شارك المقال
  • تم النسخ

بعدما أوشَكَ على إتمامِ 45 سنة في منصبهِ.. الشّبهاتُ تُلاحق رئيس جماعة زايو

مع اقتراب الانتخابات التشريعية والجماعية المقبلة، يترقب سكان مدينة زايو، الواقعة بإقليم الناظور، موقف رئيس المجلس الجماعي، محمد الطيبي، الذي سيتم عامه الـ 45 على رأس “البلدية”، واضعاً نفسه في قائمة أحد أقدم رؤساء الجماعات الترابية في المغرب، من الاستحقاقات، وما إن كان سيترشح من جديد، أم سيضع حدّاً لمشواره السياسي.

وتولى الطيبي الوجه البارز في حزب الاستقلال، رئاسة جماعة زايو منذ سنة 1976، حين كانت جماعة قروية، ليواصل ترأسها عقب تحولها لجماعة حضرية سنة 1992، وفاز بكل الاستحقاقات الانتخابية التي أتت فيما بعد، آخرها سنة 2015، ما جعله واحدا من أقدم رؤساء الجماعات الترابية في المملكة، بعد “محمد أبو الحقوق”، رئيس جماعة تنكرفا بإقليم سيدي إفني.

وبالرغم من أن الطيبي كان يفوز بالانتخابات، إلا أن نسبة التصويت، في زايو، وهو شأن أغلب المدن، لا تتعدى الـ 50 بالمائة على الأكثر، فيما حصل الاستقلال، في الانتخابات الجماعية 2015، على 4132 صوتاً، من أصل 38 ألف نسمة؛ حوالي 20 ألفا منهم يحق لهم التصويت.

وتلاحق الطيبي العديد من الشبهات والاتهامات، من بينها محاباته المستمرة للمصوتين على حزبه، وأعضائه، وهو ما أكده مصدر مطلع من مدينة زايو لجريدة “بناصا”، حيث كشف بأن رئيس المجلس الجماعي، يقوم بربط المنازل التي يقطنها أعضاء أو مقربون من الحزب، بالماء والكهرباء، حتى وإن لم تكن تتوفر على أي وثائق تثبت ملكيتها، مقابل رفضه منح الرخص لمنازل أخرى بالرغم من توفر أصحابها على الوثائق الضرورية.

وأضافت المصادر، بأن “هناك شوارع في المدينة، يقطنها عدد من المواطنين الذين ينتمون لأحزاب أخرى، لم يقم رئيس الجماعة بتوفير الإنارة العمومية بها، في وقت وصلت فيه الإنارة إلى مناطق بعيدة في جناب زايو يقطنها أعضاء أو متعاطفون مع الاستقلال، وهو ما يعتبر محاباةً واضحةً وتفريقاً بين المواطنين على أساس الانتماء الحزبي، الشيء الذي يعدّ خرقاً دستورياً لكون المغاربة سواسيةً”.

وتشير المعطيات التي توصلت بها “بناصا”، من مصادر خاصة، بأن المجلس الجماعي لزايو، الذي يقوده الطيبي، يواصل محاباته لمقربيه حتى في مشروع الواد الحارّ، إلى جانب وجود مجموعة من الخروقات التي بقيت مخبأة منذ عقود من تسيير الاستقلال للمدينة الواقعة بإقليم الناظور.

وسبق أن تطرق عدد من أفراد الجالية المنحدر من زايو، والمقيمين بأوروبا، لبعض الخروقات التي ارتكبها المجلس الجماعي بقيادة الطيبي، حيث اعترفوا بأنهم كانوا مسجلين في لائحة الأعوان العرضيين، وتلقوا مبالغ مالية مهمة، بالرغم من تواجدهم في الخارج، مؤكدين أنهم كانوا يتقاضون أجرا بأسماء مستعارة.

وأشارت مصادر خاصة لـ”بناصا”، بأن الاعترافات التي فجرها عدد من أفراد الجالية، عبر بث مباشر في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، دفعت قادة المجلس الجماعي، لإرسال عدد من الأشخاص لعائلاتهم من أجل ثنيهم عن الاستمرار في الفضح، وهو ما حدث، بعدما قام الأشخاص الذين تطرقوا لخروقات “بطائق الإنعاش”، بحذف مقاطع الفيديو.

