Share
  • Link copied

بعد “طوفان الأقصى”.. هل يتم تأسيس نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط بدعم من الولايات المتحدة؟

كشفت ورقة بحثية أعدها الباحث والمحلل الجيوسياسي، هنريك بولجو أنستورب، أن حرب إسرائيل على قطاع غزة من شأنه أن يؤثر على التحالفات السياسية في الشرق الأوسط في المستقبل البعيد، وأن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء بشكل كبير فيما يتعلق بالعلاقات التي كانت إسرائيل تحاول سراً بناءها مع أعدائها السابقين.

وأوضح الباحث بمعهد “أبحاث السلام أوسلو”، أنه في السنوات الأخيرة، تبنت العديد من الدول العربية موقفاً أكثر واقعية تجاه إسرائيل، حتى أن البعض وقعوا على اتفاقيات رسمية، لكن قدراً كبيراً من التقدم الجيوسياسي أصبح الآن عُرضة لخطر التراجع.

وفي السنوات الأخيرة، أصبح الفلسطينيون معزولين بشكل متزايد في الجزء العربي من الشرق الأوسط، وفي عام 2020، قرّبت اتفاقيات إبراهيم، المغرب، والإمارات العربية المتحدة والبحرين من إسرائيل. 

وفي الأسابيع الأخيرة، سرت أقالويل بأن القوة العظمى الإقليمية، المملكة العربية السعودية، كانت على وشك إبرام اتفاق مماثل، لكن أحداث “طوفان الأقصى” أجبرت الآن دول الشرق الأوسط على تبني مواقف أكثر وضوحا بشأن الصراع الفلسطيني.

ما هي العواقب المحتملة على المنطقة؟ 

ويرى المصدر ذاته، أن الإجابة على هذا السؤال تعتمد إلى حد كبير على مدى تورط الجهات الفاعلة الأخرى في الهجوم على إسرائيل، وكيف سيكون رد فعل بقية المنطقة، وإلى أي مدى تختار الولايات المتحدة توجيه التركيز المتجدد على الشرق الأوسط.

ما مدى تورط حزب الله وإيران؟

وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير أخير لها، أن حماس التقت بكبار القادة من كل من حزب الله والحرس الثوري الإيراني قبل وقت قصير من الهجمات على إسرائيل، وكانت تعمل معهم على شن الهجمات منذ غشت، رغم نفي طهران لهذه المزاعم.

وإذا اتضح أن إيران كانت في الواقع متورطة بنشاط في الهجمات، على سبيل المثال من خلال تقديم الدعم المستمر من خلال سوريا أو حزب الله في لبنان، فقد يؤدي ذلك إلى حرب أوسع، قد تهاجم فيها إسرائيل أهدافًا إيرانية وسورية ولبنانية. 

ولكن في المستقبل القريب، لا شك أن القوات الإسرائيلية ستكون مشغولة بالكامل بمحاربة حماس واستعادة السيطرة على باقي المناطق.

هل سنشهد فتوراً في العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل؟

وبحسب هنريك بولجو، فإن ردود الفعل الفورية لمختلف الدول العربية تعطينا مؤشرا على مواقفها من الحرب، وحتى الآن، أعرب عدد قليل من دول الشرق الأوسط عن دعم واضح للهجمات الفلسطينية. 

فإيران مثلا داعم واضح، إلى جانب حلفائها، بما في ذلك حزب الله في لبنان، ونظام الأسد في سوريا، وحركة الحوثي في اليمن، إلا أن معظم الدول العربية تمتنع عن تقديم الدعم المباشر لهجمات حماس، وتطالب جميع الأطراف بوقف القتال، 

وفي الوقت نفسه، تتباين هذه الدول في مدى إلقاء اللوم في الهجمات على إسرائيل، حيث ترى العديد من الدول العربية أن الهجمات هي نتيجة مباشرة واستجابة لضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية ومعاملتها السيئة للفلسطينيين. 

وسارعت قطر إلى تحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن الهجمات الحالية، التي تعتبرها نتيجة لقمع إسرائيل لحقوق الفلسطينيين واعتداءاتها المتكررة على المسجد الأقصى.

وأدلت المملكة العربية السعودية ببيان مماثل إلى حد ما سابقا، وركزت فيه على الإشارات التحذيرية العديدة التي تشير إلى أن الوضع أصبح متفجرا بسبب احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وتقويضها لحقوق الفلسطينيين، واستفزازاتها المنهجية التي تستهدف المواقع الدينية. 

