وخارجيا، وفي كل أبعاد ملف الوحدة الترابية للمغرب، والانتقال من مقاربة رد الفعل، إلى أخذ المبادرة، والتحلي بالحزم والاستباقية. حيث أكد في خطابه السامي: “يجب شرح أسس الموقف المغربي، للدول القليلة، التي ما زالت تسير ضد منطق الحق والتاريخ، والعمل على إقناعها، بالحجج والأدلة القانونية والسياسية والتاريخية والروحية، التي تؤكد شرعية مغربية الصحراء. وهو ما يقتضي تضافر جهود كل المؤسسات والهيآت الوطنية، الرسمية والحزبية والمدنية، وتعزيز التنسيق بينها، بما يضفي النجاعة اللازمة على أدائها وتحركاتها. ولا يخفى عليكم، معشر البرلمانيين، الدور الفاعل للدبلوماسية الحزبية والبرلمانية، في كسب المزيد من الاعتراف بمغربية الصحراء، وتوسيع الدعم لمبادرة الحكم الذاتي، كحل وحيد لهذا النزاع الإقليمي”.
هذا الأمر، لأجرأته وتفعيله، يتستدعي تفعيل الذكاء الجماعي، لجميع مكونات الدولة والمجتمع المغربي، من أجل التفكير في مداخل مبتكرة، ومتعددة ومتكاملة لمواصلة الدفاع عن الوحدة الترابية: من خلال الدبلوماسية الرسمية، والبرلمانية، والحزبية، والنقابية، والأكاديمية، والجامعية، والثقافية، والتراثية… ومؤسسات التنشئة الاجتماعية، وعلى رأسها مؤسسات التربية والتكوين، من المستوى الابتدائي إلى الجامعي، عن طريق برمجة مادة رئيسة في الهندسة التربوية، وتشجيع البحوث الجامعية…، لتقديم والتعريف بمحطات هذه القضية، والمعطيات والحجج والأدلة المتعلقة بها. ودعوة الدول، المحتلة سابقا لهذه المنطقة، للإفراج عن الوثائق التاريخية التي بحوزتها. وإنتاج برامج حوارية، ووثائقية لفتح نقاش مسؤول. وبرمجة لقاءات وورشات على مختلف المستويات الوطنية، والجهوية، والإقليمية والمحلية للتعبئة الاجتماعية. وتأطير المؤثرين الاجتماعيين بالعلم والمعرفة الكافيين لدحض ادعاءات الخصوم. وتكريس الدولة الاجتماعية، ودولة الحق والقانون. ومواصلة مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية…
تعليقات الزوار ( 0 )