بعد إعلان رئيس الحكومة تمديد حالة الطوارئ الصحية التي كان مقررا أن تنتهي اليوم، لـ3 أسابيع جديدة، ومقابل الإشادات التي لقيَها الإجراء، الذي يبتغي الحفاظ على الصحة العامة أمام انتشار فيروس كورونا، يتوقع عدد من الاقتصاديين أن تكون لهذا القرار تبعات أو تداعيات اقتصادية مكلّفة، نتيجة تأثيره على النشاط الاقتصاد الوطني.
يقول بعض الباحثين الاقتصاديين المغاربة إن من تمديد الحجر الصحي لثلاث أسابيع جديدة ستكون له لا محالة، تداعيات اقتصادية وتكلفة صعبة، مع تأثر العديد من الأنشطة الاقتصادية، مع الإشارة أن هذه التأثيرات ستنعكس أيضا على الوضع الاجتماعي لعدد من المواطنين.
ومن المرجح أن المغرب سيخسر خلال سنة 2020 مقارنة بسنة 2019 أهم روافد احتياطي العملة الصعبة، بسبب تداعيات هذه الأزمة الاقتصادية ويمكن تقدير الخسائر بتراجع أهم الصادرات جراء إرجاء أو إلغاء الطلبيات، وتشمل خصوصا، النسيج والفوسفاط.
وحسب المندوبية السامية للتخطيط في “موجز الظرفية خلال الفصل الأول من 2020 وتوقعات الفصل الثاني” فإن صادرات الملابس والنسيج، والتي تساهم بـ 11 في المائة في مجموع الصادرات الوطنية، ستعرف تراجعاً بسبب انخفاض الطلب الخارجي الموجه نحوها وخاصة من أوروبا، حيث ستنخفض صادرات النسيج بـ 4,3 في المائة خلال الفصل الأول من 2020.
أما صادرات الفوسفاط الخام ومشتقاته، والتي تُشكل ما يقرب 17 في المائة من مجموع الصادرات، فستشهد تراجعاً ملحوظاً خلال الفصل الأول من 2020، بسبب انخفاض الطلب الخارجي، وستتقلص قيمة صادرات الفوسفاط ومشتقاته بـ 40 في المائة في ظل تراجع أسعار الفوسفاط ومشتقاته وفي المقابل تزايد واردات القطاع الصحي وقطاع الحبوب، ويؤكَد أن هناك ربح متوقع من جهة الواردات بفضل تراجع أسعار المحروقات.
وفي السياق نفسه، يرجّح أن عجز ميزان الأداءات سيتعمق أكثر بعدما كان في متم 2019 في حدود 33 مليار درهم (3 مليار أورو تقريبا)، هذا بالإضافة إلى خدمة الدين الخارجي ومستحقات أرباح الشركات الأجنبية بالمغرب، التي تشكل مصدر نزيف إضافي من العملة، وجدير بالذكر أن هناك بموجة قلة التساقطات التي لا محالة ستثمر بسنة فلاحية غير مرضية نوعا ما.
وبخصوص النمو الاقتصادي، فقد توقعت المندوبية السامية للتخطيط، نموا يقدر ب 1.1٪ خلال الفصلين الأول من سنة 2020، ونموا سالبا بنحو 1.8٪ في الفصل الثاني من نفس السنة، وهذا يدل على أن الاقتصاد المغربي سيواجه حالة من الركود، الأمر الذي لم يسجَّل منذ مدة طويلة، في حين قبل جائحة فيروس كورونا المستجد، كانت التوقعات تشير إلى تحقيق نسب نمو ب 1.9٪ و2.1٪ في الفصلين الأول والثاني على التوالي.
وحسب المندوبية، يتوقع أن يتسبب تأثير الحجر الصحي على الاقتصاد الوطني، خلال شهر أبريل 2020، بضياع ما يقرب 3,8 نقطة من نسبة نمو الناتج الداخلي، خلال الفصل الثاني من 2020، وهو ما يعادل 10,918 مليار درهم عوض 4,1.مليار درهم خلال الفصل الاول.
وستساهم الخدمات المؤدى عنها بـ 2,49- نقطة في هذا التحول متبوعة بالصناعة التحويلية ب 0,39- نقطة، وذكرت المندوبية، أن هذه التوقعات ستبقى قابلة للتغيير موازاةً مع ظهور معطيات جديدة في ظروف تتسم بتزايد الشكوك حول مدة الأزمة الصحية وآثارها على الأنشطة الاقتصادية للبلاد، هذا فضلا عن حدة تأثير مختلف البرامج والتدابير المتخذة لدعم الاقتصاد الوطني.
وقد حدد الخبير الاقتصادي نوفل الناصري، أربعة قرارات يراها أساسية ومن شأن البدء في اتخاذها خلال هذه الأيام أن تساهم في إنعاش الاقتصاد الوطني بشكل كبير.
يتمثل القرار الأول، حسب الناصري، في رفع الحجر التدريجي على عدد من القطاعات الاقتصادية والإنتاجية، مذكرا في هذا السياق، أن عددا من هذه القطاعات استأنفت عملها خصوصا الشركات الكبرى التي تشتغل مثلا في صناعة السيارات، لذلك من الضروري أن تعود عدد من القطاعات الضرورية وذات الأولوية إلى الاشتغال بشكل تدريجي من قبيل قطاع البناء، مع الحرص بالتوازي مع ذلك على اعتماد بروتوكول صحي حازم وصارم.
ويرى عضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أن البؤر الاقتصادية التي تم تسجيلها كانت نتيجة عدم احترام البرتوكول الصحي الصارم والحازم الذي يتم اعتماده في مختلف المعامل والمصانع، مستدلا على ذلك بكون عدد من الشركات واصلت عملها في زمن كورونا ورغم ذلك لم تسجل أي بؤرة.
وفيما يتعلق بالقرار الثاني، وهو اللجوء إلى الطلبيات العمومية الوطنية، أفاد الناصري، أن هذا الإجراء سيحفز الدورة الاقتصادية الوطنية عن طريق ضخ الأموال الموجودة في خزينة المقاولات، وإرساء صفقات عمومية يخصص جزء منها للمقاولات الوطنية.
القرار الثالث، وفق الجهة ذاتها، يتعلق بضرورة لجوء بنك المغرب إلى اعتماد سياسة نقدية توسعية، أي ضخ سيولة مالية في الأبناك، والحرص على أن تضخ بالاقتصاد الوطني، عن طريق إعطاء قروض بفوائد جد جد منخفضة للمشاريع الاستثمارية والاستهلاك الأسري، مؤكدا أن هذا الإجراء سيعطي دفعة قوية للطلب الوطني، مما سيعد دعما مهما لاقتصادنا الوطني.
أما القرار الرابع، فيتجسّد في مواصلة الحفاظ على التوازن الاجتماعي، وموصلة تقديم الدعم للأسر المحتاجة في القطاعين المهيكل وغير المهيكل، مؤكدا أن هذا الدعم ليس نقود تهدر، وإنما هي نقود لها آثار إيجابي تضخ في الاستهلاك الوطني وترفع الطلب، ومن هنا تساهم في انتعاش الاقتصاد الوطني.
تعليقات الزوار ( 0 )