وحذت وزارة الخارجية الكويتية حذوها، معربة عن دعمها المستمر للشعب الفلسطيني، بينما امتنعت في الوقت نفسه عن تقديم الدعم المباشر للهجمات.

ووفقا للمصدر عينه، فإنه وبهذه الطريقة، تضفي العديد من الدول العربية بعض الشرعية على ما قامت به حركة حماس. 

وكانت الإمارات والمغرب ومصر، التي تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، أكثر حيادية حتى الآن في تصريحاتها، وتطلب من الأطراف إعادة الانخراط في الحوار والمفاوضات بمساعدة المجتمع الدولي، لكن المزاج قد يتحول.

ورجح الكاتب  أن يتسبب الغزو البري الإسرائيلي الوشيك في خسائر فادحة في الأرواح ومعاناة كبيرة للمدنيين في غزة خلال الأسابيع المقبلة. 

وقال، إن الاستجابة الصامتة إلى حد ما من جانب الدول العربية قد تتغير بسرعة إذا كان هناك ارتفاع في أعداد القتلى والجرحى في غزة. 

وشدد على أن  الخطاب الأكثر تحديدًا وانتقادًا يمكن أن يجعل من الصعب على إسرائيل البناء بشكل أكبر على حوارها مع الدول العربية. 

وهذا من شأنه أن يكون له القدرة على التأثير على التحالفات السياسية في الشرق الأوسط في المستقبل البعيد، وأن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء بشكل كبير فيما يتعلق بالعلاقات التي كانت إسرائيل تحاول سراً بناءها مع أعدائها السابقين.

هل تعود الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط؟

وسارعت الولايات المتحدة إلى التعبير عن دعمها الواضح للرد العسكري الإسرائيلي على الهجمات التي شنتها حركة حماس ضد إسرائيل قبل أسبوع. 

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية، أنها سترسل سفنا حربية أميركية ومعدات عسكرية أخرى لمساعدة الإسرائيليين وردع إيران وحزب الله عن استغلال الوضع من خلال شن هجمات على جبهات جديدة.

ويثير نشر هذه القوات سؤالاً حول المدى الذي ستذهب إليه الولايات المتحدة مرة أخرى في إعطاء الأولوية للشرق الأوسط عند توفير الموارد العسكرية. 

وكانت الولايات المتحدة مترددة للغاية في توفير مثل هذه الموارد منذ سحب ترامب القوات الأمريكية من شمال سوريا في عام 2019.

ومنذ ذلك الانسحاب، لم تعد لدى الكونجرس الأمريكي رغبة كبيرة في نشر جنود على الأرض في الشرق الأوسط. لكن الدولة التي تتعرض للتهديد المباشر هذه المرة هي إسرائيل، وهي واحدة من أقرب حلفاء الولايات المتحدة.

 ويبقى أن نرى إلى أي مدى قد ينجح بايدن في حشد دعم كبير في الكونجرس لتعزيز الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط وإلى أي مدى سيكون هذا على حساب تركيز السياسة الأمنية الأمريكية الحالي على الصين والحرب في أوكرانيا.

ومن المؤسف أن أحداث مثل هاته سوف تساهم في جعل الوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط غير قابل للتنبؤ به، في نفس الوقت الذي تتزايد فيه احتمالات نشوب صراعات عنيفة خارج حدود إسرائيل. 

وقد تستفيد الصين وروسيا من حقيقة أن إعادة ترتيب الأولويات الأمريكية لمواردها العسكرية ستؤدي إلى ترسيخ وجود الولايات المتحدة بقوة أكبر في الشرق الأوسط، الأمر الذي قد يجعل الأمر صعبًا على إدارة بايدن.

وخلصت الورقة البحثية، إلى أن القدرة على اتخاذ قرارات سليمة تصمد أمام اختبار الزمن، وأي أخطاء يرتكبها بايدن سوف يستغلها الجمهوريون بشدة في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

وسوف تظهر الأيام المقبلة ما إذا كانت إسرائيل وحلفاؤها قادرون على احتواء هذه الحرب وتحويلها إلى معركة ضد حماس على أراضيها، أو ما إذا كان هذا فصلاً مظلماً آخر سوف يضاف إلى الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط.

Share
  • Link copied
المقال التالي