مع تأكيد احتجاز الرئيس السوري بشار الأسد لابن خاله الملياردير رامي مخلوف حتى يدفع ديون الحرب للرئيس بوتين، تؤكد التقارير وجود تصدع داخل العائلة التي تحكم سوريا منذ 1970.
تؤكد معلومات صادرة من وسائل إعلام روسية وسورية فرض الأسد الإقامة الجبرية على ابن خاله وأحد أغنى رجال الأعمال السوريين رامي مخلوف، الذي لا يريد له الرئيس أن يحظى بمركز سياسي في البلاد.
تشير التقارير إلى أن عملية اعتقال مخلوف تمت بموجب مرسوم رئاسي مباشر، وأنه هو ووالده محمد مخلوف وشقيقاه إيهاب وإياد رهن الاعتقال، ولا يمكنهم التواصل مع أي وسيلة إعلامية.
تجدر الإشارة إلى أن رامي مخلوف، رجل الأعمال المعاقب أوروبيًا وأميركيًا، لأسباب تتعلق بإثرائه غير المشروع على حساب الشعب السوري، ثم لاحقًا لدعمه نظام الأسد، أمنيًا وعسكريًا واقتصاديًا، هو صاحب إمبراطورية مالية ضخمة، أسسها في سوريا، عبر صلة القربى التي تجمعه بآل الأسد، وعبر التربّح غير المشروع وممارسة أعمال تجارية تخالف القانون، ليس في سوريا وحدها، بل في أنحاء عديدة من العالم.
تأثير سياسي
لا يُعرف رامي مخلوف فقط بنشاطه الريادي الكبير في مجال الأعمال، وإنما أيضًا بتأثيره السياسي الكبير في المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية، كما إنه صاحب عشرات الشركات في سوريا، ولديه حصة في شركة “سيرياتل” أكبر شركة هاتف جوال في سوريا.
وفي لندن، قالت صحيفة (التايمز) إن سبب الخلاف بين الأسد وابن خاله، الذي يعتبر أغنى رجل في سوريا، هو رفضه سداد ديون الحرب الناشبة في البلاد، والتي تشارك فيها كل من روسيا وإيران.
بدأ الخلاف، بحسب الصحيفة، بمنشور على مواقع التواصل الاجتماعي كتبه محمد مخلوف، البالغ من العمر 22 عامًا، ابن رامي مخلوف، الذي يملك العديد من كبريات الشركات السورية. وتفيد تقارير أنه كان يسيطر على 60 % من الاقتصاد السوري قبل انتفاضة عام 2011.
وقد تداولت هذا المنشور العديد من المواقع الإخبارية، فضلًا عن نشره من قبل شخصيات مؤيدة ومناهضة للنظام السوري. واشتهر محمد مخلوف بمنشوراته على موقع التواصل الاجتماعي “إنستغرام”، إذ غالبًا ما ينشر صوره وهو يقف أمام سياراته الرياضية الفارهة والفيلا الفخمة التي يعيش فيها في دبي. وقد زعم في منشور حديث له أنه على وشك استثمار 300 مليون دولار، من أرباح أعماله التجارية، في العقارات في سوريا.
منشورات محمد مخلوف
ويشير تقرير الصحيفة البريطانية إلى أن منشورات محمد مخلوف تسببت في خلاف دولي، إذ أفادت تقارير أن الرئيس الأسد اضطر لاتخاذ إجراءات عقب مطالبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين له بدفع فاتورة مشاركة بلاده في الحرب، والتي تقدر بـ 3 مليار دولار، موضحًا أنه إذا كانت سوريا لا تملك هذا المبلغ فإن عائلة مخلوف تملكه بكل تأكيد.
بينما يقول آخرون إن محاولات الأسد استعادة السيطرة على المدن والبلدات السورية دفعه إلى استخدام أموال مخلوف لتمويل ميليشيات للقتال معه إلى جانب الجيش السوري.
وقد رفض رامي مخلوف، كما يوضح المقال، أن يسلم الأصول المالية لعائلته، ما دفع النظام إلى الاستيلاء عليها بحجة مكافحة الفساد. كما تشير تقارير إلى أنه محتجز تحت الإقامة الجبرية مع والده واثنين من إخوانه.
نسرين مخلوف
تقول الصحيفة إنه لم ترد أخبار تؤكد صحة ما جاء في هذه التقارير، إلا أن حسابًا على موقع التواصل الإجتماعي فايسبوك يُزعم أنه يعود إلى قريبة أخرى للرئيس الأسد، وتدعى نسرين مخلوف، نشرت مقالًا قالت فيه إن “من يعتقد أن هذا الأمر سيتوقف عند عمي وأبنائه، فيجب عليه أن يعرض نفسه على طبيب بيطري….. #الإقامة الجبرية”.
