شارك المقال
  • تم النسخ

بعد رسالة ماكرون.. هل تُعوّض فرنسا منطقة الريف عن الهجمات الكيماوية؟

أعاد إعلان التجمع العالمي الأمازيغي، أمس الإثنين، عن توصله بإجابة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بخصوص الرسالة التي وجهها إليه، والمتعلقة باستعمال بلاده للغازات السامة في منطقة الريف المغربية، موضوع الهجوم الكيماوي وإمكانية تعويض باريس للأضرار الناجم عن جرائم الحرب التي ارتكبتها، للواجهة من جديد.

وكشف رشيد رخا، رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، أن ماكرون، وعكس سلفه فرانسوا هولاند، الذي وبالرغم من تلقيه رسالة مشابهة، إلا أنه لم يعرها أي اهتمام، قام بالرد عليها عبر جواب من جان لو روش، رئيس مفوض من الدرجة الأولى بهيئة الأركان الخاصة برئاسة الجمهورية الفرنسية.

وجاء في الرسالة الموقعة باسم لو روش، بأن رئيس الجمهورية الفرنسية، توصل بمراسلة التجمع العالمي الأمازيغي، الذي يطالب عبرها، بمنح ورثة ضحايا حرب الريف، تعويضات لجبر الضرر الناتج عن استعمال باريس ومعها مدريد للأسلحة الكيماوية ضد السكان المدنيين.

وللنظر في هذا الموضوع، كلف ماكرون، لو روش، صاحب الرسالة، بإيلاء العناية الكبيرة للمراسلة، والبحث في الدواعي والانشغالات التي دفعت التجمع لبحثها، مع تحدث مصادر من الهيئة الأمازيغية، عن إمكانية تعويض فرنسا، لأبناء وورثة ضحايا حريب الريف.

وتعود تفاصيل الحدث إلى ما بين سنتي 1921 و1927، حين جوبه الاحتلال الفرنسي والإسباني للمغرب، بمقاومة شرسة من الريفيين، بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي، بعدما تمكن الأخير والمقاتلين معه، من هزم إسبانيا وفرنسا في معارك عديدة من سنة 1921 ولغاية 1927.

ولم تتوقع فرنسا أن يتمكن الريفيون من هزم إسبانيا وإنشاء كيان مستقل عن الاحتلال، ما دفعها، بعد فشل عدة مفاوضات للصلح، إلى السعي لإنهاء تواجد المقاومة التي كان يقودها الخطابي، غير أنها عجزت عن فعل ذلك، لتتلقى عدة خسائر في مجموعة من المعارك التي جمعت بين الطرفين بداية من 1925.

ومن أجل دفع المقاومة الريفية إلى الاستسلام، قامت فرنسا وإسبانيا بحاصرة منطقة الريف برا وبحرا، وقطع الغذاء عنها، إلى جانب تنفيذ هجمات متفرقة باستعمال الغازات السامة، وهو ما أجبر محمد الخطابي على تقديم نفسه كأسير حرب للاحتلال، من أجل وقف نزيف الدماء، وتفاديا لموت مزيد من الأرواح.

وبالرغم من نفي فرنسا وإسبانيا لاستعمال الأسلحة الكيماوية في حرب الريف، إلا أن العديد من المراقبين العسكريين والطيارين، اعترفوا فيما بعد، في كتب سيرهم الذاتية، بإمطار منطقة الريف بالغازات السامة، قبل أن تثبت تجارب عليمية لاحقة صحة الهجوم على أراضي الشمال المغربي بالأسلحة المحظورة.

وتؤكد روايات محلية بأن الهجوم الكيماوي كان يشبه الجحيم، حيث قالت سيدة تبلغ حاليا من العمر 74 سنة، في تصريح لـ “بناصا”، إن المناظر التي حكتها لي أمي، “رغم أني لم أعشها، وحتى والدتي لم تكن في مناطق القصف، بأن اللحم كان يسقط عن العظم لوحده، قبل أن يموت الشخص.. الأمر شبيه بما وقع في هيروشيما”، تضيف المتحدثة.

شيخ ثمانيني آخر، أوضح لـ”بناصا”، بأن جدته، “عثرت على قطعة حديدية كبيرة، أبعدتها عن المنزل، وقامت لتنظف المكان بالمكنسة اليدوية المصنوعة من نبتة الحلفة، قبل أن تفقد البصر لحظتها، وبعدها بساعات بدأ لحمها يفق تماسكه ويسقط.. قيل لنا إنها كانت تربطه بالملابس.. بعدها بحوالي يومين توفيت”، مشيراً إلى أن القطعة الحديدية كانت عبارةً عن “قنبلة كيماوية، وفق ما قالوه لنا فيما بعد”.

وعن الخبر الأخير المتعلق بتكليف الرئيس الفرنسي ماكرون للو روش، بالنظر في ملف الهجمات الكيماوية في حرب الريف، وإمكانية جبر الضرر ماديا، يقول الشخص السابق:”أي جبر؟ لا يمكن الحديث عن تعويض ما وقع، لأن الأمر جريمة حرب لم ولا ولن تغتفر”، مستطرداً:”لكن، وبما أني والجيل الحالي أيضا، لم نعش تلك الأيام، فإن تعويض الورثة يمكن أن يكون اعتذارا مقبولا من فرنسا”.

متحدث آخر رحب في تصريحه لـ”بناصا”، بقرار الرئيس الفرنسي تكليف لو روش بملف الهجوم الكيماوي على الريف، متمنيا أن يحذو ماكرون على منوالٍ لم يسبقه إليه أحد، ويقرّ بتعويض ورثة المتضررين من جرائم الحرب التي ارتكبها أسلافه في المنطقة، لأن ذلك سيكون اعتذارا من باريس، ومحاولةً منها لجبر الضرر الذي لحق سكان المنطقة.

يشار إلى أن فرنسا ليست وحدها التي ارتبطت بالهجمات الكيماوية على منطقة الريف المغربي، بل إسبانيا أيضا، نظرا لأنها كانت طرفاً في الحرب، بالإضافة إلى أن الشركة المصنعة للغازات السامة المستخدمة، تقع بالقرب من مدريد، إلى جانب علاقة ألمانيا هي الأخرى بهذه المأساة، على اعتبار أن المصنع الذي تعود إليه الغازات، أسس بمساعدة من هوغو ستولتزينبيرغ الصيدلاني المرتبط بجعات حكومية ألمانية.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي