دخل المغرب على غرار العديد من دول العالم لمرحلة تقتضي ضرورة التعايش مع فيروس كورونا المستجد، ولم يعد ممكنا تحمل الإغلاق الكامل أو حتى الجزئي، للحياة والاقتصاد والحدود، ولم يعد أمام الحكومة لكي تنقذ نفسها جزئياً إلا التعايش مع الفيروس من خلال تخفيف إجراءات الحجر الصحي ورفع القيود تدريجيا على مجموعة من الأنشطة الاقتصادية رغم استمرار الإصابات يوميا، وهذا أمر متوقع.
الدخول إلى مرحلة التعايش
وتشير مجموعة من المؤشرات أن محاربة المرض والتعايش مع الفيروس، سيتم من خلال الإجراءات الاحترازية والسعي المتواصل للتوصل لعلاجات ولقاحات جديدة، وتسريع وتيرة البحوث والتجارب المتعلقة بها، ونجاح البشرية ونجاح أي دولة في إنجاز تعايش مع الوضع يرتكز أساساً إلى الوعي بأن المرض ما زال موجوداً ويجب تجنبه بالإجراءات وليس بالتراخي وسوء تقدير الوضع، فضلاً عن الاستعداد للأفظع.
فمسألة التعايش مع كورونا تحولت من احتمال إلى واقع بالنسبة للبشرية جمعاء لمدة غير محددة، وذلك في غياب لقاح فعال وأخذا بعين الاعتبار أن عملية إنتاج لقاح جديد تنطوي على خطوات متسلسلة عديدة يقتضي إنجاز كل واحدة منها فترة زمنية معينة، وهو ما يعني أن المسألة تتطلب شهورا من الأبحاث والتجارب، دون وجود أية ضمانة على أن هذه الخطوات ستنتج حتما لقاحا يقضي على الفيروس اعتبارا لوجود فيروسات لم يستطع العِلم القضاء عليها ودخلت بالتالي ضمن قائمة الفيروسات التي تتعايش معها المجتمعات.
اختبار جديد
وشرع المغرب في اختبار التعايش بعدما أشار العديد من المسؤولين لهذا المعطى، ثم تقرر تخفيف قيود الحجر الصحي بمعظم ربوع المملكة، مع تدابير موازية ومؤطرة للمرحلة فالدولة لا يمكن أن تتحمل لوقت طويل الآثار الاقتصادية والاجتماعية الوخيمة المترتبة على وقف عجلة الاقتصاد عن الدوران، ومضمون الاختبار الأساسي يمكن في التعــود على احترام وتطبيق الإجراءات الحاجزية والتباعد الاجتماعي، بشكل صارم في كل مناحي الحياة اليومية للوقاية من انتقال عدوى الفيروس وتفشيه داخل المجتمع.
تخوفات المغاربة
يشوب بين العديد من المواطنين التخوف من “تخفيف قيود الحجر الصحي”، والرسوب في امتحان التعايش، نظرا لما اعتادوا عليه طيلة فترة الحجر الصحي، بمشاهدة تقارير صحفية في الإعلام العمومي أو من خلال فيديوهات وصور منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، تُوثِقُ مظاهـر الاكتظاظ و الاختلاط في الأسواق الشعبية، حيث يظهر أغلب البائعين والمواطنين يتجولون إما دون كمامات أصلا أو بكمامات موضوعة تحت الذقن أو بكمامات متسخة منتهية الصلاحية وبالتالي لا تُفيد مُستعملها، زد على ذلك استهتار الشباب وغيرهم خاصة في أزقة الأحياء الشعبية بالمدن دون احترام لوسائل وسلوكيات الوقاية من انتقال عدوى الفيروس، ضاربين عرض الحائط خطورة الظرفية الصحية عليهم و على ذويهم.
وفي ظل هذه المظاهر التي تبُين تجليات الجهل وانعدام الوعي لدى “فئات” عريضة داخل المجتمع المغربي، نتيجةَ تدني مستويات التعليم والتربية والتوعية لديهم، ونتيجة لانتشار التفاهة وعدم تحرر العقول من عادات وتقاليد بالية، سيكون من الصعب على المجتمع المغربي بعاداته وتقاليده أن ينجح في اختبار التعايش مع الوضع الجديد الذي فرضته الجائحة.
تعليقات الزوار ( 0 )