شارك المقال
  • تم النسخ

بعد بلاغهما المشترك.. هل يتجه “المصباح” و”الجرّار” إلى التحالف في الانتخابات؟

عكس المعتاد، قرّر حزبا الأصالة والمعاصرة أقوى أحزاب المعارضة البرلمانية، والعدالة والتنمية قائد الائتلاف الحكومي وصاحب الأغلبية في المؤسسة التشريعية، إصدار بلاغ مشترك لإدانة الحملة الإعلامية المغرضة ضد المغرب، وللتنويه بما تحقق عبر التنسيق والتعاون بينهما على مستوى الجماعات الترابية.

وقال الحزبان في بلاغ مشترك لهما، عقب اجتماع قياداتهما أمس السبت، بالمقر المركزي لـ”البيجيدي” بالرباط، إن المجتمعين توقفوا عند تطورات ما بات يعرف بموضوع التجسس على الهواتف، معبرين عن رفضهم “مساعي جهات خارجية للإساءة للمملكة المغربية، عبر ترويج أخبار باختراق أجهزة هواتف لشخصيات عامة وطنية وأجنبية ومسؤولين في منظمات دولية”.

وأضاف البلاغ، أن الحزبين، استعرضا السياق الحالي المتسم بالاستعداد لخوض الانتخابات المقبلة، وما يعرفه من تفاعلات وتدافعات وممارسات، مؤكدين إرادتهما “المشتركة للإسهام في إنجاح تلك الاستحقاقات بنَفَسٍ وطني، بما يكرس المسار الديمقراطي لبلادنا ويثمن الاختيار الديمقراطي الذي ارتضته ثابتا دستوريا”.

وأعرب المصدر، عن رفض “المصباح” و”الجرار”، لـ “كل الأساليب الساعية إلى المساس بنزاهة وحرية الاقتراعات خصوصا عبر أساليب الاستعمال المريب للمال الانتخابي وكذا استعمال بعض أدوات الترغيب والترهيب ضد بعض الفاعلين الحزبيين، مما يستدعي اليقظة والتدخل الحازم من قبل السلطات المختصة للقيام بواجبها في صون الانتخابات المقبلة من عبث العابثين”.

وأكدا “على ضرورة تحمل كل الجهات الفاعلة في المسلسل الانتخابي لمسؤولياتها كل واحدة فيما يخصها، تحت سقف الدستور والقانون والتوجيهات السامية للملك الساهر على صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات”، منوهاً بما حققه التنسيق بينهما على مستوى الجماعات، ومؤكدان إرادتهما في تعزيز الشراكة الفعالة بينهما.

وحول هذا الاجتماع، قال سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إن الخطوة جاءت من أجل “التشاور في الكثير من القضايا على المستوى الوطني والحزبي، وكذا التشاور بخصوص الاستحقاقات الانتخابية المقبلة”، مضيفاً أن الحزبن يفكران في “استمرار الحوار السياسي في المستقبل يشمل جميع القضايا الخلافية أو فيها وجهات نظر متباينة بين الطرفين”.

ومن جانبه، أكد عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، أن اللقاء كان “صادقا وصريحا وواضحا”، معبراً عن شكره للعثماني، ولأعضاء الأمانة العامة لـ”البيجيدي”، ومؤكداً أن الخطوة تؤكد نضج القوى السياسية في البلاد، وأنها كانت “فرصة لمناقشة الاستحقاقات الانتخابة المقبلة”.

وأعادت الإشارات التي حملها البلاغ، وتصريحات وهبي والعثماني، بخصوص احتمال استمرار التنسيق والتعاون بين الحزبين، موضوع إمكانية تحالف العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، اللذان كانا من أشد الأحزاب تهجما على بعضهما البعض خلال حقبة زعامة عبد الإله بن كيران للأول، وإلياس العماري للثاني، خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

ويشترك الحزبان في المرحلة الراهنة، في إدانة استعمال المال واستغلال العمل الإحساني في استقطاب الأصوات المحتملة خلال الانتخابات القادمة، وهي الاتهامات التي وجهت إلى مؤسسة “جود”، التابعة للتجمع الوطني للأحرار، المرشح الأبرز لمنافسة “البيجيدي” على تصدر الاستحقاقات التي لا تفصلنا عنها سوى بضعة أسابيع.

وبالرغم من وجود أصوات عديد داخل حزب الأصالة والمعاصرة، تعارض بشدّة فكرة التحالف مع العدالة والتنمية، إلا أن عدداً من المحللين السياسيين، لم يستبعدوا حدوث ذلك، وتشكيل الحكومة المقبلة من “الجرار”، و”المصباح”، خصوصاً إن تمكنا من تحقيق نتائج كبيرة كتلك التي نالاها في الانتخابات التشريعية والجماعية الماضية.

وفي هذا السياق قال إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، إن “البلاغ المشترك، يأتي تتويجا لمسار المصالحة بين الحزبين الذي بدأ بعد وصول وهبي إلى قيادة البام، وفي الوقت نفسه، هو يدشن لمرحلة جديدة بين الحزبين، تقوم على أساس التعاون والتنسيق بين المؤسسات المنتخبة والمجالس المنتخبة التي قد يقودها هذا الحزب أو ذاك عقب الانتخابات المقبلة”.

وأضاف حمودي في تصريح لجريدة “بناصا”، أن البلاغ أيضا “يوسع من خيارات الحزبين معا، في تدبير المرحلة المقبلة، وخصوصاً المرحلة اللاحقة على الانتخابات التشريعية، بحيث سيكون البام في حال فوز العدالة والتنمية مرة أخرى، من الأحزاب المرشحة لتتواجد بجانبه في قيادة الحكومة، والعكس في حالة فوز البام قد يكون البيجيدي، في حال وافقت قواعده، مرشحاً للتفاوض من أجل أن يكون بحانب البام”.

وتابع المحلّل السياسي ذاته: “إذا البلاغ يوسع خيارات الحزبين، بحيث لن نسمع مجدداً عبارة الخطوط الحمراء، وبأن هذا الحزب خط أحمر أو ذاك خط أحمر”، مردفاً بأن “ما وقع هو انتصار أيضا للثقافة السياسية المغربية التي من عناصرها التوافق والتقارب والمرونة، وتأبى الاحتراب والاستقطاب السياسي الحاد كما نرى في دول أخرى، هذا الذي حدث”.

ونبه حمودي، إلى أن هذا الأمر، يبقى رهينا بـ”المعطيات السياسية لكل لحظة، وما وقع ليس قراراً نهائياً”، مؤكداً أن البلاغ المشترك “هو تتويج لمرحة واستشراف لأخرى، لكن الواقع يبقى سيدة نفسه، وقد يفرز ما يحول دون استمرار هذا التعاون، أو قد يفرز ما يمكن أن يدعم هذا التعاون ويقويه في المرحلة المقبلة”، مختتماً: “كل شيء ممكن”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي