طالب محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، النخب السياسية، بفتح نقاش عمومي حول إشكالية تنازع المصالح، وذلك بعد دفاع رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، داخل قبة المؤسسة التشريعية، عن استفادة شركة تابعة له، من صفقة تحلية مياه البحر، بذريعة عدم وجود أي مانع.
وقال الغلوسي، إن فوز مجموعة اقتصادية تابعة لرئيس الحكومة بصفقة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، تفرض على النخبة السياسية وكافة المهتمين فتح نقاش عمومي مسؤول حول إشكالية تنازع المصالح باستغلال مواقع الامتياز والمسؤولية العمومية، وطرح كافة الأسئلة المرتبطة بأهمية تخليق الحياة العامة وتعزيز حكم القانون”.
وأضاف الغلوسي، في تدوينة “فيسبوكية”، أن صفقة تحلية مياه البحر التي فازت بها شركة محسوبة على رئيس الحكومة، بمبلغ قيل بأنه يقدر بحوالي 650 مليار سنتيم، “تطرح نقاشا دستوريا وسياسيا وأخلاقيا، منطلقه الفصل 36 من الدستور ومقتضيات الفصل 245 من القانون الجنائي، فضلا عن ميثاق الأخلاقيات الذي دعا الملك، البرلمان إلى سنه”.
وتابع أن “رئيس الحكومة خرج، ومن داخل قبة البرلمان، ليدافع عن أحقية شركته في المشاركة ونيل الصفقة المذكورة لأنه لا شيء يمنعها من ذلك”، مردفاً: “أكيد أن الجميع سواسية أمام القانون أشخاصا ذاتيين ومعنويين، ولكن تلك المساواة لايمكن أن تتحقق إذا كان الشخص هو المسؤول عن الإدارة وهو رئيسها وهو نفسه الذي يحتل مواقع الامتياز والسلطة، وهو نفسه الذي يتوفر على إمكانية وسلطة التشريع (حكومة، برلمان)”.
واسترس رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أنه “رغم ذلك لم يبادر إلى إخراج القانون الذي يجرم تنازع المصالح انسجاما مع الفصل 36 من الدستور، وهو الفصل نفسه الذي يفرض على السلطات العمومية وضمنها طبعا الحكومة ورئيسها الوقاية من كل أشكال الإنحراف المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية وباستعمال الأموال الموجودة تحت تصرفها وبإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها ،والزجر عن هذه الإنحرافات”.
وأردف أن هذا الأمر، “يطرح السؤال: إذا لم تكن الحكومة ورئيسها هو المعني بخطاب الفصل 36 من الدستور، فمن هي الجهات المعنية؟”، متابعاً: “وتحيلنا مقتضيات الفصل 36 من الدستور على الفصل 245 من القانون الجنائي، والذي يبقى غير بعيد عن حالة صفقة تحلية مياه البحر، ذلك أنه وحسب الفصل المذكور، فإن كل موظف عمومي أخذ أو تلقى أية فائدة في عقد أو دلالة أومؤسسة أو استغلال مباشر يتولى إدارته أو الإشراف عليه، كليا أو جزئيا، أثناء ارتكابه الفعل، سواء قام بذلك صراحة أو بعمل صوري أو بواسطة غيره، يعاقب بالسجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات وبغرامة من خمسة آلاف درهم إلى مائة الف درهم…”.
وشدد الغلوسي على أن هذه الممارسة، “لا علاقة لها بالمساواة بين المتنافسين في الولوج إلى الصفقات العمومية، بل هي تجسيد فج لزواج السلطة بالمال واستغلال واضح لمواقع الامتياز والسلطة. والحال أن القضاء يعزل مستشارين جماعيين ورؤساء جماعات طبقا للقانون التنظيمي 113-14، بسبب تضارب المصالح، فيما رئيس الإدارة يمارس شكلا فاضحا لتنازع المصالح”، مؤكداً: “لو كنا في دولة الحق والقانون لما استطاع رئيس الحكومة أو أي وزير آخر أن يستغل موقعه الوظيفي لخدمة مصالحه بشكل مباشر أو غير مباشر”.
ونبه الغلوسي إلى أن وزيرة في السويد، حدث لها أن “استعملت بطاقة بنزين حكومية وقامت القيامة وقدمت استقالتها، لكن في بلدنا لا توجد حدود بين ممارسة السلطة وامتيازاتها والمصالح الذاتية”، متسائلاً: “هل تجرأ النخبة الحزبية والسياسية وبكل موضوعية ومسؤولية فتح النقاش السياسي والدستوري حول مجمل الإصلاحات المؤسساتية والقانونية وغيرها، الكفيلة بتدشين أسس بناء دولة الحق والقانون، والتي يصبح فيها الجميع مجبرا على الخضوع لقاعدة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟”.
تعليقات الزوار ( 0 )