وكان الطيبي، قد ثار في وجه محمد قدوري، الوجه البارز في المدينة، المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، خلال دورة أكتوبر، التي أقيمت مؤخرا، بعدما نبه الأخير لعدد من الجوانب التي يعاني منها ساكنة المدينة، ليقوم رئيس المجلس باتهامه بـ”الاستفزاز”، وهو ما رآه عدد من نشطاء المدينة، “استبداداً” من الرئيس.

وأعرب نشطاء من زايو في تصريحات لـ”بناصا”، عن استغرابه من الطريقة التي يقمع بها الطيبي معارضيه أو منتقدي سياساته، أو حتى الفئة التي تنبهه إلى الجوانب التي يعاني منها الساكنة، وهو ما تجسد حسبهم حتى خارج المجلس الجماعي، في حملات ميدانية، يقوم به بعض أتباع الاستقلال، عبر تهديد، أو تحذير كل الأصوات التي تنتقد رئيس المجلس.

وكان أحد الأحياء الهامشية في مدينة زايو، قد عرف، في وقت سابق، احتجاجات من قبل الساكنة على خلفية مشروع لتزويد الماء الصالح للشرب، حيث عمد أتباع رئيس الجماعة، وفق إفادات من بعض النشطاء، إلى “تهديد المتظاهرين، ومطالبتهم بالعودة لبيوتهم قبل أن ينتهي بهم المطاف في السجن”، على حد قول المصادر المشار إليها.

الاتهامات لم تتوقف عند تهديد وقمع المعارضين والمنتقدين، بل وصلت أيضا إلى الأمور المتعلقة باختلاس الأموال، حيث سبق وطرح عدد من المستشارين داخل المجلس الجماعي، في الولايات السابقة، هذا الموضوع، غير أن الرئيس كان يتعامل بطريقة وصفها نشطاء بـ”المستبد”، حيث يلصق تهمة “الساعين للاستفزاز”، بكل من تطرق للموضوع، بل إن الوضع وصل، في أحد الدورات المسجلة على منصة رفع الفيديوهات يوتوب، والتي يعود تاريخها لأكتوبر 2013، للقول للمنتقدين:”كلس وسكت ولا تخرج”، على حد قول مصرحينَ.

وتواصل مصادرٌ خاصةٌ من داخل المجلس الجماعي لزايو، في حديثها لـ”بناصا”، بأن هناك شبهات اختلاس الأموال تلاحق الطيبي، خاصة أن ترسانة استثماراته زادت توسعاً، بعد المطعم والمقهى المتواجد بأحد شواطئ الجهة الشرقية، وبعض المقاهي في مدن أخرى على رأسها الرباط، شيد، مؤخرا، رئيس جماعة زايو، قاعة ضخمة للأفراح، على مقربة من محطة القامرة بالعاصمة المغربية، حسب المصادر السابقة.

واستطردت، بأن رئيس الجماعة، عمد في السنوات الأخيرة، إلى التغاضي عن عدد من أوراش البناء العشوائي، لبعض المواطنين الذين يصوتون لصالحه في الانتخابات، أو تابعون لحزبه، مع صرامته ضد آخرين، ورفضه غض الطرف عنهم، قبل أن تصل المسألة إلى السلطة المركزية، ما دفع الطيبي للتعامل بحذر مع الأمر.

وطالب مجموعة من المصرحين لـ”بناصا”، بأن تقوم وزارة الداخلية بإيفاد لجنة تفتيش من أجل التدقيق في كل المشاريع التي نفذت في المدينة خلال المدة الطويلة التي قضاها على رأس المجلس الجماعي، من أجل التأكد من مدى صحة هذه الشبهات التي لاحق الطيبي، “وطي صفحتها نهائيا، إما بإدانته، أو بتبرئته، أما البقاء على هذا النحو واستمرار الاتهامات دون كلمة حاسمة، فإنه لا يخدم مصلحة أحد”، حسب تعبير أحد النشطاء.

وفي ظل كل هذه الشبهات التي تواصل ملاحقة الطيبي، تمني فئة عريضة من سكان زايو، النفس، في أن تحمل الانتخابات المقبلة تغييراً كاملا في المجلس الجماعي، وأن يزاح حزب الاستقلال عن الرئاسة التي قضى فيها حوالي نصف قرن، منها 45 سنة بقيادة الرئيس الحالي الطيبي، من أجل أن تتمكن المدينة الصغيرة، الواقعة بين بركان والناظور، من جذب استثمارات لإنعاش اقتصادها والإبقاء على الشباب الذين يخاطر أغلبهم من أجل الهجرة لأوروبا.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي