أكد الملك محمد السادس، أن المملكة تتعرض لـ”هجمات مدروسة” من طرف “بعض الدول، والمنظمات المعروفة بعدائها لبلادنا”، منبهاً إلى أن “المغرب مستهدف، لأنه دولة عريقة ، تمتد لأكثر من إثني عشر قرنا، فضلا عن تاريخها الأمازيغي الطويل؛ وتتولى أمورها ملكية مواطنة، منذ أزيد من أربعة قرون ، في ارتباط قوي بين العرش والشعب”.
وقال الملك محمد السادس، إن استهداف المغرب، يأتي أيضا، لما “يتمتع به من نعمة الأمن والاستقرار، التي لا تقدر بثمن، خاصة في ظل التقلبات ، التي يعرفها العالم”، مشدداً على أنه “رغم ذلك، فالمغرب والحمد لله، معروف بسمعته ومكانته، التي لا نقاش فيها ، وبشبكة علاقات واسعة وقوية، ويحظى بالثقة والمصداقية، على الصعيدين الجهوي والدولي”.
وأضاف أن المغرب، على غرار بعض دول اتحاد المغرب العربي، يتعرض لـ”عملية عدوانية مقصودة”، منبهاً إلى أن الجهات التي تستهدف المملكة، لا تريد “أن يبقى المغرب حرا، قويا ومؤثرا”، قبل أن يتابع: “من الدول، خاصة الأوروبية، التي تعد للأسف من الشركاء التقليديين، تخاف على مصالحها الاقتصادية ، وعلى أسواقها ومراكز نفوذها، بالمنطقة المغاربية”.
وشدد الملك على أن “بعض قياداتها، لم يستوعبوا بأن المشكل ليس في أنظمة بلدان المغرب الكبير، وإنما في أنظمتهم، التي تعيش على الماضي ، ولا تستطيع أن تساير التطورات”، مردفاً أنهم “لا يريدون أن يفهموا، بأن قواعد التعامل تغيرت ، وبأن دولنا قادرة على تدبير أمورها، واستثمار مواردها وطاقاتها، لصالح شعوبنا”.
وفي هذا السياق، قال عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق السويسي بالرباط، إنه “من اللافت أن يخصص الملك محمد السادس جزء من خطاب العرش، وخطاب ثورة الملك والشعب، للحديث عن علاقات المغرب مع جيرانه، ومحيطه المغاربي والأوروبي، حيث أكد في المناسبة الأولى على العلاقات المغربية الجزائرية، وحالة التوقف التي تعرفها ودعوته للرئيس الجزائري لتجاوز الخلافات”.
وتابع بنلياس، في تصريح لجريدة “بناصا”، أن “المناسبة الثانية خصها للعلاقات التي تربط المغرب مع الفضاء الأوربي، متوقفا عند العملية العدوانية التي يتعرض لها المغرب، وبعض دول اتحاد المغرب العربي، وهي إشارة إلى دولة ليبيا، التي تستهدف من قبل القوى التي لم تتخلص من نظرتها الاستعمارية في تعاملها مع دول المنطقة المغاربية”.
وأوضح المتخصص في العلاقات الدولية، أن “الأمر يخص أساسا ألمانيا، وبشكل أقل فرنسا، وهما من الشركاء التقليديين للمغرب، وهي قوى لا تنطلق من التطور الذي يعرفه المغرب على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحقوقية، ولا من الأدوار التي أصبح المغرب يقوم بها على المستوى القاري والمتوسطي والدولي، ولا من العمل الوازن والفعال الذي يقوم به في محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية”.
ونبه إلى أن هذه الدول، تنطلق دائما “من مصالحها الاقتصادية والسياسية وتقوية مراكز نفوذها، حيث تستعمل في هذا الإطار جميع الوسائل والأساليب للتحكم في هذه الدول لاستدامة تبعية وخضوع هذه الدول لها بما يخدم مصالحها وأهدافها، دون أن تراعي مصالح الدول الأخرى، ولا طموحاتها المشروعة في التطور والتقدم والتموقع الجيوستراتجي”.
واسترسل أن الملك، أشار أيضا، إلى “ركنيين أساسيين سوف يحكمان علاقة المغرب مع دول الجوار، الركن الأول هو عدم المساس بمصالحه العليا وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية، والركن الثاني أن تكون هذه العلاقات بناءة ومتوازنة تراعي المصالح المتبادلة، وتقوم على التعاون والاحترام ومتطلبات حسن الجوار”.
وزاد: “ضمن نفس المنطق والنفس السياسي والدبلوماسي دخل المغرب مع الجارة الإسبانية، وبعيدا عن الأضواء في حوار شامل لم تكن الغاية منه بالدرجة الأولى وضع حد للأزمة الدبلوماسية غير المسبوقة، التي عرفتها العلاقات المغربية الإسبانية بسبب المواقف الغامضة والمتناقضة لحكومة مدريد، من قضية الوحدة الترابية، والتي تفجرت باستقبال إسبانيا لزعيم ميلشيات البوليساريو، بل وضع الأسس والمحددات التي تحكم العلاقات بين البلدين”.
وأكد أن هذه الأسس، “بكل تأكيد يجب أن تقوم على الثقة والشفافية والاحترام المتبادل والوفاء بالالتزامات كما جاء في الخطاب الملكي، وهي الأسس التي يجب أن يقوم عليها حسن الجوار، وهذه الأسس تفترض التعاون والتنسيق المستمرين بين البلدين على جميع المستويات في جميع القضايا المشتركة والملفات ذات الاهتمام المشترك، أو التي يكون أحد أطرافها معنيا بها بشكل مباشر أو غير مباشر”.
وأبرز بنلياس، أن المحدات التي يجب أن تحكم هذه العلاقات، هي “بكل تأكيد محددات سياسية تفترض تعزيز العلاقات الدبلوماسية التي تربط البلدين، ومن بينها التشاور والتنسيق حول القضايا السياسية الدولية والإقليمية، واقتصادية تعمل على تعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية بين البلدين بما يخفف من حالة التعارض في المصالح بين البلدين خاصة في المجال الفلاحي والصيد البحري، وأمنية تقوم على التنسيق والتعاون المتبادل لمحاربة الإرهاب والهجرة الغير المشروعة”.
مقال رائع أستاذي