وتشير الصحيفة إلى أن رامي مخلوف، ولسنوات، كان حجر الأساس لنظام الأسد الأب ومن ثم للأسد الابن، الذي خصخص بعض أصول الاقتصاد في سوريا، مما سمح لمخلوف ببناء إمبراطوريته المالية. ويبدو أن مخلوف لا يحظى بعلاقة جيدة مع الروس بسبب قربه من النظام الإيراني، كما ترى الصحيفة.
ويختم المقال بما يقوله البعض إن سبب الخلاف الحقيقي هو أن مخلوف نقل جزءًا كبيرًا من ثروته خارج البلاد، إلى جانب خفض استثماراته المالية في الداخل السوري.
البنك التجاري السوري
إلى ذلك، يشار إلى أنه في وقت سابق، ظهرت معلومات تتهم رامي مخلوف بعمليات احتيال داخل البنك التجاري السوري، إلى جانب اتهامه بتهريب عشرات المليارات من الدولارات. كما تزامنت هذه الإجراءات ضد مخلوف مع موجة من التحقيقات مع رجال أعمال وشخصيات أخرى.
أوضح تقرير أن لجنة مكافحة غسل الأموال التي تترأسها أسماء الأسد، باشرت بالتحقيق مع 28 رجل أعمال، من بينهم ابن عم الأسد دريد الأسد، إلى جانب رجل الأعمال البارز محمد صابر حمشو وأحد أفراد عائلة جابر.
ويقول الكاتب الروسي إيغور بانفاريوف في تقرير له في موقع “نيوز ري”، إن بعض الخبراء يرجعون هذه الاعتقالات إلى السعي إلى إعادة توزيع واسعة النطاق لمجالات النفوذ داخل محيط الأسد. ومن غير المستبعد – حسب الكاتب – أن يكون الأسد قرر القضاء على منافس محتمل على السلطة.
يلفت بانفاريوف إلى أن العامل المشترك بين جميع رجال الأعمال السوريين الموجودين حاليًا رهن الإقامة الجبرية هو أنهم شاركوا في إنشاء وتمويل ميليشيات محلية طيلة فترة الصراع المدني داخل سوريا.
ويبرز في هذا الإطار أن بعض الوحدات غير النظامية بدأت تتحدى القوات الحكومية، خاصة داخل مدينتي اللاذقية وحماة.
استمرار الاعتقالات
لا يرجح – حسب بانفاريوف – أن تتوقف الاعتقالات التي يتعرّض لها رجال الأعمال السوريون إلى حين تحديد مصير محافظة إدلب، التي ما زالت تحت سيطرة قوى المعارضة.
وينسب الكاتب إلى بعض المراقبين قولهم إن سبب عمليات الاعتقال هذه يمكن أن يكون مجرد مناورة للأسد يستبدل من خلالها رجال أعمال سوريين بآخرين، لا سيما أن معظم الأشخاص الذين يُوضعون رهن الاعتقال يندرجون ضمن قوائم الأشخاص الذين فرضت عليهم الدول الغربية مجموعة من العقوبات.
يورد التقرير نقلًا عن مصادر مطّلعة، أن سبب النزاع بين الأسد ومخلوف يعود إلى حقيقة رفض الأخير التخلي عن مليارات عدة من الدولارات يحتاجها الأسد لسداد ديون لروسيا، خاصة أن الكرملين يطالب بتسديد جزء منها قبل نهاية خريف هذه السنة.
إضافة إلى ذلك، أفادت المصادر بأن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو اتصل شخصيًا بالأسد، مطالبًا إياه بدفع ثلاثة مليارات دولار في القريب العاجل.
وأوضح الكاتب بانفاريوف أن الأسد حاول تجاوز وزارة الدفاع الروسية، والتحدث مباشرة إلى الكرملين، طالبًا منحه مهلة إضافية، لكن بعض المصادر تؤكد أنه لم يحصل على مبتغاه، حيث ردّ الجانب الروسي قائلًا “تتجاوز ثروة ابن خالك ثلاثة مليارات دولار”.
ووفقًا لجهات معارضة ومؤيدة للحكومة على حد سواء، فقد عُرضت على الأسد في نهاية الشهر الماضي بيانات مصرفية ووثائق تثبت قدرة مخلوف على تسديد التزامات الأسد المالية.
تعليقات الزوار ( 0 )