بعد فشل الجزائر الكبير على المستوى الدبلوماسي في السنتين الماضيتين، والذي قابله انتصارات مهمة في السياسة الخارجية المغربية، استنجدت ساكن “قصر المرادية”، بأحد رجال بوتفليقة، رمطان لعمامرة، لتولي حقيبة وزارة الخارجية خلفا لصبري بوقادوم، وهو المنصب الذي سبق له أن تولاه لمرتين سابقتين.
وإلى جانب أن استنجاد جنرالات الجزائر بالعمامرة، وهو الشخصية التي يصفها البعض بـ”شيخ الدبلوماسية” في الجارة الشرقية، باعتباره أحد أقدم الوجوه المتمرّسة على المستوى الخارجي، طرح موضوع الفشل الذريع لسابقه، إلا أن العديد من المراقبين، تساءلوا بخصوص ما إن كانت إعادة رمطان من شأنها الدفع نحو حلحلة النقاط الخلافية مع المغرب، على المستوى الإقليمي، وفي العلاقات الثنائية بين البلدين.
وفي هذا السياق قال عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون الدولي العام بكلية الحقوق السويسي، إن السياسة الخارجية الجزائرية، لن تعرف أي تغيير، إن على المستوى الإقليمي، أو على المستوى الثنائي، لأن “الملفات التقليدية والتاريخية للدبلوماسية الجزائرية خاصة بالنسبة لاتحاد المغرب العربي والعلاقات المغربية الجزائرية، وملف الصحراء المغربية، لم تعرف أي تغيير أو مبادرات لحلحلتها وإيجاد مداخل لحلها”.
وأضاف بلنياس المتخصص في القانون الدولي والعلاقات الدولية في تصريح لجريدة “بناصا”: “بل العكس هو الحاصل، والذي هو عرقلة جميع المبادرات السياسية والدبلوماسية التي يمكن أن تفتح قنوات الحوار والتفاوض بين المغرب والجزائر لإيجاد أرضية للتفاهم حول الملفات التي تحول دون إحراز أي تقدم في العلاقات الثنائية”.
وأوضح أن إعادة تعيين لعمامرة “الذي يعتبر من شيوخ الدبلوماسية الجزائرية، على رأس وزارة الخارجية، ما هو إلا إشارة على استمرار نفس المقاربة ونفس الإستراتجية ونفس النهج إزاء ملف الوحدة الترابية وملف المغرب العربي”، متابعاً: “بل إن تعيينه هو من أجل إعطاء دفعة جديدة للسياسة الخارجية الجزائرية على المستوى الإقليمي والإفريقي، بما يخدم مخططات الجزائر في معاكسة مصالح المغرب ووحدته الترابية”.
وأردف المتحدث نفسه، أنه فضلا عن ذلك، فإن “لعمامرة سوف ينفذ سياسة الرئيس، وهو ما صرح به عندما قال إنه يساهم بشكل فعلي في تنفيذ الالتزامات التي قطعها الرئيس عبد المجيد تبون على نفسه خلال برنامجه الانتخابي”، مسترسلاً: “والجميع يعرف أن تبون ينهج سياسة عدائية إزاء المغرب من خلال تصريحاته المستفزة ومن خلال دعمه اللامحدود لميلشيات البوليساريو”.
ونبه إلى أن “اللجوء من جديد إلى خدمات لعمامرة بتجربته وعلاقاته على المستوى الإفريقي يعني أن الدبلوماسية الجزائرية سوف تحاول جاهدة أن تسترجع النقط التي فقدتها على المستوى الإقليمي خاصة الملف الليبي، وعلى المستوى الإفريقي نتيجة العودة القوية للمغرب للاتحاد الإفريقي ونهجه للدبلوماسية الاقتصادية وتعاون جنوب جنوب”.
وخلص بنلياس في حديثه للجريدة إلى أنه “من هنا فإن الدبلوماسية المغربية عليها أن تعزز مكتسباتها الدبلوماسية السياسية على المستوى الإقليمي والقاري والدولي، وأن تكون يقظة وحذرة من المناورات الدبلوماسية التي سوف تقوم بها الجزائر، وأن تحافظ على ريادة المغرب على المستوى الإفريقي”، حسب تعبيره.
تعليقات الزوار ( 0 )